سياسية

غارديان: السودان والجزائر… نهاية الثورات نادرا ما تكون سعيدة


حذر سايمون تيسدال المعلق السياسي بصحيفة غارديان البريطانية من أن الثورات نادرا ما تمضي إلى نهايات سعيدة، مشيرا إلى أن الأزمات التي تعصف بالسودان والجزائر وليبيا تشي باتساع الفجوة بين الحكام والمحكومين.
وقال في مقال بالصحيفة إن المؤسسة العسكرية والأمنية بالسودان التي ظلت قابضة على زمام الأمور طيلة ثلاثين عاما دون منازع “ليست لديها أدنى فكرة في كيفية التعامل مع الاحتجاجات الشعبية السلمية التي اجتاحت الخرطوم ومدنا أخرى الشهور الأخيرة”.

وأضاف أن العالم يراقب ما يجري في السودان، مشيرا إلى أن قادة الجيش هناك الذين درجوا على التأثير على مجريات الأحداث بقراراتهم “يواجهون اليوم تحديا جديدا كليا”.

غير مجدية
وتابع أن أولئك الجنرالات يدركون أنهم لن يستطيعوا استخدام القوة لوضع حد للاضطرابات لأن “خططهم لن تجدي فتيلا وعليهم من ثم التفاوض” مع المحتجين.

لكن المقال يحذر من أن الأمور قد تمضي إلى مسار خاطئ تماما، ففي حين يفتقر العسكر لأي خطة فإن تجمع المهنيين الذي قاد الحراك لديه رؤية كما هو واضح.

وقارن بين ثورتي السودان والجزائر. وقال إن السياسيين المدنيين الجزائريين ظلوا يسيطرون على الأمور عكس ما يجري بالخرطوم. ومع ذلك فهو يخشى ألا يتغير النظام الحاكم هناك أيضا. وضرب مثالا على ذلك بدعم رئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح للرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح الصديق الحميم لسلفه المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.

اتساع الفجوة
وانتقل الكاتب للتعليق على أحداث ليبيا، قائلا إن المواطنين هناك يفضلون حكومة ديمقراطية تشمل كل ألوان الطيف السياسي على حالة التشظي السياسي والعرقي والجغرافي التي ظلت تعصف بالبلاد منذ مصرع العقيد معمر القذافي.
احتجاجات بالجزائر الجمعة الماضية تطالب بتغيير النخبة الحاكمة (رويترز)

وعلق على ما يجري في السودان والجزائر وليبيا بالقول إن الأزمات في هذه الدول الثلاث تعكس مدى اتساع الفجوة بين احتياجات المواطنين العاديين والنخب الحاكمة “المتجذرة”.

ووفقا لتقديره، فهناك ثمة “اتجاه موازٍ” لذلك الذي تعاني منه دول شمال أفريقيا، يجد تجلياته في الحكم الاستبدادي الذي يروج لأفكار ذات نزعة قومية متعصبة تقوض مفهوم سيادة القانون، والحريات الفردية وحرية التعبير.

الرجل القوي
ويمضي المقال مؤكدا أن سلطة الرجل القوي أحكمت قبضتها على دول مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين “كما تجد مقلدين لها في الشرق الأوسط من تركيا إلى إسرائيل وحتى مصر ودول الخليج”.

ويردف بأن الحكام الطغاة لا يكتفون بممارسة هيمنتهم على بلدانهم، بل يسعون إلى التأثير على دول أخرى أيضا. واستشهد في ذلك بما يحظى به اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر من دعم من حكام السعودية والإمارات “غير المنتخبين الذين يرونه قريبا منهم”.

ويشير في الوقت نفسه إلى أن تلكما الدولتين وقفتا أيضا إلى جانب الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، وهما حريصتان كذلك على التأكد من أن الحكام الجدد سيبقون على ولائهم.

ديمقراطية الغرب
ويزعم المعلق البريطاني في مقاله أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضالعتان كذلك في تلك الأحداث، فكلتاهما تعتبران التعاون المتواصل بمكافحة الإرهاب في صدر أولوياتهما وليس الإصلاح الديمقراطي.

ويعتقد أن الضغوط الأميركية ربما تساعد في فهم الدوافع وراء استقالة وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف “المفاجئة” من رئاسة المجلس العسكري الانتقالي. فالرجل اتهمته الولايات المتحدة في السابق بالتورط في “المجازر” المزعومة التي ارتُكبت في إقليم دارفور غربي البلاد، ولذلك لم تر فيه زعيما يمكن لواشنطن أن تتعامل معه.

ونصح الكاتب في ختام مقاله الحركة المؤيدة للديمقراطية في السودان بالتصدي ليس للنخبة العسكرية والأمنية فحسب، بل أيضا لمحاولات التدخل في شؤون بلدهم من قبل الزعماء الأجانب “الأقوياء” الذين يقفون إلى جانبها “لمآرب أنانية”.

الجزيرة الاخبارية