“اركب بس”.. النقل مجانا للمعتصمين في السودان
“عندك.. ما عندك.. اركب بس”.. مبادرة تولدت من رحم اعتصام عشرات الآلاف من السودانيين المطالبين برحيل نظام الرئيس عمر البشير أمام مقر قيادة الجيش منذ السادس من أبريل/نيسان الجاري.
واقتبست المبادرة من شعار “ارحل بس” الذي ردده المحتجون حتى رحيل البشير، ورمت في مضمونها لمساعدة غير القادرين على الوصول لمحطات النقل العام بسبب الاكتظاظ الشديد مجانا.
الفكرة تبنتها شركة نقل خاصة لقيت استحسانا لافتا من المعتصمين، خصوصا في ظل شح الوقود وتفاقم الأوضاع الاقتصادية التي ألهبت الاحتجاجات.
ولأن مكان الحشد بعيد نسبيا من مراكز النقل العام الكائنة جنوب الخرطوم وبسبب إغلاق الطرق الحيوية التي تمر بها المواصلات العامة، كان آلاف المحتجين يقطعون خمسة كيلومترات يوميا سيرا على الأقدام للوصول إلى المكان.
وحينها حاولت الأجهزة الأمنية تدارك الوضع وتفريغ محطات النقل من التجمعات الجماهيرية منعا لتحولها إلى بؤر جديدة للتظاهر، فدفعت قوات من الشرطة والأمن بسيارات تخصها لنقل المواطنين مجانا.
ولقي الآلاف مشقة كبيرة في العبور من الخرطوم بحري وأم درمان إلى حيث مقر القيادة في الخرطوم بعد إغلاق جسرين حيويين لقربهما النسبي من مكان الاعتصام، فكان مشهد الراجلين على هذه الجسور يحكي معاناة حادة في الحصول على وسائل نقل.
دعم الثورة
يقول الشاب عمرو أحمد البشير الذي يدير الشركة التي تخصصت في بيع تذاكر النقل على تطبيق الهاتف، “لتخفيف معاناة المعتصمين استأجرنا حافلات لنقل الركاب مجانا من مقر الاعتصام إلى محطات النقل العام لتسهيل حصولهم على مركبات تنقلهم إلى مواقع السكن أو تساعد الراغبين في المشاركة بالحشد في الوصول إلى نقطة قريبة منه”.
ويوضح أنه يمكن أن يدفع الراكب قيمة الرحلة أو لا يفعل”، ويضيف ضاحكا “لكن بطبيعة الحال إلى الآن، لم يدفع أحد”.
وأوضح أن شركته رغم محدودية ميزانيتها “قدمت منذ بدء الثورة مجموعة من المبادرات المختلفة بينها الإسهام في ترحيل مئات الطالبات الجامعيات إلى ولايات مختلفة من السودان حين صدر قرار مفاجئ بتعليق العام الدراسي وإخلاء مقار السكن الداخلي”.
واستشهد بأحد المواقف قائلا “وجدت الطالبات أنفسهن فجأة بعد الرابعة عصرا بلا مأوى فتدخلنا بتوفير باصات لنقلهن إلى أسرهن مجانا وهو ما أوقع أثرا كبيرا في النفوس”.
ويتابع “الآن وبعد أن احتشد نحو مليوني شخص في مكان واحد، فأصبح الأمر مشكلة حقيقية أمام الراغبين في الرجوع والآملين في المشاركة، ورأينا أن نتدخل بما أننا نعمل بشكل أساسي في قطاع النقل”.
ويوضح عمرو أنهم لا يملكون أسطولا لكنهم متعاقدون بشكل أساسي مع 42 شركة نقل تنفذ يوميا 334 رحلة للولايات، وكذلك يعملون على حجز تذاكر القطارات، لكن استشعارا منهم بضرورة التدخل لمعالجة أزمة المواصلات في الخرطوم قرروا الدفع بحافلات نقل مستأجرة.
تجاوب
ويؤكد مدير المشروع عمار محمد عبد اللطيف أن المستفيدين من الخدمة “قابلوها بارتياح بالغ وأثنوا عليها بل طالبوا بأن تمدد بقية الأيام ولا تقتصر على فترة الاعتصام”، مشيرا إلى أنهم آثروا عدم تحصيل أي مبلغ رغم إمكانية ذلك للمقتدر”.
ويقول أحد الركاب ويدعى أحمد عوض إنه يتمنى أن تستمر المبادرة باعتبار أن العاصمة السودانية ما زالت تواجه أزمة في المواصلات معظم أيام الأسبوع خصوصا أنها تخفف معاناة الناس بشكل كبير، بما في ذلك الطلاب وغير القادرين على توفير أجرة المواصلات اليومي بشكل عام”.
كما يؤكد الصديق أبو العربي أحد المستفيدين من المشروع أن الفكرة مبتكرة وجديرة بالاحترام وسهلت لأعداد غفيرة وقت الاختناق.
من جانبه قال مدير الشركة إن فكرتهم طرحت لمعاونة الناس لثلاثة أيام لكنهم مستعدون لتمديدها، “خاصة وأن التجاوب معها كان منقطع النظير فسجل الترويج لها على صفحة “فيسبوك” خلال أقل من 24 ساعة 1290 مشاركة وأكثر من 248 ألف تعليق، علاوة على تفاعلات الجمهور المباشر في الميدان”.
الجزيرة الاخبارية
رائعين