رسائل الإرهابيين التي فشل العالم في فهمها .. من 11 سبتمبر إلى سريلانكا
مع انتهاء الجنازات بعد كل حادث إرهابي، تستمر التحقيقات ثم تبدأ لعبة اللوم، وبعد ذلك ينحرف اهتمام وسائل الإعلام نحو أحداث أخرى.
الحادث الأخير استهدف مصلين كاثوليك ونزلاء فنادق فاخرة في سريلانكا في أبريل/نيسان الجاري. والشهر الماضي كان الضحايا مصلين مسلمين أطلق عليهم الرصاص إرهابي أسترالي يؤمن بتفوق العرق الأبيض خلال صلاتهم في مسجد بنيوزيلندا.
وبعد قرابة عقدين من الهجمات التي شنها تنظيم القاعدة في نيويورك، أعلن البنتاجون وواشنطن عن حقبة جديدة من الإرهاب. ولكن هذا النوع من الإرهاب موجود معنا منذ وقت طويل، فالإرهاب في شكله الحديث يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر، والذي شهدت سبعينياته المئات من التفجيرات الإرهابية، وحوادث إطلاق النار والاختطاف في الولايات المتحدة.
فترة التسعينيات كانت دموية أيضاً، حسبما ذكرت صحيفة “الجارديان” البريطانية في تقرير نشرته اليوم، الإثنين.
ترى “الجارديان” أن الإرهاب جزء من كل حياتنا، أو كما يريد الإرهابيون. موضحة أننا نعلم الآن الكثير عن العنف المتطرف أكثر من أي وقت مضى، ولكن المأساة الأخيرة تحمل رسائل أخرى.
وجهة نظرنا محدودة للغاية
مع كل حادث إرهابي نشعر بالدهشة، الأمر الذي يفسر أننا نعاني نوعاً من فقدان الذاكرة المتعمد حول التطرف العنيف. ربما عدم تعرضنا للإرهاب بشكل شخصي يؤدي إلى تحديد مستوى الخوف الذي نشعر به بآخر شيء نراه أو نقرأه عن الإرهاب.
وإن كانت خلفية تفجيرات سريلانكا، بالنسبة لكثير من الناس، طرد تنظيم داعش الإرهابي من معقله الأخير في سوريا الشهر الماضي، فقد جاء الشعور بأن الحادث كان غير متوقع إلى حد ما.
خسارة داعش لآخر مناطقه الأخيرة في سوريا كانت هزيمة كبرى للتنظيم، وسيجد صعوبة في تنظيم هجمات إرهابية في معقله أو في الخارج دون البنية التحتية واسعة النطاق، والتربح من الضرائب والنهب، وموقع آمن لتدريب العناصر والتخطيط للعمليات، ولكن على الرغم من تقويض أيديولوجية التنظيم الإرهابي، فإنها لم تختف.
ما زلنا لا نفهم التطرف
نحن نعلم أنه لا يوجد موروث إرهابي، فعدد الإرهابيين العلمانيين على مر العقود، وموجة العنف اليميني المبني على أساس العرق أو الهوية العرقية وليس العقيدة، يدل على أن الدين ليس إجابة كافية.
علاوة على ذلك، العديد من الإرهابيين لم يكونوا ملتزمين دينياً في بداية تطرفهم، وبعضهم لم يكن كذلك أيضاً بعد تطرفه. فهناك أمثلة على متطرفين أوروبيين كانوا يتعاطون المخدرات ويذهبون للملاهي الليلية قبل تجنيدهم من قبل داعش.
إذن لا توجد إجابة واحدة على سبب التطرف؛ فالأفراد ينجذبون للإرهاب بنفس الطريقة التي ينجذبون بها للسلوكيات المتطرفة الأخرى. ومثال على ذلك، بعض منفذي هجمات سريلانكا كانوا ينتمون لعائلات ثرية ومتعلمين، الأمر الذي فاجأ البعض، ويدل على عدم وجود رابط بين الفقر والأعمال المتطرفة.
[هجمات 11 سبتمبر] السياسات محلية وكذلك التطرفمنذ أكثر من 20 عاماً، انحرفت رؤيتنا للأعمال الوحشية التي ارتكبها متطرفون تحت ستار الإسلام بسبب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. ولكن الإرهابيين نادراً ما يأتون من الخارج لتنفيذ هجوم، كما فعلوا في ذلك الوقت.
وينفذ معظم الإرهابيين هجماتهم بالقرب من المكان الذي يعيشون فيه. ويظهر ذلك في تفجيرات سريلانكا، فزعيم الشبكة المدبرة للهجمات كان يسكن في قرية على بعد ثلاث ساعات من العاصمة كولومبو التي شهدت المجزرة، وينطبق الأمر على المنفذين الأربعة الذين تم التعرف عليم.
مكافحة الإرهاب أمر محلي
من البديهي القول إن الهجمات الإرهابية تعتمد على الإخفاقات الأمنية، ولكن أوجه القصور التي سمحت بحدوث تفجيرات سريلانكا تبدو صارخة.
المتمردون المخضرمون العائدون من سوريا لم تتم مراقبتهم، أو اعتقالهم، أو استجوابهم. فضلاً عن عدم التحقيق مع مشتبه بهم ألقي القبض عليهم خلال مداهمة معسكر تدريبي في يناير/كانون الثاني الماضي، على الرغم من العثور على متفجرات هناك.
وكالات الاستخبارات في العالم تعكس نقاط القوة والضعف في أي مجتمع أو دولة، وبالتالي، فإن أي نظام سياسي فاسد ستكون خدماته الأمنية فاسدة، وتنظيم داعش يعرف ذلك.
[أحد المواقع التي شهدت الحوادث الإرهابية في سريلانكا]التطرف قد ينتهي لكن العنف سيستمر
المشكلة الأساسية للجماعات الدينية المتطرفة هي أنه في كل محاولة لهم للاستيلاء على الأرض لتكوين المجتمع الذي يحلمون به، تنتهي جهودهم بالفشل.
ويوصي العديد من الاستراتيجيين الإرهابيين بتنفيذ هجمات قوية لتخويف الأعداء، وحشد المؤيدين، وإضعاف هياكل الدولة بشكل كاف لتدميرها، مما يسمح بوجود فراغ فوضوي ودموي يمكن استغلاله لتكوين كيان متطرف.
ويتمثل التحدي الذي يواجهه المتطرفون في العثور على دولة ضعيفة يمكنهم النجاح فيها، مثل العراق بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، وأفغانستان في تسعينيات القرن الماضي. الأمر الذي يتكرر منذ بداية صعود موجة التطرف في الشرق الأوسط في أوائل سبعينيات القرن الماضي.
بالتالي، فإن الأخبار الجيدة هي أن التطرف الديني لن يحقق أي تقدم في أي وقت قريب، وأن ظهور العالم الذي يحلم به المتطرفون لن يحدث. ولكن ذلك يعني أن هناك أخبارا سيئة أيضاً، تتمثل في استمرار المتطرفين في عنفهم لبث الرعب في حياة الأبرياء.
بوابة العين الاخبارية