سياسية

السودان.. يوم الاعتصام الدامي.. القاتل مجهول والعسكر بدائرة الاتهام


مندسون وخلايا نائمة من بقايا النظام البائد؛ إجابات قدمها المجلس العسكري في السودان لم تشفِ غليل السائلين عمن أطلق النار وقتل وأصاب العشرات من المعتصمين والجيش في أكثر أيام الاعتصام دموية منذ السادس من أبريل/نيسان الماضي.

وهي حالة اللبس ذاتها التي اعترت ذوي الرائد “كرومة” وهم يثيرون الأسئلة نفسها والجثمان مسجى داخل باحة القيادة العامة للجيش، على رئيس المجلس العسكري الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان حميدتي.

وما إن انتهى لواء في الجيش -كان مسؤولا عن فتح شارع النيل بمحيط الاعتصام أغلقه المحتجون- من سرد رواية مفادها أن “كرومة” أصيب برصاص قناصة من أعلى كوبري (جسر) النيل الأزرق، حتى بادره أحد ذوي القتيل: “إذا كانت هذه الرواية صحيحة فكيف أصيب من الخلف طبقا لتقرير الطبيب الشرعي؟”.

ستة قتلى بينهم ضابط في الجيش، إضافة إلى أكثر من مئة مصاب بالرصاص الحي، هي حصيلة أحداث مساء الاثنين؛ وما زالت التهمة حتى الآن موجهة لمجرد أشباح.
الفريق الركن عبد الفتاح البرهان وكبار قادة الجيش يؤدون صلاة الجنازة على الرائد كرومة داخل القيادة العامة للجيش (الجزيرة نت)
الفريق الركن عبد الفتاح البرهان وكبار قادة الجيش يؤدون صلاة الجنازة على الرائد كرومة داخل القيادة العامة للجيش (الجزيرة نت)

سياسة التنصل
قوات الجيش والدعم السريع وجهاز الأمن والمخابرات اتبعت سياسة التنصل وهي تصدر بيانات تنفي فيها إطلاق عناصرها الرصاص على المعتصمين في شارع النيل.

وعزت قيادات المجلس العسكري التصعيد وخروج الأمور عن السيطرة إلى إغلاق شارع النيل القريب من محيط الاعتصام.

وقال البرهان عقب صلاة الجنازة على الرائد كرومة إن ثمة جهات “مندسة” تحاول إجهاض الاتفاق الذي تم يوم الاثنين بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، لإرجاع الزمن للوراء إلى ما قبل 11 أبريل/نيسان، يوم سقوط النظام، وتعهد بالقبض على الجناة ومحاسبتهم.

وذهب مراقبون إلى أن قوائم الإحالة للتقاعد بين ضباط الجيش والشرطة التي أصدرها المجلس العسكري، ربما دفعت أنصار النظام المخلوع للتعجيل بخطط تخريبية خاصة بعد التقدم في المفاوضات حول تشكيل الهياكل الانتقالية.
محاولة إسعاف أحد الجرحى (الجزيرة نت)
محاولة إسعاف أحد الجرحى (الجزيرة نت)

مصادر النيران
مصادر النيران التي أطلقت الرصاص على المعتصمين والقوة المشتركة من الجيش والدعم السريع التي كانت تباشر إزالة المتاريس والأنقاض من شارع النيل، مصدرها ثلاث جهات بحسب ضباط كانوا لحظتها في الميدان.

ووفقا لهؤلاء، فقد انحصرت مصادر إطلاق النار في الضفة اليسرى من النيل الأزرق، وأعلى جسر المك نمر وجامعة الخرطوم.

ويقول اللواء عثمان محمد حامد مسؤول العمليات في قوات الدعم السريع، “أثناء عمل قوة مشتركة في فتح شارع النيل فوجئت برصاص من أعلى كوبري النيل الأزرق وجامعة الخرطوم”، وحذر من أن التصعيد وراءه جهة “مندسة”.

بدوره قال اللواء مكي أحمد حامد “لحظة رفع الحواجز تعرضنا لإطلاق نار من الكوبري والجانب الأيسر للنيل”، بينما ذكر المتحدث باسم المجلس العسكري الفريق شمس الدين كباشي أن رصاصات انطلقت من ناحية الكوبري.
محتجون يحاولون إغلاق أحد الشوارع المحيطة بالاعتصام لمنع تقدم القوات (رويترز)
محتجون يحاولون إغلاق أحد الشوارع المحيطة بالاعتصام لمنع تقدم القوات (رويترز)

لائحة الاتهام
أما لائحة الاتهام، فقد حصرها كل قيادات الجيش والمجلس العسكري خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد بوزارة الدفاع في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، في مندسين تحفظوا عن ذكر هويتهم على وجه التحديد.

ويقول اللواء “حذيفة” مسؤول الاستخبارات العسكرية إن مندسين ومتفلتين تحت الرصد استهدفوا القوات المسلحة، مضيفا أن لدى الاستخبارات معلومات كاملة بشأن أسلحة تحوزها هذه الجهات فضلا عن خطط لاستفزاز الجيش.

ولم يستبعد مسؤول الاستخبارات تورط أطراف من الحركات المسلحة غير راضية عن التفاهمات التي تمت مع قادة هذه الحركات.

في الأثناء، حمّل المتحدث باسم المجلس العسكري خلايا نائمة تعود للنظام البائد مسؤولية إطلاق النار، قائلا إن هذه العناصر لديها أسلحة وهي مندسة بين المعتصمين وقد استغلت أجواء التصعيد من قبل المحتجين لتنفيذ خططها.

تجمع المهنيين
وبالرغم من أن البيانات الصادرة عن تجمع المهنيين -المتبني للاعتصام- وجهت أصابع الاتهام لما سمتها بقايا وأذيال النظام “الساقط” التي تريد اختطاف الثورة وتخريبها، فإن نشطاء بارزين في ميدان الاعتصام يحمّلون المجلس العسكري مسؤولية الأحداث.

وقال ناظم سراج على حسابه في فيسبوك “كل مصابٍ التقيناه أكد أن من أطلق الذخيرة الحية وقام بضرب الثوار بالعصي والسيخ هم أفراد من الدعم السريع، والدليل سيارات الدفع الرباعي التي كانت معهم وتحمل (ق د س) بلونيها المعروفين في شارعي النيل والجامعة، ومن ناحية مفوضية العون الإنساني وشارع مدينة المعلم الطبية”.

واتهم سراج المجلس العسكري بممارسة التدليس والتغطية على “المندسين”، لجهة أن قوات الجيش والدعم السريع لم تتعامل مع مصادر النيران التي استمرت أربع ساعات بعد الإفطار.

ودوّن الناشط عز الدين جعفر في فيسبوك “المجلس العسكري فطر بدم المعتصمين وتسحر بالكذب”.

ويسيطر التوتر على ميدان الاعتصام حتى صباح الثلاثاء، لكن إزالة الاحتقان ستكون مرهونة بتوصل المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير لاتفاق نهائي، فضلا عن تقديم العسكر لمتهمين حقيقيين بدلا من متهمين مجهولين في أحداث شارع النيل.

أحمد فضل-الخرطوم
الجزيرة نت


‫3 تعليقات

  1. من قراءتي للخبر فقط أقول أن من أطلق النار ليس من مصلحته فض الاعتصام أو فتح الطرق وهذا لا ينطبق على الجيش ولا الدعم السريع ولا مليشيات المؤتمر الوطني المخلوع.
    اللهم جنب بلادنا الفتن ما ظهر منها وما بطن..
    دعواتكم يا مسلمين وصلواتكم يا مسيحيين..

  2. أنا أيضا أرجح ما أنتهى إليه وليد بإستثناء:
    ١- الأمور ليست دائما كما يبدو.
    ٢- صلوات المسيحيين لا حاجة لنا بها خاصة في مثل هذه الظروف.
    (لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِیحُ ٱبۡنُ مَرۡیَمَۚ قُلۡ فَمَن یَمۡلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ أَن یُهۡلِكَ ٱلۡمَسِیحَ ٱبۡنَ مَرۡیَمَ وَأُمَّهُۥ وَمَن فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰاۗ وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَیۡنَهُمَاۚ یَخۡلُقُ مَا یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ)
    {المائدة ١٧}