لماذا أسعار وأجور نجوم كرة القدم خيالية … ومن يحصد الثمار
يبلغ الراتب السنوي لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية 400 ألف دولار، فيما يبلغ الراتب الشهري فقط للنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي أكثر من 9.5 مليون دولار، أي أن ميسي يجني في أقل من أسبوع، ما يجنيه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية خلال فترته الرئاسية الكاملة (4 سنوات).
وكان أول لاعب قد قبض مبلغا من المال لقاء لعبه لكرة القدم كان عام 1885، عندما سمح للاعبين رسميا للاعبين بتلقي أجور لقاء ممارستهم لكرة القدم، إلا أن أجور اللاعبين لم تكن تزيد على أي مهنة أخرى، ويكفي ذكر أن متوسط دخل اللاعب السنوي كان عام 1957 كان يبلغ 1600 جنيه استرليني، أي ما يعادل بأرقام هذه الأيام 75 ألف جنيه، وهو رقم صغير يجنيه بعض اللاعبين، في أيام قليلة.
أما أسعار اللاعبين الفلكية فحدث ولا حرج، حيث يقال عن اللاعب رخيص السعر، إذا ما بيع من ناد إلى آخر بأقل من 50 مليون يورو على سبيل المثال، وهو مبلغ كبير يمكنه أن يفعل الكثير في أيامنا هذه، مع العلم أن مجلس العموم البريطاني اجتمع عام 1938 لمناقشة موضوع الصفقة الكبيرة للاعب براين جونز، والذي انتقل من وولفرهامبتون إلى أرسنال مقابل 14 ألف جنيه استرليني.
عرضت شبكة “سكاي” الشهيرة مبلغ 191 مليون جنيه من أجل الحصول على حقوق البث الحصرية للدوي الممتاز لمدة 5 سنوات، ليكون أول مبلغ مجنون يدخل إلى عالم كرة القدم، ولتكر حبات السبحة من بعدها، حيث تسابقت الشركات للحصول على صفقات وعقود احتكارية، كانت وقودا أشعل هذه اللعبة، لتنتقل العدوى إلى باقي أنحاء أوروبا، ومن بعدها إلى جميع أنحاء العالم، وإن كانت بنسب أقل من القارة العجوز.
هذه العقود والأموال الكبيرة وفرت سيولة مالية للأندية، جعلتهم قادرين على إغراء اللاعب الذين يريدونه، وبدأت المزايدات من أجل الحصول على أفضل اللاعبين، لتصل إلى أرقام خيالية، وإن كانت صفقة البرازيلي دينيلسون عام 1998 قد أحدثت ضجة كبيرة، بعد انتقاله من ساوباولو البرازيلي إلى ريال بيتيس الإسباني، بمبلغ 21.5 مليون يورو، فقد تضاعفت عشر مرات لتبلغ 222 مليون يورو في صفقة انتقال مواطنه نيمار من برشلونة الإسباني إلى باريس سان جيرمان الفرنسي.
ويرى الصحفي الرياضي هاني سكر في حديث “لسبوتنيك” أن هذه أرقام الصفقات وأجور اللاعبين تجاوزت حدود المعقول، وأصبحت تقارن بميزانيات بعض الدول، ويستدرك: هناك بعض اللاعبين رفضوا هذه الأمور كاللاعب البولندي كوبا الذي قال بأن راتب لاعب كرة القدم يجب أن يساوي راتب رجل الإطفاء.
كما أن حياة لاعب كرة القدم لم تعد ملكه، وهم فقط ملزمون بالقواعد والتعليمات لكسب المال، وهو ما تحدث عنه الويلزي غاريث بيل عندما قال أن اللاعبين أصبحوا كالماكينات، وحياتهن ليست لهم.
ويكمل الصحفي السوري: الأندية ستستمر في التعامل مع قوانين الاتحاد الأوروبي، والخطر القادم هو الضغط المتزايد على اللاعبين، حيث أن الموسم كان عبارة عن بطولتين أو ثلاثة يشارك فيها الفريق، لكن الآن أصبح هناك العديد من البطولات، وأصبح لدينا بطولة كأس العالم للأندية كل 4 سنوات، يشارك فيها 32 فريقا، ودوري الأمم الأوروبية، كما أن كأس العالم سيكون من 48 منتخبا، وكل هذا يزيد عدد المباريات على اللاعب والضغط عليه، وليس هناك من يهتم بكونهم بشر وليسوا آلات.
لا شك أن لكرة القدم شعبية جارفة، وتابع المونديال الروسي عام 2018 أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية، وهم المحرك الحقيقي لهذه اللعبة، لكن انعكاسات أجور اللاعبين وصفقاتهم الضخمة تأتي على جماهير الكرة، فارتفعت أسعار التذاكر أضعافا عما كانت عليه، وبات بث المباريات حكرا على القنوات المشفرة المدفوعة، لتصبح كرة القدم لعبة للأغنياء بعد أن كانت ولعقود طويلة رياضة الفقراء.
سبوتنيك