(مليونية الشهداء) تغطي الشوارع
غطى السودانيون الشوارع في الخرطوم والولايات تخليداً لشهداء ثورة ديسمبر المجيدة وشهداء فض الاعتصام.
وأستجابت أعداد هائلة من المواطنين في العاصمة والولايات لدعوات قوى إعلان الحرية والتغيير, وسيروا مواكب سلمية أطلق عليها (مليونية الشهداء وتسليم السلطة للمدنيين).
وقالت مصادر لـ”الجزيرة” إن ثلاثين متظاهراً على الأقل أصيبوا في محاولة لقوات الأمن تفريق مظاهرات في أم درمان، فيما منعت قوات الدعم السريع المتظاهرين القادمين من أم درمان من عبور جسر النيل الأبيض.
ووصلت مواكب مليونية لمنازل شهداء الثورة في الخرطوم والصحافة وأركويت وجبرة والديم والعباسية والموردة الثورات والمزاد ببحري والشعبية وشمبات.
معلم الشعوب
ولأول مرة في تاريخ الشعوب تخرج مواكب في مدن مختلفة بالعالم لشعب واحد وفي توقيت واحد, وخرجت مواكب سودانية تزامناً مع المواكب في السودان التي انطلقت في الواحدة ظهراً بتوقيت الخرطوم في 4 مدن بريطانية وأخرى في باريس واسلو والولايات المتحدة وألمانيا وهولندا وبعدد من العواصم العربية.
تدفق المواكب
وقبل ساعات من بداية المواكب نشرت السلطات بكثافة غير مسبوقة قوات عسكرية بجميع الشوارع المختلفة بالعاصمة بيد أن المظاهر العسكرية لم تفلح في كبح جماح تدفق المواكب المليونية للشوارع التي سبقتها حركة سيارات عالية للغالية تحركت في شكل مجموعات وعلى متنها مواطنين يحملون الأعلام ويطالبون بحكومة مدنية والقصاص من قتلة الشهداء.
مواكب الخرطوم
وفي الخرطوم تدفق الآلاف من أحياء المدينة المختلفة نحو منازل الشهداء فضلاً عن تسيير مواكب مختلفة التقت جميعها في نفق “عفراء” بشارع المطار، وهتف الآلاف لساعات ضد المجلس العسكري وقياداته والمطالبة بتسليم السلطة لمدنيين، بينما تحرك البعض نحو القصر الجمهوري بشارع محمد نجيب بعد إغلاق شارع المطار عند “محطة وقود النحلة” بواسطة قوات الدعم السريع والشرطة.
موكب الكوبري
وفي ملحمة نضالية نادرة سير الآلاف من المتظاهرين موكباً بهيجاً من شرق النيل إلى الخرطوم عبوراً بكوبري “المنشية” وشكل المتظاهرون صور بهية وهم يملأون الكوبري من أوله لآخره سيراً على الأقدام. وشهد شارع “المعونة” و”المزاد” ببحري أضخم موكب تشهده مدينة بحري بنزول مئات الآلاف للشوارع.
شهيد عطبرة
وعلقت على متن السيارات العسكرية المدججة بالجنود والسلاح التي تم نشرها بالعاصمة أعلام السودان, بينما أعلنت لجنة الأطباء المركزية استشهاد متظاهر عشريني يسمى (خالد) بعطبرة إثر إصابة برصاصة في الصدر وإصابة آخرين بالرصاص مع انطلاق (المسيرات المليونية).
إحصائية الصحة
وكشف وكيل وزارة الصحة الاتحادية المكلف د .سليمان عبدالجبار عن وفاة 7 واصابة 181 شخص منهم 27 بطلق نارى والبقية اصابات مختلفة من جراء المظاهرات.
واضاف لسونا ان هناك 10 اصابات من النظاميين منهم 3 اصابات من قوات الدعم السريع بطلق نارى وبقية الاصابات برشق بالحجارة مضيفا ان هناك 50 من الاصابات نتيجة للتدافع بالسلك الشائك.
ومن ناحيتها أعلنت لجنة الأطباء المركزية استشهاد (4) مواطنين في أم درمان مما يرفع عدد الوفيات إلى خمس وفيات، ووجود إصابات حرجة بالطلق الناري تتلقى العلاج في مستشفيات الخرطوم.
وافادت اللجنة وقوع (4) اصابات بالخرطوم و(10) ببحري و(58) اصابة بام درمان، فضلاً عن (13) اصابة بالقضارف و(8) بكسلا و(7) بالابيض.
ثورة أبدية
وأغلقت السلطات أسواق بحري والخرطوم وأم درمان بالعاصمة، وأمرت عدداً من أصحاب المحلات التجارية في الشوارع الرئيسة داخل العاصمة بإغلاق محلاتهم التجارية. وردد الآلاف من المتظاهرين في مناطق بحري وأم درمان والخرطوم هتافات ورفعوا شعارات تطالب المجلس العسكري بتسليم السلطة للمدنيين منها (حكومة مدنية أو ثورة أبدية).
التوجه للقصر
ودعا تجمع المهنيين بعد بداية المواكب بساعتين إلى التوجه للقصر الجمهوري في الخرطوم. وقال التجمع في بيان نشره على حسابه على تويتر: (ندعو شعبنا الثائر في العاصمة إلى التوجه للقصر الجمهوري، ونهيب بالجماهير الثائرة في كل مدننا وقرانا في الأقاليم الاتجاه بالمواكب صوب الساحات التي تحددها لجان الميدان)، فيما أطلقت القوات الأمنية الرصاص المطاطي والحي والبمبان لمنع المتظاهرين من الوصول للقصر بعد أن وصلوا شارع القصر عند معمل (إستاك).
ميادين الأحياء
وبعد ساعات من انتشار المواكب بكل أرجاء العاصمة المثلثة أصدرت الحرية والتغيير بياناً دعت فيه المتظاهرين للتوجه لميادين الأحياء، وحددت ميدان (الاتحاد) بالديم لموكب شارع محمد نجيب وميدان المولد (سوق الخيمة) لموكب شارع المطار وبري وشرق النيل، فيما حددت لثوار أم درمان ميدان الأهلية بالملازمين لجميع المواكب، وحددت لمواكب بحري ميدان الحرية بـ (المزاد).
مواكب المدن
وشهدت مدن بورتسودان وكسلا ومدني وأربجي وسنار وأم روابة والأبيض وزالنجي والضعين والقضارف وعطبرة وبربر وكوستي والحصاحيصا ودنقلا وكريمة وأرقي والفاو ومدن وقرى أخرى بعموم البلاد مواكب مهيبة وضخمة جابت شوارعها وأزقتها. وعد ناشطون موكب بورتسودان الأكبر ضمن المواكب بالولايات.
اتفاق عاجل
وفي خضم المواكب دعا نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى اتفاق عاجل وشامل مع قوى الحرية والتغيير. وقال في كلمة أمس: (نسعى لتحقيق سلام شامل في السودان لا يقصي أية جهة). وأكد أن مهمة المجلس الانتقالي هي حماية الثورة السودانية. وواصل قائلاً: (مسؤوليتنا حماية المسيرة المليونية، ولكن لا نضمن المندسين).
تظاهرات بشروط
ومن جهته قال عضو المجلس العسكري ياسر العطا إن المجلس أعطى موافقته على التظاهرات التي تعم الخرطوم بشروط لم يتم احترامها جميعها من قبل تجمع المهنيين.
وقال العطا لـ (العربية) : (اتفقنا مع قوى الحرية والتغيير خلال اجتماع وبحضور عدد من السفراء على السماح بقيام المسيرة شرط أن تلتزم بالمناطق المحددة).
وتابع قائلاً: (أبلغنا قوى الحرية والتغيير أن الأجهزة النظامية المنتشرة على مدى مناطق التظاهر هي لحماية المتظاهرين، إلا أن القوات الموجودة بالقرب من المناطق السيادية وجودها يهدف لحماية المرافق الحيوية للدولة).
وأوضح العطا أن المجلس أكد لقوى الحرية والتغيير أن عدم الالتزام بالمناطق والنقاط المحددة للتظاهر قد يُحدث عواقب وخيمة. وتابع قائلاً: (تجمع المهنيين لا يرد على اتصالاتنا، ولم يلتزم بما تم الاتفاق عليه، وبعض قيادات التغيير تنصلت من المسؤولية).
إطلاق البمبان
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على متظاهرين في ثلاثة أحياء من الخرطوم، أثناء المظاهرة الحاشدة بعد أول مليونية عقب فض اعتصام القيادة العامة في الثالث من يونيو.
واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع في منطقة بحري وفي منطقتي المعمورة وأركويت ضد المتظاهرين الذين كانوا يهتفون (حكم مدني حكم مدني)، كما أطلقت القوات الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين في مدينة القضارف بحسب ما أفاد شهود (وكالة الأنباء الفرنسية).
الشهيد وليد
وفي السياق جزم القيادي بقوى الحرية والتغيير إبراهيم الشيخ بعدم المساومة في الدولة المدنية، وقال ” لا خيار إلا مدنية كاملة ودستور مدني كامل ولا يستطيع أي أحد من الحرية والتغيير أن يخون هذا الشعب ولا يستطيعون أن يعودوا ويتركون هتافات ومطالب الشعب ورائهم”.
وأكد إبراهيم خلال مخاطبته الآلاف من الثوار أمام منزل الشهيد وليد بالمزاد أمس أن قوى التغيير لن تسد باب التفاوض مع المجلس العسكري، وقال “قلنا لو أن هذه البلاد سوف يخرجها من الدم والاحتراب التفاوض نحن سوف نسلك طريق التفاوض”، وأضاف قائلاً “حتى نحقق الدولة المدنية دولة السلام والعدالة والحرية التي ضحى من أجلها الشهداء بدمائهم الغالية. وأوضح أن المجلس العسكري لديه بعض التحفظات على المبادرة الأفريقية الإثيوبية، وقال “خيرنا المجلس بين قبول المبادرة كاملة او تركها”.
نبض الشارع
وأعلن إبراهيم عن التزام قوى الحرية بنبض وأصوات وهتافات الشارع ودماء الشهداء حتى تحقق جميع مطالبهم. وأوضح أن قوى التغيير حولت سير المواكب من القصر الى منازل الشهداء بالأحياء نسبة لإغلاق الجسور وإحاطه القصر بسيارات كثيفة والآلاف من الجنود، وذكر” لا نريد أن نصدم او نحتك معهم”.
رصاص القناصة
وفي سياق متصل، أصيب نحو 30 شخصاً بينهم 4 من قوات الدعم السريع برصاص قناصة وفقاً لمصادر, ونقل (3) من المواطنين المصابين الى مستشفى ام درمان، فيما نقل (7) آخرين الى مستشفى السلاح الطبي لتلقي العلاج.
اقتحام مستشفى
فيما اقتحمت قوات أمنية تابعة للمجلس العسكري مستشفى القضارف وأطلقت الرصاص الحي داخل حرم المستشفى وفقاً لبيان صادر من لجنة الأطباء المركزية، معلنة وقوع عدد من الإصابات.
حصار الوالي
وفي سياق متصل، أغلق متظاهرون جميع الطرق الداخلية بالقضارف وحاصروا والي الولاية داخل مكتب أمانة الحكومة, وأطلقت في ذات الأثناء قوات عسكرية النار في الهواء لفتح الطريق لإخراج الوالي.
ووفقاً لمتابعات (الإنتباهة)، أصيب العشرات بطلقات نارية بينها 3 إصابات خطيرة نقلت اثنين منهما الى الخرطوم. بالمقابل قررت السلطات تعليق الدراسة أمس بالمدينة.
وفي سياق غير بعيد ألقت السلطات بالقضارف القبض على (17) شخصاً من الأطباء والمعلمين والمحامين من أعضاء قوى الحرية والتغيير بالولاية . ودون رئيس الاتحاد المهني للمعلمين بالقضارف جمال الدين يوسف بلاغات ضدهم، واتهمهم باقتحام دار المعلمين وإقامة ندوة سياسية لقوى الحرية والتغيير.
الانتباهة