في سوق تركيب المرايا والبراويز… (أسطوات) برتبة (فنانين تشكيليين)!
في زاوية مُـول الواحة وسط السوق العربي تجدهم جالسين مُنهمكين في عملهم بِكُلِّ تفانٍ وإخلاصٍ، تَارةً يُمازِحُون بَعضهم، وتَارةً يُردِّدون وراء المذياع بأغاني الراحل مصطفى سيد أحمد “إلا باكر يا حليوة لمّا أولادنا السُّمر يبقوا أفراحنا البنمسح بيها أحزان الزمن.. نَمشي في كل الدروب الواسعة ديك” آملين بالغد الأفضل يمسح كل الأحزان والشقاء الذي صاحبهم في جنبات شوارع الخرطوم وجُدران أزقتها وفي أسواقها القديمة، فتلك الجدران هي ببساطة مكان عملهم.
(1)
كمال محمد إدريس ذلك الرجل الستيني، تراه جالساً وسط البراويز والكراتين، مُنشغلاً في تركيب صورة طفلة صغيرة على برواز، ابتدره حديثه لـ(السوداني) عن بداية امتهانه لحرفة تركيب وصناعة (المرايات والبراويز)، حيث بدأ اهتمامه منذ عام 1985 عندما كان يعمل مع عمه في (سوق الخُضار) المبنى الحالي لـ(مول الواحة) الذي كان يتوسّط السوق العربي، مُبيِّناً أنه كان يعتمد في السابق على الكرتون و(السلوتيب) في تركيب الصور ولاحقاً (المرايات) التي أصبحت مَرغوبةً أكثر من تركيب البراويز.
(2)
ويقول كمال محمد، إنّ أخذ معرفة الحجم المُناسب هو أول ما يجب أن تُفكِّر في صناعة مرآة، لأنّ المقاسات تختلف مع الأسعار، فيبدأ سعر البرواز من (40 – 75) جنيهاً، فيما أشار إلى أنّهم يغتنمون فُرصة التخريج التي باتت مُوسماً ثابتاً لهم لتحصيل ربحٍ وفيرٍ.
أمّا عبد اللطيف صالح الشهير بـ”كمبال”، الذي كان يعمل سابقاً صبياً عند العم كمبال إلى أن وصل لصاحب حرفة يُنافسه، فقد قال إنّ أنواع البراويز هي (A3-A3) التي تصل أسعارها إلى 150جنيهاً، مُوضِّحاً أنّهم يجلبون الخشب من الصين ومصر، إلا أنّهم تَوَقّفوا من الاستيراد لأنّ الأسعار مُرتبطة بالدولار والمُواطن لا يشتري أشياءً مَعروضةً في الشارع، الأمر الذي يترتّب على تكدُّس البضائع لأشهرٍ، مُبيِّناً أنّ أسعار (المرايات) تتراوح بين (5 – 20) جنيهاً، إلا أنّ (مرايات) العرض يختلف سعرها بين (150 – 300) جنيه وهي مرغوبة أكثر من قِبل الفتيات، وأفاد كمبال أنّ مواسمهم تكون دائماً مع التخاريج وعيد الأضحى الذي يكثر فيه الأعراس على حسب قوله، مُضيفاً أنّ مهنتهم تتّسم ببساطة لكنه تتطلّب الدقة والالتزام بمواعيد التسليم لأنّ التخاريج لا تتحمّل تأخير الطلبية.
السودانى