رياضية

رشاوى الحكام .. بداية بالنساء ووصولا إلى الحج .. أغرب قصص وطرق رشوة قضاة الملاعب


ما زلنا نغوص في مستنقع ملف فضائح رشوة حكام كرة القدم الذي فجّرته تصريحات لاعب ومدرب الزمالك والمنتخب المصري السابق فاروق جعفر، الذي قال إن الحكام الأفارقة كانوا يسهّلون مهمتهم في الثمانينيات مقابل شراء احتياجاتهم الخاصة من بورسعيد.

ونتطرق في هذا الجزء من الملف الشائك إلى الحديث عن بعض وقائع الرشوة، من خلال الحكام الذين تعرضوا لها أنفسهم.

وهناك طرق عديدة لرشوة الحكام، منها الإغراءات المالية. وفي مارس/آذار 2011 تداولت الصحافة المصرية رفض طاقم التحكيم الدولي بقيادة ياسر عبد الرؤوف، رشوة مالية قدرها 10 آلاف دولار قابلة للزيادة، لتسهيل مهمة فريق مازيمبي الكونغولي في مباراته مع سيمبا التنزاني، في ذهاب الدور 32 لبطولة دوري أبطال أفريقيا.

وقيل آنذاك إنهم تقدموا بشكوى ضد مسؤولي مازيمبي بواقعة الرشوة للاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، وذكرت الصحف -نقلا عن مصدر بالكاف رفض ذكر اسمه- أن مسؤولي نادي مازيمبي لما فشلوا في رشوة طاقم التحكيم المصري هددوه بالقتل إذا كشف عن الواقعة، لكن المحكَّمين تقدموا بمذكرة رسمية للكاف ضد النادي المتوّج بلقب دوري أبطال أفريقيا 5 مرات.

وحامت الشبهات حول النادي الكونغولي، ووُجهت له العديد من الاتهامات في العقدين الأخيرين منذ تولى مويس كاتومبي تشابوي رئاسة النادي في 1997، وهو ملياردير يمتلك منجم ألماس وتربطه علاقات وطيدة بمسؤولي الكاف، ويروي أحدهم -رافضا ذكر اسمه- أنه في إحدى المباريات استضافه في قصره المحصّن بحرسه الخاص المدجج بالسلاح، وأطلعه على غرفة كبيرة مليئة بالأموال.

ويقول الحكم الدولي السابق حمدي القادري -للجزيرة نت- إنه لا يستطيع أن ينكر وجود حكام مرتشين أو فاسدين أو متحيزين، لأن هناك وقائع عديدة أدين الحكام فيها على مستوى العالم، وخاصة في مسابقات القارة الأفريقية التي تعد -بحسب وجهة نظره- تربة خصبة لضعفاء النفوس من الحكام، وذلك لأسباب عديدة منها معاناة نسبة ليست قليلة من الحكام من الفقر، وضعف المقابل المادي المخصص لهم في المباريات، ووجود أندية كبيرة تملك أموالا ضخمة وداعمين من الأثرياء؛ مؤكدا أن هذا كله لا يبرر للحكم أن يرتشي مطلقا.

ويروي القادري -الذي كان من أبرز الحكام المساعدين في قارة آسيا، وشارك في تحكيم الكثير من البطولات والمباريات المهمة- تجربته الشخصية مع الرشوة، قائلا “لم أتعرض للرشوة بشكل مباشر ولكن تعرضت لها بطرق غير مباشرة. أذكر منها واقعة عندما كنت ضمن طاقم تحكيم مونديالي آسيوي، وكنا سندير مباراة في دوري أبطال آسيا، ووجدنا هدايا ثمينة وضعت في غرفنا صباح يوم المباراة بعد عودتنا من تناول الإفطار، وفورا أخبرنا مراقب الحكام بالواقعة وسلمناه الهدايا التي قام بدوره بإعادتها إلى إداري الفريق المضيف، بعد تسلمه إقرارا منه بما حدث، ورفعنا تقريرا إلى الاتحاد الآسيوي الذي أثنى على تصرف الطاقم”.

ورفض بعض الحكام رواية قصصهم مع الرشوة، بينما تحدث البعض رافضين ذكر أسمائهم. ويقول أحد الحكام المساعدين الدوليين السابقين -للجزيرة نت- إنه تعرض لعدة مواقف رشوة مباشرة، كان أغربها في بطولة إقليمية بأول مباراة دولية يشارك في إدارتها، حيث كانت المباراة قبل موسم الحج بعدة أيام، وفوجئ الحكام بعد التدريب بأمين سرّ النادي المستضيف للمباراة يقول لهم إن القنصل السعودي صديقه ويمكنه أن يجعلنا نحج مقابل أن نسهّل مهمة فريقه للفوز في المباراة التي كانت تعد ثأرية بالنسبة لهم.

ويضيف أن حكم الساحة كان من أصحاب الخبرة المعروف عنهم النزاهة، لذلك لم يلتفت لعرضه الغريب، وكان الرد في الملعب بطرد أحد لاعبي الفريق المضيف الذي أفلت من الهزيمة بصعوبة وتعادل 1-1 في ملعبه.

ويشير الحكم المساعد إلى أن الفرق لا تهتم كثيرا سوى بحكم الساحة الذي قد يتعرض للرشوة ويستجيب دون أن يدري باقي الحكام في طاقمه، وأنه اكتشف أن أحدهم فعل ذلك مرارا معه، حيث كان يترك الطاقم ويبيت خارج الفندق بعد المباراة، بحجة أنه يفرض عليه عمله أن يقابل الملحق العسكري في مدينة أخرى، وبعد فترة اكتشفوا أنه لا يوجد في هذه الدولة ملحق عسكري أصلا لبلدهم.

ويقول إن فوجئ بنفس الحكم بعد إحدى المباريات التي شاركه في إدارتها عام 2006، يخرج له “رزمة” من اليوروهات ويخبره أنه أتى بها بلدهما ليشتري لزوجته ذهبا من الدولة الأخرى التي كانا سيتجهان إليها، واكتشف بعدها أيضا أن الحكم أقدم على ذلك لعلمه أن البلد الذي أدارا فيه اللقاء يجري تفتيشا دقيقا على الأموال عند تسجيل الخروج من المطار، فخشي أن يكتشف الأمر من شرطة المطار، فبادر باختلاق هذه القصة.

ويؤكد الحكم أن الجميع -بمن فيهم الاتحاد القاري- يعلمون جيدا الفرق التي تحاول دائما رشوة الحكام، مشيرا إلى وجود حكام شرفاء كثر، منهم حكم كان يتورع عن قبول أي هدية حتى لو رمزية كطاقم ملابس الفريق رغم أنها مسموح بها، كما رفض مع أحد زملائه الحكام يوما شراء ملابس رياضية من العلامات التجارية العالمية على نفقة النادي المضيف للمباراة.

ويقول أحد الحكام الدوليين السابقين أيضا إن محاولات الرشوة موجودة طالما كان هناك غض للطرف عن الأندية الراشية واستمرار للحكام الفاسدين في الملاعب، مشيرا إلى أن بعض الأندية تجعل الحكم ملكا متوجا وقد تقدم له الأموال بل النساء إذا فتح المجال لذلك، مقابل تسهيل مهمتهم في المباراة، وأنه تعرض لذلك بشكل مباشر وغير مباشر في عدة مباريات.

وأضاف أنه تعرض للرشوة الجنسية مرتين، إحداهما كانت بشكل مباشر من المرافق الذي كان يلح عليه أن يشير لأي فتاة تعجبه، لكنه كان يخبره أنه مسلم وأن ذلك حرام، أما الأخرى فكانت بشكل غير مباشر حيث جلست فتاتان في طاولة إلى جوارهما أثناء جلسة ودية مع رئيس النادي المضيف وبعض حاشيته، وكانتا تحت تصرفهما إذا طلبوا ذلك.

وتابع الحكم أن بعض الأندية تلجأ لحيلة بمنح الحكم مبلغا ماليا بعملة البلد، بحجة شراء حاجياته الخاصة من السوق المحلي، وأنه رفض ذلك في إحدى المرات مما تسبب في حرج لزميله الذي كان قليل الخبرة وأخذ المبلغ المالي الذي كان يعادل 300 دولار تقريبا.

الجزيرة نت