المصارف السودانية بعد الرفع من قائمة الإرهاب.. الكرة في الملعب
تساؤلات عدة طرحها المختصون حول الخطط الحكومية والمصرفية للتعامل مع قرار رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب.. فهل ستنجح الحكومة والمصارف في تحقيق الإصلاحات وتعزيز قيم الشفافية المالية وماهو المطلوب؟
السفارة الأمريكية بالخرطوم، اعلنت أمس، انقضاء فترة إخطار الكونغرس البالغة 45 يوما حول رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، حيث وقع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إشعارا يفيد بأن إلغاء تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب، ساري المفعول اعتبارا من اليوم (14 ديسمبر)، ليتم نشره في السجل الفيدرالي الأمريكي.
يُشار إلى أن مهلة الـ45 يوماً هي الفترة التي يسمح فيها للكونغرس الأمريكي بمراجعة قرار الرئيس دونالد ترمب الموقع في 26 اكتوبر الماضي بإزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، للاعتراض عليه.
مصادر مصرفية موثوقة لـ(السوداني) أكدت شروع الحكومة الانتقالية منذ فترة فى وضع الخطط اللازمة حال رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، كما واصلت العديد من المصارف فى تحركها لاستعادة المراسلين في الخارج منذ فترة .
تحديات
وأوضحت المصادر أن هناك تحديات كبيرة تجابه القطاع المصرفي اهمها تأهيل القطاع واستعادة المراسلين الذين فقدتهم خلال العقود الماضية.
وقال مصدر مصرفي موثوق ل السوداني ان المصارف السودانية تتطلب وقت حتى تندمج في الاقتصاد العالمي خاصة وأنها ظلت تعاني منذ سنوات من عدم وجود تعاملات مع كبرى المصارف العالمية.
ثروات الإرهاب
ويرى القيادي بقوى الحرية والتغيير محمد عصمت فى حديثه لـ(السوداني) ان من أهم المطلوبات للاستفادة من القرار بالشكل الصحيح تتعلق بالقائمة ذاتها إذ إن الدول التي توجد في القائمة تقوم بتحويلات ثرَوات للإرهابيين مؤكدا على أهمية أن يفي القطاع المصرفي بالالتزام بالمعايير والأعراف الدولية في محاربة الإرهاب وتابع أن الدول التي خارج القائمة تعمل على الحد من الأنشطة الإرهابية الاقتصادية والمالية عبر المصارف والمؤسسات المالية مضيفا أنه يتوجب على أي دولة أن تكون ملتزمة بالاعراف والمعايير وعدم السماح بالعمليات المشبوهة التى تكون مصادر تمويل للإرهاب إلى جانب الحظر الكامل للشخصيات أو الأفراد الذين لديهم أنشطة إرهابية، منوها إلى أن الالتزام بقيم الشفافية والكشف عن مصادر الأموال التي يمكن أن تستخدم فى تمويل الإرهاب إضافة إلى عدم السماح لأي جهة للعمل فى الظلام مردفا أن السودان عانى كثيرا من ذلك إذ إن كثيرا جدا من الشركات لاتلتزم بمعايير الشفافية والمعايير العالمية أو الالتزام بالقوانين والضوابط واللوائح التى تصدرها السلطة الرقابية وبنك السودان المركزي.
معايير السلامة
ويشير عصمت إلى أهمية التزام المصارف السودانية بأعمال معايير السلامة المالية والشفافية والتعامل، خاصة فى حال التعامل مع أي مال مشبوه، لافتا الى ان اي متعامل عليه أن يفصح عن التعاملات وعلى السلطة الرقابية أن تعمل على تقليل التعامل بالنقد في التعاملات المالية مضيفا أن على المصارف السودانية ان تبذل مزيدا من الجهود في ملاحقة كل المشتبهين من خلال الاستجابة مع المصارف لطلبات الإحاطة في التعامل مع الدول كما أن على السلطة الرقابية بذل مزيد من الجهود مع المنظمات الدولية فى ملاحقة اي مشتبه بهم فى الإرهاب ومحاصرة اي أموال لهم، مشيرا إلى أن تلك الأرضية هي التى دفعت الولايات المتحدة إلى إدراج السودان فى قائمة الارهاب ما يتطلب حاليا توفير بيئة جديدة تقنع العالم بان السودان دولة تعافت تماما من التعامل مع الإرهاب والإرهابيين وأنها دولة أصبحت تعزر قيمة الشفافية وان تلك القيم واجبة النفاذ لديها من كل المؤسسات المالية والمصرفية مما يعني أن السودان جاهز للدخول في المنظومة العالمية للحصول على التسهيلات وخطوط الائتمان التي تستطيع أن توفر الكثير من الميزان للبلاد.
الوقت
ويقول المصرفي د. عبد الرحمن أبو شَورة فى حديثه لـ(السوداني) ان المصارف السودانية تتطلب وقتا حتى ينعكس قرار إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب بشكل كبير على تعاملاتها مضيفا إذ لابد من استعادة ما فقدته من مراسلين فى الخارج مايحقق فوائد للقطاع خاصة فتح المصارف النظيره لخطابات الاعتماد للصادرات السودانية إلى جانب انتهاء مشكلة تأخر حصائل الصادرات باعتبار أن العلاقة ستكون مابين المصرف المحلي ونظيره عالميا مؤكدا أن وصول حصائل الصادرات فى مواعيدها دون أي ممارسات خاطئة يسهم فى تحسين الميزان التجاري وميزان المدفوعات كما أن رسوم التحويلات من الخارج ستقل كثيرا مما يسهل دخول الأموال للبلاد بصورة طبيعية مشددا على أهمية تأكد المصارف السودانية من أن حساباتها غير مكشوفة فى الخارج وليست عليها أي التزامات كما أنه لا بد من الالتزام الصارم بمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب خاصة أن القطاع المصرفي من أكثر القطاعات الاقتصادية المتضررة من وجود السودان فى قائمة الارهاب.
خطط علمية
ويذهب الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي فى حديثه لـ السوداني مطالبا الحكومة بإعطاء الاولوية لعملية إصلاح الهياكل الاقتصادية المتداعية وتقديم خطط علمية وعملية للنهوض بالاقتصاد السوداني مع وضع خطة لكيفية الإعفاء من الديون تتوجه هذه الأموال في مجال تطوير البنية التحتية إلى جانب عمل خطة سريعة للتعاملات مع النظام المالي العالمي من خلال تيسير إجراء العاملين في الخارج للتدفقات المالية التي ستدخل النظام المصرفي السوداني، مما يعزز قيمة الجنيه.
المعالجة
ويمضي فتحي فى حديثه لـ( السوداني) إلى أن هنالك جملة من التحديات
التي تواجهها المصارف والتي تتطلب معالجتها حتى تستفيد من رفع السودان من قائمة الإرهاب، وأضاف أن من بين أهم التحديات ضعف رساميل هذه المصارف مقارنة بنظيراتها الاقليمية والعالمية إضافة الى شح السيولة إلى جانب التحديات الخارجية فى تعثر إنسياب التحويلات المالية والمصرفية وذلك لوجود اسم إلسودان فى قائمة الدول الراعية للإرهاب خلال الفترة الماضية لافتا إلى أن أمريكا درجت على فرض غرامات مالية ضخمة على البنوك العالمية التى تتعامل مع السودان مشيرا إلى أن كافة البنوك والمصارف العالمية تتعامل مع أمريكا باعتبارها سوقا اقتصادية كبيرة وتابع لذا بعد رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب ستتمكن البلاد من الاستفادة من دعم مؤسسات التمويل العالمي وصولا بالاقتصاد السوداني لمرحلة التعافي.
مشكلات
وأضاف أن البنوك السودانية تعاني مشكلات كثيرة حالت دون القيام بدورها في التنمية والتمويل في القطاعات الأخرى منها ضعف رأس المال والذي ترتب عليه ضعف التمويل كما أن امكانات المصارف المحلية لا تتناسب مع احتياجات التنمية المطردة فانخفاض قيمة الجنيه السوداني المستمرة تؤثر على التمويل لارتفاع قيمة الدولار أمام العملة الوطنية مشددا على التوسع فى المصارف إضافة إلى إنشاء مصارف برأس مال كبير ومتخصصة في تمويل التنمية.
سعر الصرف
ونهاية سبتمبر الماضي قال نائب محافظ بنك السودان المركزي محمد أحمد البشرى خلال ورقة قدمها فى المؤتمر الا قتصادي القومي أن أبرز التحديات التي تواجه البنك سعر الصرف المرن المدار لعدم توفر احتياطات كافية من النقد الأجنبي، ووجود اختلالات هيكلية عنيفة مما دعا البنك للتدخل لتحجيم السيولة وقال إن سعر الصرف الحر غيرمناسب لأن الاقتصاد يواجه اختلالاً مطالباً بفرض ولاية البنك المركزي على موارد النقد الأجنبي بالتنسيق مع أجهزة الدولة.
انخفاض
كما كشف عن انخفاض كفاية رأس مال البنوك من 15.35 إلى 14.96% ورهن استقرار مستوى عام الأسعار باستقرار التضخم والذي يؤثر تأثيراً عكسياً، داعياً إلى خلق أدوات جديدة للصيىرفة الإسلامية لتحقيق معدلات تضخم بأرقام أحادية أقل من ١٠% من خلال تحسين ميزان المدفوعات وعرض النقود المستهدف والالتزام بالاستدانة المؤقتة وترشيد تمويل المصارف من المركزي واتباع المصداقية والشفافية في التعامل مع الجمهور بجانب إزالة المخاطر وتوفير ضوابط لمكافحة تزييف وتزوير العملة، مطالباً بفرض ولاية المركزي على الأموال الحكومية كافة وإيقاف تغطية تمويل خطابات ضمان الحكومة بالنقد الأجنبي وخلق سياسات جديدة لتحويلات المغتربين والتوجيه بالاستفادة من تجارب الدول في إعفاء الديون استنادًا على الاتفاق مع جنوب السودان لقسمة الدين منوها لأهمية الوصول بالعجز إلى مستويات آمنة، ومنع التجنيب وتوظيف رسوم العبور والطيران المدني بالإضافة إلى إلغاء وحصر الامتيازات الممنوحة للشركات الحكومية.
سياسة واضحة.
وشدد البشري على وضع سياسة واضحة للحفاظ على الأسواق الخارجية ومراجعة سلع الصادر وحظر السلع الكمالية والهامشية مقرا بارتفاع نسبة التعثر في البنوك إلى 4.1 % مقارنة بـ3.2%وشدد على ضرورة تحسين بيئة الاستثمار وتبسيط الإجراءات وإعمال نظام النافذة الواحدة
المصدر :السوداني