سياسية

وعود اصدقاء السودان والاستثمارات الصينية السابقة

بعد نجاح الثورة الشعبية العظيمة التي اطاحت برأس النظام السابق عمر البشير بدأ الشعب يتنفس الصعداء على الرغم من الجراحات العميقة التي خلفها هذا النظام به، برأي مراقبين للشان السياسي السوداني يجمعون بان الشعب تكمن مشكلته العصية على الحل في من يتولون امر قيادته كما وصفهم بذلك الدكتور الراحل منصور خالد في كتابه الذائع الصيت :(النخب السودانية وإدمان الفشل) .

بعد سقوط النظام المباد كانت هناك مشاكسات بين المكون العسكري والمدني في كثير من القضايا وإنقطعت بينهما شعرة معاوية حتى تدخل الاتحاد الافريقي وبعض الدول الصديقة للسودان واصدقائه لفك هذا الاشتباك بين شريكي الثورة السودانية وانتهت القطيعة بينهما بتلك المصالحة التاريخية التي ذرفت فيها دموع غزيرة .

في تلك الاثناء رأت دول ومنظمات تأسيس ملتقى اصدقاء السودان كمجموعة غير رسمية لتنسيق الدعم (السياسي والاقتصادي) للسودان يسعى السودان من خلال مؤتمرات الشراكة مع الدول الصديقة العربية والغربية الى توفير الدعم المالي وإستقطاب رؤوس الاموال والشركات الكبيرة للاستثمار وإنعاش اقتصاده الذي تشهد قطاعاته الإنتاجية تردياً مريعاً.

* تشكلت مجموعة اصدقاء السودان في يونيو 2019م وكان اول اجتماع لها في العاصمة الخرطوم الذي افتتحه رئيس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك بحضور (24) دولة وممثلين على مستوى رفيع ضمت امريكا وفرنسا وألمانيا والنرويج وبريطانيا والهدف المعلن لهذا المؤتمر هو تقديم الدعم الإقتصادي والسياسي للحكومة الانتقالية والذي تعول عليه في تمويل موازنة 2020م والبالغة (15) مليار دولار في مجالات المرافق والخدمات الحيوية من اجل تغطية عدد (20) مشروعاً بالإضافة الي زيادة إحتياطي النقد الاجنبي لدى البنك المركزي واشار حمدوك في كلمته بأنّ المؤتمر يمثل تجمع شراكة لمساعدة السودان على وضع أُسس لعلاقة قائمة على التفاهم حول قضاياه والعمل معا، وفي (برلين) شارك اكثر من (40) دولة ومنظمة في مؤتمر اصدقاء السودان حصل فيها السودان على تعهدات مالية بقيمة مليار وثمانية مائة مليون دولار والغرض من المؤتمر دعم الحكومة الإنتقالية المدنية للضغط على المجلس العسكري الانتقالي حتى لا يتغول على كل السلطات وتضم مجموعة اصدقاء السودان الولايات المتحدة الامريكية والمانيا والنرويج وبريطانيا وفرنسا والامم المتحدة والاتحاد الافريقي واثيوبيا والسعودية والامارات ومصر وقطر .

عقد اول مؤتمر لاصدقاء السودان عقب الاطاحة بحكم البشير في نهاية العام 2019م بحضور (24) دولة وممثلين على مستوى رفيع من دول كبرى على رأسها امريكا وبريطانيا والمانيا وفرنسا والنرويج .
اما الهدف المعلن لمجموعة اصدقاء السودان هو الدعم السياسي والاقتصادي للسودان لمجابهة ازماته وتحدياته .
مجموعة اصدقاء السودان عقدت مؤتمرها الثاني في واشنطن وتم الاتفاق من خلاله على إنشاء صندوق لدعم برنامج الاصلاحات الإقتصادية وخلال الاجتماع اعلنت الادارة الامريكية بانها بدات مباحثات مع الحكومة السودانية الانتقالية لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب .

وركز اجتماع واشنطن على مساعدة السودان اقتصادياً وخلال الجلسات قدم وزير المالية السابق دكتور إبراهيم البدوي شرحاً لخطة حكومته الاقتصادية التي ترتكز على حشد الموارد الداخلية والخارجية لاظهار تغيير سريع في الخدمات وبطالة الشباب والسعي الى إصلاحات إقتصادية لخلق ارضية لتنمية طويلة الاجل، اما مؤتمر اصدقاء السودان الذي عُقد بدولة فرنسا في مايو الماضي 2020م لدعم السودان بمبلغ (100) مليون يورو (110) مليون دولار عبر تقنية (فيديو كونفرس) بمشاركة عدد (22) دولة ومنظمة دولية، المؤتمر الافتراضي الاخير لاصدقاء السودان التأم عبر (الفيديو كونفروس) الذي تم بالمملكة العربية السعودية لدعم السودان لمجابهة الاوضاع الاقتصادية وتحقيق السلام ، وترأسه الامير فيصل بن عبدالله وزير الخارجية السعودي الذي تتراس بلاده مجموعة اصدقاء السودان وخلال المؤتمر قدم دكتور عبدالله حمدوك خطة تتضمن الاستجابة للصعوبات الإقتصادية التي تواجه السودان.

فعلى الرغم من المؤتمرات والجولات التي عقدت لمجموعة اصدقاء السودان إلاّ انّ النتائج لم تكن ملموسة وظاهرة ومازال السودان يعاني من ازماته الاقتصادية والتنموية المتناسلة التي اقعدته للنهوض من كبوته وما زال الجنيه السوداني (صريعاً) للعملات الاجنبية الاخرى وارتفعت العملات الاجنبية يوم امس إرتفاعاً جنونياً غير مسبوق.
لو تتبعنا الاوضاع الاقتصادية والسياسية في السودان لوجدنا هناك فارقاً كبيراً وبالتالي لا يمكن عمل أيِّ مقارنة بين الإستثمارات الصينية في العهد السابق وما يقوم به اصدقاء السودان لجلب الاموال ورؤوس اموال الدول العظمى والشركات العالمية الكبرى لدعم السودان بعد إزالة العقبة الاساسية فيه للاستثمار وضخ رؤوس الاموال الاجنبية وهو النظام البائد، فلا يوجد ادنى مبرر بان لا تتدفق رؤوس الاموال على السودان حتى ينتعش الاقتصاد وينعم المواطن برغد العيش .

يقارن المراقبون للاوضاع الاقتصادية حجم الإستثمارات الصينية في السودان في العهد البائد وما تقوم به مجموعة اصدقاء السودان من اجل جمع تبرعات للحكومة السودانية ففي مجالات النفط والغاز وجدنا هذه الفوارق المذهلة فقد بلغت الإستثمارات الصينية في السودان (15) مليار دولار اعلن ذلك وزير النفط السوداني الاسبق عبدالرحمن عثمان.

قبل عدة سنوات عُقدت بالعاصمة الصينية بكين فعاليات المنتدى الصيني الافريقي من خلاله وقعت بكين والخرطوم عدة عقود وإتفاقات لزيادة الإنتاج والقيام بدراسات إستكشافية جديدة وتطوير إنتاج الغاز وتجديد الاتفاقات والبروتكولات السابقة المتعلقة بالتدريب وإنشاء معهد لدراسات وبحوث النفط في السودان وإنّ السودان يمتلك مخزوناً من البترول يقدر بنحو (165) مليون برميل الى ذلك ابدت العديد من الشركات العالمية العاملة في مجال النفط والغاز رغبتها في الاستثمار النفطي في السودان على راسها شركة (بتروناس) الماليزية التي قدمت عرضاً لزيادة إستثماراتها النفطية بالسودان والدخول في عدد من المربعات الجديدة التي طرحتها الخرطوم كما أبدت الشركة المشتركة النيرويجية – الامريكية (TGS) رغبتها في العمل بالسودان في مجال الاستكشاف داخل عمق البحر الأحمر إنّ الحكومة السودانية البائدة قد إستحوذت على الحصة الاكبر من جملة ما رصدته القمة الصينية الافريقية واثناء القمة اعلنت الصين إعفاء ديونها على السودان والمقدر إجمالها بنحو (10) مليارات دولار وهي ديون نفطية إستحقتها شركة النفط الوطنية الصينية العاملة في السودان في مجال النفط (CNPC) بعدما توقفت عن العمل في جنوب السودان بعد انفصاله عن الدولة الأم السودان.

المراقب للاوضاع السياسية والاقتصادية في السودان يلاحظ تراجعاً كبيراً في كل المستويات كما يلاحظ كذلك ضغوطات الحياة الإقتصادية على المواطن السوداني وخاصة أصحاب الدخل المحدود والفقراء والمساكين بعد انهيار الجنيه أمام العملات الاجنبية الأُخرى إضافة لغلاء المواد الغذائية والمواد البترولية وغاز الطهي وكل شيء إرتفعت قيمته لثلاثة او اربعة اضعاف .

فما زال اصدقاء السودان يجتمعون ولم يقدموا له اي وصفة سحرية (للحلول) حتى يتجاوز أزماته المستفحلة وينفك من ديونه المتزايدة والتي بلغت حتى الان حوالي (70) مليار دولار .

المصدر: صحيفة السوداني