الهادي الجبل: الشلل أصاب كل مناحي الحياة في العهد البائد
الهادي حامد، الملقب بالهادي الجبل، أو الخواجة، وغيرها من المسميات التي يطلقها عليه جمهوره، هو واحد من أهم الفنانين في تاريخ السودان، لما له من إسهامات في التجديد الموسيقي، عبر أغانٍ خالدة على غرار (ما اتعودت أخاف من قبلك) و(افتقدتك) و(بفرح بيها) و(المدينة) وغيرهن الكثير، جلس معه ( خبرك) في سياحة ضافية سلط فيها الضوء على مشواره الفني وأجاب عن تساؤلات عديدة تدور حوله، على رأسها مشاركته مع عدد من المطربين في أوبريت دعم الجيش مؤخراً. *مشاركتكم مع القوات المسلحة في أوبريت الجيش أثارت جدلاً واسعاً، ماذا قصدتم من هذا العمل؟ في البدء أنا لا أنتمي لأي حزب، ولا يعقل أن نكون ضد الجيش، الانتقادات غريبة قلباً وقالباً ونحن لابد أن نقف مع القوات المسلحة، لا توجد هيبة للدولة بدون الجيش ولا يمكن أن نتفرج على أراضينا المسلوبة، وصلت شخصياً حتى منطقة الفشقة لأطمئن كمواطن على وطني، الضباط والجنود قالوا إننا منحناهم دافعاً إضافياً، ونحن لسنا طلاب حرب بل ننادي للسلام، البعض قال إن زي (العسكر) لا يليق بالفنان وإنه نشاز وهذا كلام غريب، هل هم غير سودانيين؟. *ما موقع الهادي الجبل حالياً في الواقع الغنائي؟ أعكف هذه الأيام على تسجيل ثلاثين حلقة لقناة أنغام الفضائية لتجهيزها للعرض خلال رمضان المعظم بإذن الله. *يقال أن الهادي سجل غياباً خلال الحقبة الفائتة عن المشاركة في الأغاني الوطنية، ما تعليقك؟ من المعلوم أن فترة النظام البائد تخللتها مضايقات عنيفة للمبدعين لا سيما المعارضين للمشروع الإسلاموي، اتجهنا للغناء الرمزي ونأينا عن المباشرة، قمت بتسجيل أغانٍ وطنية للإذاعة القومية على شاكلة (ميلادك أشرق يا وطن) لكنهم لم يقوموا ببثها حتى ضاعت في طي النسيان. *هل كان الطريق ممهداً للفن في فترة النظام البائد؟ الشلل أصاب كل مناحي الحياة وقتذاك من تعليم وسكة حديد وصحة وغيرها، الفنون لم تكن استثناء وحوربت بشتى السبل، لعب الإخوان المسلمون على وتر الدين ودغدغوا مشاعر الشعب بتأطير الفن في ماعون أيدلوجيا التحريم والتحليل ومارسوا حصارا رهيباً على المبدعين. *هل قدمتك النصوص الجيدة التي اخترتها أم الألحان التي صغتها لتكون ما أنت عليه الآن؟ الغناء عبارة عن كلمة ولحن وصوت، هي مركبات لا تنفصل عن بعضها وأنا لا أفرق بينها، أحاول في أعمالي إخراج اللحن من النص نفسه وما يحتويه من تصاوير ولوحات ليعبر عن المنظومة كلها، ويكون المنتوج معادلاً موضوعياً للقصيدة، الكلمات البسيطة لا أعطيها لحناً معقداً حتى لا تفقد شخصيتها ووزنها وبساطتها. *ما بينك والراحل محمود عبد العزيز مساحات ومعزّات، هل من إضاءة عليها؟ محمود من القلائل الذين يذكرون فضل الآخرين عليهم، طوقني تحديداً بالشكر والفخر وباعترافه بأنه من مدرستي ما دفعني للاهتمام به أكثر وأكثر، وهو مطرب يمتلك خامة صوتية جميلة وتابعته منذ أن كان يغني للأطفال. *رأيك في الواقع الغنائي الآن هل هنالك تطور في الأغنية وغناء جديد يضيف للمكتبة السودانية؟ هنالك غناء جديد وراقٍ ومتطور وعلى مستوىً عالٍ، لكن هنالك قصور في عرضه، الغناء الهابط تتاح له فرص أكبر، لذلك طغى على النوع الجيّد، أتّهم وسائل التواصل بأنها إحدى الأسباب لأنها أتاحت الفرصة لما يخدش الذوق العام. *من هو المتهم المباشر فيما آل إليه حال الساحة الفنية من غناء رث؟ بعض الفنانين يقولون إن الناس يريدون غناء (أي كلام)، وهذا ليس دورهم كمطربين ويجب على الفنان أن يرتقي بذوق المجتمع، أعذر البعض لأن مفاهيمهم قاصرة وهم مستعجلون في مشاريعهم، أنصحهم بأن يغنوا ما يحبونه هم وليس ما يحبه الناس. *هل أضافت لك الغربة أم خصمت منك، عدت من ليبيا ووجدت غناءك لا زال موجوداً لدى الناس والتفوا حولك من جديد، ما السر وراء ذلك؟ على العكس، الغربة تعطي الكثير للفنان، كلما كنت مرتبطا بوطنك ومواكباً للجديد تحصل بسهولة على النصوص وبالتالي تولد الأغنيات وتصل للجمهور، المغترب يكون أكثر حنيناً للوطن وينتج إنتاجاً مختلفاً كماً ونوعاً، لطالما اغتربت وحملت وطني معي بداخلي. *ما سر الثنائية بينك وبين الشاعر قاسم أبو زيد؟ هذه الثنائية أضافت لي كما أضافت لقاسم، والأخير له علاقة بالمسرح وهو ما جعله يكتب نصوصاً واضحة الصور لذلك كثيراً ما لامست وجداني، علاقتنا الإنسانية والفنية منذ الثمانينات وبيننا أكثر من 20 عملاً. *من بين الكثيرين الذين قاموا بتقليدك، من الفنان الذي لفت انتباهك وهل التقليد ظاهرة صحية؟ الصوت الغنائي مثل البصمة ولا يمكن تقليده بالكامل، التقليد مطلوب في البدايات لتلمُّس الطريق، الكثير من المطربين تغنوا على غرار البلابل وحيدر بورتسودان في أغنية (أقول أنساك) وسيف الجامعة في (ما اتعودت أخاف من قبلك) بالإضافة للراحل محمود عبد العزيز.
صحيفة : (اليوم التالي)
منافق بس
ما بتعرف تتعرض يا ساقط