ثقافة وفنون

الأغاني الهابطة ..تجريح غير لائق

في الآونة الأخيرة شهدت الخرطوم ظاهرة الغناء الهابط الموصوف بالمبتذل غير اللائق؛ ويراه البعض خادشا للقيم والذوق العام. كثيرون نالت اعجابهم الاغاني الموصوفة بالهابطة؛ الا ان غناء (المغرزة) اثار التركيز وشد الانتباه لنوعية هذه الاغاني؛ (كوكتيل)سعت لتشريح اسباب انتشار هذه اللونية.

ماهو الغناء الهابط؟

يذهب بعض النقاد الفنيين الى ان الغناء الهابط مصطلح مطاطي يوظفه الكثيرون لتضمينه كل مايرفضه المستمع من اغاني تخالف ذوق صاحب التصنيف؛ فيا يرى البعض الآخر من الغناء الهابط هو ذلك الغناء الذي يحتوي على مفردات سوقية أو مثيرة للغرائز أو تلك التي تتحدث عن أجناس أو ألوان بما يخالف وحدة النسيج الاجتماعي.

بيد أن الكثير من متعاطي هذه اللونية من الغناء بان المصطلح غير مقبول وذو دلالة (مايعة) اي بلا اطار تعريفي محدد .

اسرار الانتشار

سرعة انتشار مفردات الاغاني الهابطة وترديد الكثيرين لها جعل من الضرورة البحث عن اسباب بروز الظاهرة نفسها، ويذهب الناقد الفني احمد دندش في حديثه لـ(كوكتيل) أن من اسباب الغناء الهابط ، الكسل من قبل الفنانين الشباب بالاضافة لعدم إنتاج أغان جديدة، مشيرا الى عدم وجود رقابة فضلا عن عدم قيام الاتحاد بدوره في المحاسبة، واضاف: الفنانون يقومون بتسجيل هذه الاغاني في الاستديوهات (ويفكوها)، منوها الى أن المصنفات دورها تحجيم مثل هذا الغناء ..

واكد دندش ان الغناء الهابط مبتذل ودائما كلماته تأتي بالحانها، منوها الى أن الجمهور كمتلق يواجه مشكلة اساسية في الاعراس، واضاف: فصاحب الدعوة هو من ياتي بهؤلاء الفنانين.

ويرى دندش ان معالجة ظاهرة الاغاني الهابطة تتحقق من خلال ترجمة قيم الثورة باعتبارها ثورة وعي ومفاهيم، معتبرا ان لكل عصر اغانيه وان اغاني (المغارز) في الدرك الاسفل من الاغاني الهابطة .

هل يحتاجها المجتمع؟

البعض يرى ان ضغوط الـ30 عاما الماضية وبؤس حال السودانيين افرز الاغاني السهلة والهابطة ، والنكات باعتبارهما من وسائل الشعوب في الترفيه تارة وفي السخرية من واقعها المرير..

ويرى استاذ علم الاجتماع د.عبد الناصر علي الفكي في حديثة لـ(كوكتيل)الى انه من المعلوم ان الثورات تحدث تغييرا جذريا في بنية المجتمع وتصوراته ومفاهيمه بما يعني ازالة نظام قديم لصالح نظام يعبر عن طموحات وأهداف الثوار والثورة ، لذلك يحدث صراع قيمي في سياق الثقافة الاجتماعية الموجودة. واضاف: ما يسمى بالغناء الهابط يعبر عن مجموعات تستخدم اللغات البسيطة وبعضها مقبول.

وينتشر الغناء الهابط بحسب عبد الناصر حينما يتم توظيفه من قبل السياسيين وبعض الطبقات الاجتماعية في مخاطبة الاقليات الصامتة، واضاف: بالطبع يتزايد انتشاره حينما يجد تأييدا ودعما من القيادات الاجتماعية والسياسية أو من لديهم سلطة..

ويرى الفكي ان الغناء الهابط له مريدوه ، حيث يستخدمه البعض لتحقيق غاياتهم ولكن يظل هذا الغناء محدودا وفي نطاق ضيق، مشيرا الى أن الغناء يتم استخدامه لايجاد تبرير لمواقف سياسية أو كاداة ضغط اجتماعي.

ويشخص الفكي حالة النفور التي تشهدها البلاد حاليا لهذا النوع من الاغاني الذي انتشر ابان النظام البائد، بأن ذلك طبيعي في لحظات الانتقال وفتراته يحدث اهتزازا قيميا ، بعدما تسيدت القيم التسطيحية فإن المجتمع السوداني يعيد إنتاج نفسه لصالح قيم ما بعد الثورة، منوها الى ان حالة الاستماع المنتشرة للغناء الهابط حالة مؤقتة الى حين العودة الى الغناء الحقيقي.

أتنيه نموذجا

ولا يبدو بعيدا من حديث عبد الناصر ما رصدته(كوكتيل) ليالي الخميس المتتابعة لأكثر من شهرين بساحة (اتنيه).

حيث رصد المحرر ذات المجموعات الشبابية التي تتفاعل وتكرر وتدندن بالغناء الهابط تتحلق مرددة اغاني الحقيبة والمعاصرة التي تؤديها مجموعة من العازفين وهو ما يعزز حديث عبد الناصر الفكي بأن حالة الغناء الهابط حالة مؤقتة.

نفي الاتهام

رئيس اتحاد الفنانين د. عبد القادر سالم يذهب في حديثه لـ(كوكتيل) الى أن الغناء بشكل عام متوقف بسبب كورونا، منوها الى أن انتشار الغناء الهابط يعود لقابلية المجتمع وتفاعله مع هذا النوع من الغناء، رافضا اتهام اتحاده بالتواطؤ في انتشار هذه اللونية الرديئة للغناء، واضاف: اللجنة القانونية الخاصة بالاتحاد غير مفعلة لأن المجلس حولها الى ادارة جديدة.. مؤكدا أن المجتمع اللاعب الاساسي في بقاء مثل هذا الغناء ويستمع له.

الخرطوم : رزاز يس
صحيفة السوداني