أبرز العناوينسياسية

حجب مواقع إلكترونية في السودان .. من المسؤول؟


دون سابق إنذار، تفاجأ أصحاب ما لا يقل عن 15 موقعا وصفحة إلكترونية في السودان بحجبها عن النشر، وسط صمت حكومي رسمي ونفي خجول لصلة الجهات الرسمية بهذه الخطوة.

ويقول مسؤولون عن هذه المواقع الإخبارية -في غالبها- إنهم ظلوا منذ 29 يونيو/حزيران الماضي يتلقون استفسارات متصلة بشأن بطء شديد يلازم التصفح من دون أن يجدوا تفسيرا، لا سيما أن هيئة الاتصالات سارعت في اليوم ذاته لنفي أنباء تحدثت عن قطع خدمة الإنترنت وحجب مواقع بالتزامن مع احتجاجات شعبية في 30 يونيو/حزيران.

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي أمس الخميس بتصريحات نقلت عن مصدر بنيابة المعلوماتية تحدث فيها عن أن قرار حجب هذه المواقع اتخذ بأمر مباشر من النائب العام لوكيل نيابة المعلوماتية.

لكن النائب العام المكلف مبارك محمود عثمان نفى إصداره توجيهات بهذا الشأن، وشدد على أنه لم يوجه بحجب أي موقع إلكتروني أو صفحات شخصية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال عثمان للجزيرة نت “لم أصدر هذا القرار، وليس من صلاحيات النائب العام إغلاق المواقع”. كما نفى المكتب الإعلامي للنائب العام -في تصريح مقتضب- صلته بعملية الحجب.

وحسب تسريبات متفرقة منسوبة إلى مصادر غير معروفة، فإن قرار الحجب طال المواقع والصفحات المحسوبة على نظام الرئيس المعزول عمر البشير، أو تلك التي تبث أخبارا كاذبة وتلفق تصريحات للمسؤولين، وتعمل على تهديد السلامة العامة وتأجيج النعرات الدينية والقبلية.

وتشير متابعات الجزيرة نت إلى أن بعض المواقع يمكن تصفحها وفقا لشركة الاتصالات التي يستخدمها العميل، في وقت لا يتمكن فيه عميل يستخدم شركة أخرى من دخول الصفحات ذاتها، وهو ما يفسره المدير العام لموقع “باج نيوز” شمس الدين الأمين بأنه محاولة للتشويش ومقدمة لإنكار الحكومة علاقتها بالأمر، وتصويره على أنه مشكلة فنية وليس قرارا رسميا، ويشير إلى أن مسلك السلطات هذه المرة مختلف بتعمد الحجب الجزئي للموقع، ومن دون أن تقدم أي تفسيرات، كما لم تخرج أي جهة لإعلان مسؤوليتها المباشرة عن هذا القرار.

ويؤكد الأمين للجزيرة نت أن تواصلا تم مع مهندسين وفنيين أكدوا أن الموقع موقوف ولا يواجه مشكلات فنية، وذلك قبل أن يشير إلى أن ما أقدمت عليه السلطات يمثل انتهاكا خطيرا لحرية الإعلام، ويقدم صورة مهزوزة لشعارات الحرية والسلام والعدالة التي رفعتها الثورة.

من الفاعل؟
ويبدي رئيس تحرير صحيفة “السوداني” عطاف محمد مختار دهشته حيال الصمت الرسمي، بعد أن طال الحجب موقع صحيفته، ويشير في حديثه للجزيرة نت إلى أنه استفسر كل الجهات المسؤولة في الدولة، وأن الجميع تبرأ من التورط في أمر الحجب.

وقال مختار “الكل يلزم الصمت، والكل يدعي عدم المعرفة. لا نكذبهم لكن ننتظر الإفادة لنعرف من الذي يقوم بمهام جهاز الأمن السابق، وما الجهة التي تحرك الأشياء في الظلام؟”

وبعد وعيد أطلقه أمس الأول الأربعاء صلاح مناع عضو لجنة التفكيك إزالة التمكين ومحاربة الفساد (لجنة تعمل على مصادرة أصول وممتلكات من رموز النظام السابق) بأن المحاسبة ستطول قناة تلفزيونية -لم يسمها- قال إنها تعمل على تأجيج الرأي العام ونشر الأكاذيب، ولها صلات بحزب المؤتمر الوطني المحلول؛ فإن الإرهاصات جميعها ذهبت في اتجاه ضلوع اللجنة في حجب هذه المواقع.

لكن عطاف مختار أكد أن مسؤولين في لجنة التفكيك وإزالة التمكين أبلغوه بعدم التورط في هذا القرار، وأنه لا علاقة لهم بالأمر، كما أشار إلى كلا من وزير الإعلام ومستشار رئيس الوزراء، وكذلك وزير الاتصالات؛ نفوا إصدارهم توجيهات بحجب مواقع إلكترونية أو حسابات شخصية.

ويلفت رئيس تحرير صحيفة “السوداني” إلى أن ما حاق بالإعلام الإلكتروني جاء بعد نحو 48 ساعة من تصريحات رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الذي التقى عددا من رؤساء تحرير الصحف منتصف الأسبوع، وقال فيها إن “عدم وجود إعلام حر من شأنه ضعضعة الفترة الانتقالية، وهو أمر ضد التحول الديمقراطي”.

ويردف عطا بالقول “نحن نريد أن نعرف من الذي يريد أن يهز الفترة الانتقالية بهذه الممارسات، نريده أن يملك الشجاعة ويخرج إلى النور ليقول أنا الفاعل”.

وحسب مسؤول في النيابة العامة تحدث للجزيرة نت، فإن القرارات على تلك الشاكلة قابلة للاستئناف، ويمكن للجهات المتضررة رفع شكوى ضدها.

غير أن المدير العام لموقع “النورس نيوز” إبراهيم عويس يقول للجزيرة نت إن أصحاب المواقع الموقوفة يعتزمون التحرك في اتجاه التصعيد القوي ضد قرار الإيقاف، ويشير إلى أن الصمت على ما حدث يعني إمكانية تكراره على الدوام، بما يستوجب الوصول لنقط حاسمة تمنع التدخل الحكومي في عمل المواقع الإلكترونية بتلك الطريقة.

رفع مذكرة
ومن بين وسائل التصعيد المقترحة -وفقا لعويس- رفع مذكرة لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة (يونيتاميس) التي تراقب الفترة الانتقالية في السودان، وتقدم مساعدات عديدة للحكومة.

ويشير إلى أن ما يواجه موقعه حالة أقرب إلى التشويش، حيث يمكن لرواد شركة اتصالات بعينها دخوله، في حين يفشل آخرون يستخدمون شركات مختلفة، ويؤكد أنهم يعملون وفق القوالب المهنية والصحفية دون المساس بأي جهةـ وأنه لا يوجد أي مبرر لحجب موقعهم الذي يعمل بموجب تسجيل رسمي، ودون أي مخالفات تستوجب إيقافه.

ويلفت عويس إلى أنه بإمكان السلطات إدارة نقاش مباشر مع المواقع التي ترى أنها ارتكبت أخطاء، وفي حال مخالفة القانون بالإمكان التوجه للقضاء للفصل في ما تراه، بدل اللجوء إلى أسلوب المنع المفاجئ على النحو الذي تم.

وحتى الآن تأكد إيقاف المواقع التالية: سكاي سودان، السوداني، باج نيوز، النورس نيوز، سودان لايف نيوز، كوش نيوز، منصة الإعلامي يس عمر، نادوس نيوز، الحاكم نيوز، سودانية نيوز، صفحة التيار السوداني على فيس بوك، تارا نيوز، الواحة، عزة برس، خبطة نيوز.

مزدلفة عثمان
2/7/2021
المصدر : الجزيرة