هيثم صديق

غابت الهرشة فحضرت الخرشة


وإن يجري الشباب نحو المغيبات فللأمر أسبابه…أول ذلك غياب الحزم والحسم من ولاة الأمور والجري نحو التدليل والإفراط فيه فعندما سمعت عن تغييب الجلد في المدارس عرفت أننا سننجلد علي بطوننا لما يغيب الظهر الذي يحمينا وهم المعلمون….إن الشرطي يُعطى سلاحاً يلازمه لا يضرب به إلا في آخر الأمر إن لم يراع المضروب هيبة اللباس العسكري أو البطاقة …. وكذلك كان المدرس لا يجنح للضرب إلا إذا استحق التلميذ ذلك ولقد ضربونا ونحن أطفال تلاميذ وصبيان طلبة فما أوجد الضرب في نفوسنا موجدة ولا أبقى فيها شروخاً إلا غبينة لحظية وألماُ وقتياُ.
ونحن آباء لتلاميذ الآن ونفرح-شخصياً- لما أجد طفلي يشكو من أستاذ لا يجامل في واجب أو نظافة فان كان الضرب قد آذى قليلاً فقد نفع الكثير.
لقد انتشرت المخدرات بكل أشكالها لأن الأدوار التكاملية قد غابت وأصبح الزمان متغيراً من (لكم اللحم ولنا العظم ) الي(داقيهو ليه).
لن يقف الأمر علي تغييب العقول فقط بأخذ المخدر لكنه سينداح إلى تغييب الأنساب كما قالت المرأة الآعرابية لمن سقوها خمراً: إن كانت أمهاتهم يفعلن ذلك فقد زنين ورب الكعبة
هذا غير أن للمخدر عقابيل أخرى أهونها السرقة وأكبرها القتل.
لقد أصبح جلد الشرطة للناشزات يعمم في الإنترنت وهو حكم الله…وأصبح جلد الأستاذ لتلميذه وهو له محب تقام له الورش والسمنارات
لذلك ترك الحبل على الغارب وغربت شمس التربية الحقة فأصبح أول سؤال يقال للآمر بالمعروف:وانت مالك.
لقد حضرت الخرشة كما حضرت البرشا في عقول شبابنا فأصبحت الهزيمة من برشلونة تحزن أكثر من الحفريات تحت القدس الشريف. تركنا أولادنا للفضائيات والموبايلات فلبسوا غير لباسهم فانكرناهم.
نتحدث عن الجزء دوماُ فجزء آخر لا يعيبه شيء ويتقدم نحو المعالي بثقة ووعي لم تغيبه المغيبات وما تركه الآباء(يعيش شبابو بكرة يعقل)
من قال إن الذي انفلت سيعود في تأكيدة التهوين هذه.
كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والرعاية ليست توفير اللقمة والكساء والمصروف ..الرعاية هي أن تبقي خشيتكم في قلوب أبنائكم موجودة وخشية المعلمين وكبار السن من الذين كانوا يقيمون المعوج في الشارع لوقت قريب.
والخشية كما فسرها المفسرون هي الخوف مع المحبة والتبجيل وهي غير الخوف المطلق.
إن أول الانهيار قد يبدأ بسيجارة لطالب ثانوي لم يقل له ولي أمره لا.
والحقيبة يقول غنايها:من تعاطي المكروه عمداً..غير شك يتعاطي الحرام
أعيدوا الهرشة لتختفي الخرشة…أو صهينوا…لتحكمنا الصهيونية.

هيثم صديق
صحيفة اليوم التالي