هيثم صديق

هيثم صديق يكتب:الوليد الضيف


هتش
هيثم صديق

والطاهر هذا قريب لنا في إحدى قرى الجزيرة وهو من أهل الكرم والشهامة وضيفه مجهول الهوية، حل ذات رمضان في قرية الطاهر وصادف معهم الإفطار في ساحة القرية فخطب فيهم قائلاً إنه عابر سبيل ويريد من يستضيفه حتى الغد.
الطاهر كان الأول كما هو دوماً فساقه معه.. بعد التراويح جاء له بفتة عدس كعشاء فصاح الضيف: ده شنو ده.. صحن واحد والله لو عرفن بنات عمي يكشفن شعرهن.
بعد العشاء جاء له الطاهر بقدح من الروب فصاح الضيف.. قدح واحد .. أنا ما ضقت مثل الذلة دي قبل كدة.
ساعة السحور جاء له الطاهر الصابر بكوب لبن وبلح فصاح الضيف: لا والله ما كان تدخلهم لي من تحت الباب.. أنت ما مضيفلك كلب.
عندما أشرقت الشمس طالب الضيف بالشاي فقال له الطاهر: ورمضان؟
صاح الضيف: يا زول أصوم كيف وأنا لا متعشي لا متسحر والله شكلك كده أنت بتتعلم فيني (الضيفة) واليوم ده وزروا عليك.
ويبدو أن هناك من يتعلم فينا السياسة والإدارة والخطابة.. يبدو أن هناك من لا يعد الامتيازات التي تعطى له إلا كما عد الضيف كرم الطاهر (ناقصة).
فتسمع من غير واحد: عليك الله أنا القروش الباخدها دي قروش ولى النثريات دي نثريات.. والله لو رأيت فلاناً وفلان وما يأخذان لعددتني ممن يستحقون الزكاة.
ولا يزال الطاهر (الشعب السوداني) يجود بالموجود ويبالغ في الكرم والاحتفاء ولا يزال ضيفه (السياسي) يجحد فضله ويظن أنه أكبر من كل العطايا فترى من السياسيين من جعل وعوده سراباً، ومنهم من قاد مجموعات تعيث خراباً (مسلحة أو مصلحة)
حتى إذا ما جاء رمضان وطلبنا من الضيف أن يصوم بشد البطن وتقليل النثريات والوظيفة والامتياز (فطر) لأنه لم (يشبع) وقد كان يأكل ويشرب من المغيب حتى بان الخيط الأسود من الأبيض من الفجر.
……………………
فوضى الأفران بلا حسيب ولا رغيف

هيثم صديق

صحيفة اليوم التالي