سياسية

التحالف الثلاثي بين القوى المدنية السودانية… دعم أم تهديد لحكومة حمدوك؟

الإعلان عن اتفاق ثلاثي بين “المجلس المركزي للحرية والتغيير” و”حزب الأمة القومي” و”الجبهة الثورية”، هو إنذار حقيقي بالوضع المعقد داخل السودان. فهل يساعد هذا الاتفاق على تجاوز أزمات المرحلة الانتقالية؟

وأعلن، أمس السبت، عن مولود جديد من رحم الحرية والتغيير ضم 3 مكونات هي المجلس المركزي للحرية والتغيير، حزب الأمة القومي، الجبهة الثورية، وبرر الإعلان الخطوة بأنها تصب في مصلحة الحرية والتغيير، لتنقسم الساحة بين مؤيد ومعارض كل حسب قراءته للمشهد الآن.

بداية يقول، المحلل السياسي والناطق باسم مجلس الاتحاد السوداني العالمي، خضر عطا المنان: إن الاتفاق الذي تم بين المكونات الثلاثة، وعلى رأسها المجلس المركزي للحرية والتغيير والجبهة الثورية وحزب الأمة القومي، رغم أنه جاء في ظروف معقدة جدا تمر بها البلاد، إلا أنه خطوة في الطريق السليم، لكن ليست هناك ضمانة لاستمرار مثل هذا الاتفاق.وأكد البيان أهمية العمل المشترك بين القوى المدنية والمكون العسكري بغرض “إنجاح الفترة الانتقالية والوصول لدولة مدنية ديمقراطية كاملة الدسم، وانتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية، وتسليم السلطة إلى الشعب عبر التداول السلمي للسلطة”.

وأشار البيان إلى ضرورة وحدة قوى إعلان الحرية والتغيير في بداية جديدة تستهدف سد النواقص والأخطاء التي صاحبت الفترة الأولى، وتوفير السند الشعبي لحكومة ثورة ديسمبر وفق قيادة وأولويات واضحة.

ومنذ أغسطس/ آب من العام 2019، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى “إعلان الحرية والتغيير”، قائدة الحراك الشعبي والجبهة الثورية التي تضم عدد من الحركات المسلحة بعد توقيعها اتفاق السلام مع الحكومة السودانية في جوبا.مرحلة صعبة

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن الكثير من الاتفاقيات والتفاهمات حدثت في السودان، لكن مع مرور الأيام، تمر تلك الاتفاقيات بحالة من الضعف وتسير في اتجاهات بخلاف المقرر لها في الأساس، وأعتقد أن هذا التحالف يمثل عودة للحاضنة السياسية للسلطة الانتقالية والتي تمثلها قوى الحرية والتغيير، كما أن هذا الاتفاق-الحديث لا يزال للمنان- يمثل دعما قويا لمبادرة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك والتي حركت المياه الراكدة، والتي تهدف إلى حل الأزمة الاقتصادية والخدمات والتنمية وبناء قوات مسلحة والترتيبات الأمنية، وهى تمثل نوع من الحصانة لمسار الثورة.

سيطرة المكون العسكري

وتابع المنان: “أعتقد أن هذا الاتفاق يمثل دفعة قوية لمسار الثورة، وإن كنا لا نضمن سيره إلى الأمام، ففي الكثير من الحالات يتم التوقيع، لكن سرعان ما يخفت ضوئها مع مرور الوقت، علاوة على أن السلطة الانتقالية في السودان تمر الآن بمرحلة حرجة جدا، لأن هناك صراع على السلطة ما بين المكونين “المدني والعسكري”، لأن العسكر الآن تمددوا وصاروا يتحكمون في مصير البلاد، أي أنهم يتحركون وكأنهم سلطات منتخبة، وبشكل خاص على الصعيد الاقتصادي والعلاقات الدولية، وهذا الأمر فيه مساس بمسار الثورة التي تبحث عن دولة مدنية”.

خلافات قديمة

من جانبه أكد المتحدث السابق باسم الرئاسة السودانية، أبي عزالدين، أن الخلافات لم تنقطع بين الأجسام الشريكة في الحكم منذ توليها السلطة عقب 11 أبريل/نيسان، بل ظل التشاكس والكيد بينها شعارا لعملها المعارض، ولم يجمع هذه المكونات عامل مشترك سوى إزاحة منافسيهم الأقوياء للجلوس على كراسيهم، ولذلك يظهر الخلاف والتناقض بين هذه المكونات جليا الآن للناس.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، الملاحظ بصورة متكررة طوال العامين الماضيين، أنه كلما قام المواطنون بالتضييق على حكومة المتشاكسين هذه، بدأ البعض يعلن انسلاخه من حاضنتها السياسية، إلى حين هدوء الأحوال والتظاهرات، وهذا ما يفسر الدخول والخروج المتكرر لهذه الأجسام، فهو ليس أكثر من تكتيك يقومون به جميعا لامتصاص غضب الشارع، و البقاء على كراسيهم أطول فترة ممكنة قبل الانتخابات.

البحث عن الأضواء

وأشار عز الدين إلى أن الاتفاق الذي تم قبل أيام بين بعض مكونات الحرية والتغيير هو لكشف بعض ممن تجاوزهم المواطن، مثل الحركة الشعبية جناح ياسر عرمان ممثل الجبهة الثورية، حيث خطفت الأضواء منه جماهيريا قوى أخرى، مثل حركة مناوي و حركة العدل والمساواة بقيادة دكتور جبريل ابراهيم، وهو ما لا يناسب طبيعة الرجل الذي اعتاد على الأضواء، ويحاول العودة إليها بكل السبل كيلا تكون حركته خارج اللعبة السياسية.

ونوه إلى أن حزب الأمة القومي، خلافاته ممتدة مع المجموعة السياسية الحاكمة، بسبب تسلط التيار الشيوعي والليبرالي دون تفويض شعبي، حيث يراهن حزب الأمة القومي على وزنه الجماهيري الذي يفوق ما لدى جميع الأحزاب اليسارية والنيوليبرالية المسيطرة على الحكم، وهذا أحد أبرز نقاط خلافه مع قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين الشيوعيين، ويشبهه في هذا الوضع كذلك الحزب الاتحادي الديمقراطي، صاحب الجماهير العريضة.

طوق النجاه

ولفت عز الدين إلى أنه من الملاحظ أن هذا الاتفاق “الصالوني” بين بعض المكونات يريد قطع الطريق على المؤتمر التأسيسي لبقية قوى الحرية والتغيير، وهو ما ينذر بالمزيد من التصدع في النسيج السياسي للحكومة، ويبدو أن إطالة الفترة الانتقالية ستكون وبالا على المكونات الحزبية للحرية والتغيير، وتزيد من تعريتهم أمام الرأي العام، ولا يبدو أن هناك طوق نجاة للوضع غير المستقر في السودان سوى بالتحول الديمقراطي الحقيقي، وإقامة الانتخابات الحرة والنزيهة فورا، فهي ستحسم الجدل حول أوزان كل حزب وحركة في الساحة.

وقال بيانٌ موقع من كمال بولاد، ممثل المجلس المركزي للحرية والتغيير، والأمين العام لحزب الأمة الواثق البرير، وممثل الجبهة الثورية ياسر عرمان، إن الإعلان السياسي للوحدة يأتي “لرغبة شعبنا الأكيدة وعزمه في إكمال الثورة والتغيير وبناء مشروعٍ وطني جديد قائم على ركائز ثورة ديسمبر المجيدة المُتمثلة في الحرية والسلام والعدالة وبناء الدولة المدنية الديمقراطية، القائمة على المواطنة بلا تمييز “بحسب صحيفة السوداني”.

وأكد البيان العزم على توحيد قوى إعلان الحرية والتغيير وكافة قوى الثورة والتغيير وفئات مُجتمعنا الحية المُناصرة للثورة وفتح الباب أمام كافة القوى التي شكّلت إعلان الحرية والتغيير ولجان الأحياء والمقاومة وحركات النساء والشباب والهامش وكافة القوى الاجتماعية النابضة والمُتمسِّكة بشعارات ثورة ديسمبر/كانون أول دون عزل أو إقصاء لأي من مكوناتها التي لم توقع على هذا الإعلان.

وأشار البيان إلى أن المُوقّعين سيأخذون “بكل جد مبادرة رئيس الوزراء والمبادرات الأخرى من قوى الثورة والتغيير وقضايا شعبنا الأساسية المتمثلة في حل الأزمة الاقتصادية والخدمات والتنمية، وتنفيذ وإكمال السلام، والعدالة، والترتيبات الأمنية، وبناء القوات المسلحة كجيشٍ مهني وحيد، وغيرها من قضايانا المهمة، كان لا بد لنا من الاصطفاف، مُجددا تحت راية إعلان الحرية والتغيير نحو استكمال قضايا ثورة ديسمبر/كانون أول، وتوفير العيش الكريم لشعبنا، والأمن والسلام والعدالة في ربوع بلادنا”.

سبوتنيك