سياسية

حمدوك: سأغادر إذا فشلت في حماية الجهاز التنفيذي

قال رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، إنه وقع الاتفاق الإطاري مع العسكريين، خشية أن تنزلق البلاد إلى حرب أهلية، وأن يصل العنف في الشارع إلى مراحل لا تحمد عقباها، بعد أن «وصلنا مرحلة الهاوية»، وكذلك خطورة ضياع المكتسبات التي تحققت للسودان خلال العامين الماضيين بعودته للأسرة الدولية، وإزالته من قائمة الإرهاب، وفك العزلة الاقتصادية عنه، وفي غضون ذلك دعت كيانات مهنية ولجان المقاومة وقوى التغيير لمظاهرة مليونية اليوم رفضا للانقلاب العسكري وما تبعه من إجراءات، وفي هذا الإطار أكد حمدوك أن سلمية المظاهرات ستكون أكبر أمام «الاتفاق السياسي» مع الجيش.
وفي لقاء مع عدد محدود من الصحافيين حضرته «الشرق الأوسط» بث في عدد من القنوات السودانية، قال حمدوك إن هذا الاتفاق يساعد في إخراج البلاد من الأزمة والنفق الضيق الذي دخلت فيه، ولا قيمة له إذا لم يتم تنفيذه. وقال: «سأعمل على حماية الجهاز التنفيذي من أي جهة تريد أن تتدخل، ولو فشلت في ذلك سأغادر».
وقال: «لم تُمارس عليّ أي ضغوط خارجية أو داخلية، وما دفعني إلى التوقيع على الاتفاق إحساسي بخطورة الوضع والمسؤولية، وإمكانية انزلاق الوضع إلى مآلات لا يحمد عقباها»، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي ساهم في دفع ذلك الاتجاه من خلال القرارات التي اتخذها.
وأكد حمدوك أن حق التظاهر مكفول للشعب السوداني، وقال: «تحدثنا بشكل صارم مع الأجهزة الأمنية بعدم التعرض للمظاهرات السلمية» التي ستخرج في الخرطوم ومدن البلاد الأخرى اليوم، واعتبر ذلك «اختبارا حقيقيا وتحديا قد يقدح في الاتفاق الأطاري إذا حدث تعد على المتظاهرين». وشدد على أن قتل المتظاهرين خلال الفترة الماضية لا يمكن أن يمر دون محاسبة. وقال مكتبه في بيان أمس، إن رئيس الوزراء أمر بتأمين المظاهرات المقررة اليوم.
ووعد رئيس الوزراء السوداني، بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين من بينهم، وزراء في حكومته السابقة في وقت قريب جدا، ربما يحدث خلال يوم، مشيرا إلى أنه تم إطلاق سراح أعضاء لجان المقاومة في الأقاليم، قد اعتقلتهم السلطات العسكرية للانقلاب. وأضاف أنه من حق كل شخص أو مجموعة أن تبدي رأيها في الاتفاق، أو تعمل حتى على إسقاطه، أو أن تشير إلى ما عملناه أنه خطأ، وأسهل شيء يمكن أن أتقدم به هو استقالتي.
وحول الضمانات للاتفاق، قال حمدوك: «قدرنا نحن المدنيين والعسكريين أن نسوق هذا الاتفاق للعالم، وهو اتفاق يسمح لنا باستعادة أجندة التحول الديمقراطي في البلاد».
وقال رئيس الوزراء السوداني، إن الاتفاق الذي وقعه مع قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، اتفاق إطاري، يسمح بمعالجة كل التحديات في الفترة الماضية، وهو امتداد للتجربة الانتقالية في البلاد. وأضاف هذا الاتفاق جاء بعد مشاورات مستفيضة، والكثير من المبادرات الجماعية والفردية، وفي الليلة الأخيرة قبل توقيعه اجتمع حوالي 30 شخصا يمثلون جناحي قوى الحرية والتغيير، وشخصيات وطنية ومحامين وأكاديميين شاركوا في الصياغة النهائية لهذا للاتفاق، وكل المحاضر مدونة وموجودة».
وأكد حمدوك «خرجنا بدرس أننا أوشكنا أن نفقد البلاد، وأن التحدي الحقيقي الذي يواجهنا جميعا هو الالتزام بتنفيذه». وقال: «لم أكن طرفا في الشكل النهائي الذي تم به الاتفاق الإطاري، ولكني كنت على استعداد للتوقيع عليه في هذه اللحظة التاريخية لوقف التدهور وشر الانزلاق الذي حدث في كثير من الدول».
وأقر حمدوك أن المدنيين والعسكريين ساهموا في الأزمة التي دخلت فيها البلاد، وما وصلنا إليه يمكن أن نصفه بأنه اتفاق غير مكتمل الأركان، ونختلف حوله.
وأشار إلى أن أول بند في الاتفاقية يتحدث عن الوثيقة الدستورية وتعديلها من خلال ميثاق سياسي تتوافق عليه كل القوى السياسية لاستكمال ما تبقى من قضايا الفترة الانتقالية.
وقال رئيس الوزراء السوداني: «سندخل في مشاورات مع كل القوى السياسية التي شاركت في الاتفاق، وقوى الحرية والتغيير بجناحيها لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة».
وأشار حمدوك إلى أن الاتفاق الإطاري به كثير من الثغرات والمشاكل، من بينها الخلل في تشكيل مجلس السيادة الانتقالي الحالي الذي كونه قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، ويمكن معالجتها من خلال ميثاق سياسي تتوافق عليه القوى السياسية بتقليص أعضائه.
وقال إن اقتصاد البلاد تعرض لخسائر بعد أحداث 25 من أكتوبر (تشرين الأول)، وإن استمرار هذا الوضع يمكن أن يُحدِث خللا كبيرا.
وأضاف تأثرت التحويلات المالية من الخارج، نتيجة لتوقف بعض البنوك في أوروبا عن التعاملات مع البنوك السودانية، إلا أن سعر الصرف لم يتأثر نتيجة لمؤشرات الاقتصاد الكلي.
وأكد حمدوك أنه سيواصل في البرنامج الاقتصادي الذي أقرته الفترة الانتقالية خلال العامين الماضيين، وعلى رأسها ولاية وزارة المالية على المال العام، على كل الشركات والمؤسسات التابعة للدولة والأجهزة الأمنية والعسكرية.
وشدد رئيس الوزراء على التمسك باتفاقية جوبا للسلام، واستيعاب جيوش الحركات المسلحة في جيش قومي موحد.
وفي السياق وصف الحزب الشيوعي السوداني، الاتفاق الإطاري الموقع بين قائد الجيش، ورئيس الوزراء، بأن هدفه تغيير موازين القوى داخل السلطة لصالح النظام المعزول، وبناء حاضنة جديدة، وإضعاف قوى الحرية والتغيير للهيمنة على الحكم وإعادة الإسلاميين للحكم.
وقال سكرتير الحزب الشيوعي، محمد مختار الخطيب في مؤتمر صحافي بالخرطوم، أمس، إن عبد الله حمدوك ليس رئيسا للوزراء، باسم الثورة، وإنما بأمر أميركا ووكلائها في المنطقة لتحقيق مصالح الغرب.
وطالب الخطيب بتكوين لجنة دولية في أحداث قتل المتظاهرين، وتقديم كل من أمر أو نفذ جريمة فض الاعتصام، وتنحي أو إقالة المحامي نبيل أديب.
ودعا الشيوعي جماهير الشعب السوداني للمشاركة الواسعة في مليونية اليوم «الخميس» رفضا للانقلاب العسكري وعودة الحكم المدني.
من جهة ثانية قالت الأمانة العامة لمجلس الوزراء إن رئيس الوزراء سيراجع التعيينات والإعفاءات التي أجراها الجيش مؤخرا في مناصب رئيسية في الدولة.
وأصدر حمدوك، الذي اعتقل خلال الانقلاب ثم أعيد إلى منصبه بموجب اتفاق مع الجيش جرى التوصل إليه يوم الأحد، توجيها بوقف جميع التعيينات والإعفاءات في الوظائف الحكومية. وقالت الأمانة: «إلى جانب ذلك، ستخضع كل التعينات والإعفاءات التي تمت في الفترة السابقة للدراسة والمراجعة والتقييم».
ومن المقرر أيضا أن يشكل حمدوك بموجب اتفاقه مع الجيش حكومة من الكفاءات، لكنه يواجه تحديا‭‭ ‬‬يتمثل في الفوز بدعم الجماعات المدنية.
وأعلنت حركة الاحتجاج المؤيدة للديمقراطية في السودان، والتي تخطط لتنظيم مزيد من التجمعات اليوم الخميس، معارضتها للاتفاق، ومعها الأحزاب السياسية التي كانت تتقاسم السلطة مع الجيش قبل الانقلاب.
ونفى تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير أمس وجود ممثل لقيادته في اجتماع أعلن عنه مكتب حمدوك مساء يوم الثلاثاء لمناقشة الخطوات المقبلة. وقال التحالف في بيان إن «المجلس المركزي (لقوى إعلان الحرية والتغيير) يكرر موقفه الرافض للتفاوض والشراكة مع الانقلابيين»، داعيا المواطنين إلى تصعيد المقاومة السلمية ضد القيادة العسكرية.

صحيفة الشرق الاوسط