عقب تأييدها موقف الصين من تايوان.. مأزق الخرطوم .. هل تكشر واشنطون عن أنيابها؟
موقف جديد وضع السودان نفسه فيه، في أعقاب تأييده جهود بكين التي تناصبها واشنطون العداء في الآونة الأخيرة جراء سياستها الخارجية التي استفحلت عقب زيارة رئيس مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لتايوان، في وقت فتحت فيه الخرطوم الباب على مصراعيه للتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في إطار توجه جديد، الامر الذي وضع السودان في خانة ازدواجية المعايير في إدارة العلاقات الخارجية مع الدول العظمى، فما اشبه الليلة بالبارحة عندما فتح الرئيس السابق عمر البشير الباب امام واشنطون في وقت ممد فيه علاقاته مع الشرق الاقصى دولتي روسيا والصين، لتترى أسئلة كثيرة، وهل سيرتد هذا التأييد الحكومي على السياسيات الخارجية وتكشر أمريكا عن انيابها ام ان واشنطون ستتجاوز هذا المطب؟
مأزق
ويرى مراقبون ان الخرطوم وضعت نفسها في مأزق دولي كبير وسط الدول التي تربطها معها مصالحها، وحذر خبراء دبلوماسيون وسياسيون من المجازفة بالتصريح العلني والانحياز إلى أحد الاطراف المتنازعة، واكدوا ان السودان ربما يواجه ضغوطاً امريكية واوروبية لاثنائه عن موقفه تجاه قرارات الصين بشأن وحدتها، وقالوا يجب الا يتم تجاهل صراعات المصالح لجهة ان اتخاذ اي موقف قد يعرض السودان للتضحية بمصالحه التي يبتغيها. وبالرغم من ان علاقات الخرطوم مع بكين لم تعد كما كانت الا ان الصين مازالت تحافظ على تلك العلاقات الثابتة، ولكن التقارب الامريكي جعل التباعد هو الخيار الاكبر، الا ان موقف الخرطوم الداعم لجهود بكين في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها لم يحظ بتأييد وسط الخبراء الدبلوماسيين والسياسيين، باعتباره تسرعاً من وزارة الخارجية.
موقف السودان
وأعلن السودان تأييده لجهود الصين في الدفاع عن وحدة أراضيها، في أعقاب تصعيد بكين رداً على زيارة رئيس مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لتايوان، وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيان إن الخرطوم تدعم مبدأ الصين الواحدة باعتبار تايوان جزءاً لا يتجزأ منها، وتؤيد جهود بكين في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها، وأشارت إلى أن السودان يحتفظ بعلاقات تعاون سياسي واقتصادي ودبلوماسي متميز مع الصين ويتبادل البلدان المنافع المشتركة، إضافة إلى الدعم والمساندة في المحافل الإقليمية والدولية.
خذلان
وابدى السفير السابق الرشيد ابو شامة استغرابه من موقف السودان بتأييده الصين، واصفاً الامر بالخطأ الدبلوماسي الكبير الذي لم يكن له داعٍ خاصة انه لم تقدم اية دولة على التعبير عن موقفها علناً بهذا الشكل، واكد ابو شامة في حديثه لـ (الإنتباهة) قائلاً: (حتى الآن لا نعلم ما هي الاسباب التي دفعت الجهات المسؤولة لاتخاذ هذا الموقف الذي لم تكن له ضرورة في الوقت الحالي)، واعتبر الموقف خذلاناً امام امريكا التي يحتاج اليها السودان لتحسين الاوضاع الاقتصادية التي يأمل ان تعود لسابقها، واشار الى ان التصرف ليس له اي معنى ولا توجد دولة سبقت السودان بالكشف عن موقفها، واوضح ان موقف الخرطوم مع بكين معروف وعلاقتها بها قديمة، محذراً من الاثر السلبي مع الامريكان، الا في حالة تغيير الحكومة وقدوم اخرى فربما تكون هناك بداية جديدة، واضاف قائلاً: (لم يطلب من الخرطوم طرح موقفها حتى تستعجل للاعلان عنه، خاصة ان علاقاتها مع الصين راسخة وثابتة حتى الآن، ومازالت هناك جهات تعمل داخل السودان).
اتفاقيات اقتصادية
وفي 16 أكتوبر 2020م أعلن السودان عن توقيع عشر اتفاقيات للتنقيب عن الذهب والمعادن المصاحبة. وكان توقيع الاتفاقيات بحضور وزير الطاقة والتعدين خيري عبد الرحمن ووكيل التعدين بالوزارة محمد يحيى والجيولوجي المستشار سليمان عبد الرحمن والمدير العام لهيئة الأبحاث الجيولوجية ومبارك أردول المدير العـام للشركة السودانية للموارد المعدنية والسفير الصيني في الخرطوم وممثلي الشركات الموقعة والولايات. وأكد وزير الطاقة السوداني على مضي وزارته في سياسة تطوير قطاع التعدين وضبط الشركات ومراقبتها، كاشفاً عن عطاء دولي للإعلان عن مربعات امتياز جديدة، وطرح (16) مربعاً للتوقيع مع (8) شركات أخرى، حيث حظيت (6) شركات سودانية بامتياز منها شركتان تابعتان للقطاع الخاص. وأكد سليمان عبد الرحمن المدير العام للهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية وجود (130) شركة قدمت للاستكشاف، حيث أكملت (32) منها فقط أوراقها، مشيراً إلى حصول الشركات الجديدة على مربعات امتياز، وأن جملة المساحات الصالحة للتعدين بالبلاد تصل الى مليون وثمانمئة ألف كم. وتضمنت الشركات الأجنبية شركة وانبو الصينية.
خطأ استراتيجي
واعتبر استاذ العلاقات الدولية والاستراتيجية د. محمد خليل الصائم الموقف خطأً استراتيجياً، لجهة ان الحكومة الموجودة حالياً حكومة تصريف اعمال وليس من حقها اتخاذ اية قرارات مهمة في شأن البلاد. وقال الصائم في حديثه لـ (الإنتباهة) ان الشأن الخارجي مرتبط بالشعب السوداني والآن ليس لديه برلمان، وأضاف قائلاً: (منذ إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر وحتى الآن لم يتم تشكيل حكومة، والموجودة كما ذكرت حكومة تصريف اعمال يومية منوط بها توصيل الناس الى الانتخابات، ومازالت حتى الآن في مرحلة عدم توازن وتريد من الشعب ان يشكل حكومته، لذلك يجب ان تنتظر حتى يقول الشعب رأيه في علاقاته الخارجية، وارتكبت وزارة الخارجية خطأً لانه ما هكذا تبنى العلاقات الدولية، فتارة تزور روسيا وتارة أخرى تؤيد الصين، وتمحور الشعب وتريده ان يكون في اي محور). وبحسب تقدير استاذ العلاقات الدولية فإن هناك استعادة للعلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الاوروبي، حيث رفعت امريكا تمثيلها الدبلوماسي بالسودان الى درجة سفير، ومعلوم انها اقدمت على ذلك لانها لا تريد ان تدخل بكين وموسكو في المنطقة الافريقية، واوضح ان مراكز اتخاذ القرار مهمة في مثل هذه الحالات، لانها تصدر قرارات مدروسة وبموجبها يتم اتخاذ القرار من قبل مراكز صناعة القرار.
استغلال
وأعلنت متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية يوم الأربعاء الماضي رفض بلادها استغلال الولايات المتحدة الأمريكية قضية تايوان كورقة سياسية داخلية. واتهمت المتحدثة واشنطون بتصعيد التوتر في منطقة مضيق تايوان واعتماد معايير مزدوجة في سياستها الخارجية، وشددت على أن الصين لن تسمح لأي طرف بدعم استقلال تايوان، مبينة أنه يتوجب على دول مجموعة السبع احترام سياسة الصين الواحدة.
الانتباهة أون لاين