ميسي يطوي سنوات المجد الأوروبية بانتقاله إلى متذيل الدوري الأميركي
على مشارف سن 36، يمكن لليونيل ميسي أن يضع حدا لمشواره راضيا بأن مسيرته المجيدة قد اكتملت، بعدما قاد منتخب الأرجنتين للفوز بكأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر العام الماضي.
فقد ضمن أسطورة برشلونة إرثه كأفضل من مرّ في جيله، وربما يجلس الآن على منصة الأساطير التاريخيين إلى جانب الراحلين مواطنه دييغو أرماندو مارادونا والبرازيلي بيليه.
لكن يبدو أنه ليس مستعداً لترك اللعبة بعد، عقب انتهاء تجربة دامت عامين في سان جيرمان الفرنسي. انعكس ذلك معضلة لميسي في عملية بحثه عن وجهته التالية.
وكل الأندية تبقى مستعدة وبكل سرور لضمّ الفائز بالكرة الذهبية 7 مرات، حتى بنسخة متقدمة في السنّ.
ولكن التعاقد مع ميسي -الذي بلغ راتبه السنوي في باريس 30 مليون يورو (32 مليون دولار) بعد الضرائب- يبقى باهظاً رغم ذلك، مما ترك للاعب نفسه عدداً محدوداً من الأندية القادرة على ضمّه.
ولذا، فإن عودته الرومانسية إلى نادي الطفولة نيولز أولد بويز في مسقط رأسه بروزاريو، قد تأجلت.
وأراد برشلونة استعادة ميسي، وكادت الخطوة تكون قصة عشق أيضاً. وفي مرحلة ما، بدا الانتقال إلى الشرق الأوسط أمراً لا مفرّ منه، لكن جاذبية الدوري الأميركي لكرة القدم (إم إل إس) أثبتت أنها لا تقاوم.
بالانتقال إلى الولايات المتحدة، ماثل ميسي ما فعله بيليه منتصف الثلاثينيات من عمره، على غرار الهولندي يوهان كرويف.
لكن الأسطورة سيلعب مع فريق مثقل بالهزائم، وآخرها هزيمته الثقيلة بالدوري الأميركي صفر-3 أمام سان لويس سيتي بعد 7 ساعات فقط من الإعلان الرسمي عن انضمام ميسي إلى الفريق، مساء أمس السبت.
وبهذه الخسارة يبقى إنتر ميامي متذيلا الترتيب في المجموعة الشرقية بالمركز 15، إذ لم يحقق أي فوز في آخر 11 مباراة خاضها في الدوري الأميركي.
أيقونة عالمية
كان الإنجليزي ديفيد بيكهام آخر اللاعبين الكبار الذين انتقلوا إلى الولايات المتحدة باعتباره أيقونة عالمية فعلية، عندما انضمّ عام 2007 في سن 32 إلى لوس أنجلوس غالاكسي.
في ذلك الوقت، كان ميسّي يبرز على الساحة العالمية، بعدما شارك للمرة الأولى مع برشلونة وهو في عمر 17 عام 2004.
ولعب الأرجنتيني مرتين ضد بيكهام في الكلاسيكو، وهي مباراة سجل ميسي فيها ثلاثية عندما كان مراهقاً في مباراة انتهت بالتعادل 3-3 في مارس/آذار 2007.
وتغيّرت كرة القدم في السنوات التي تلت، بينما أثبت ميسي نفسه كواحد من أفضل اللاعبين على الإطلاق في هذه اللعبة.
وانتقل ميسي إلى سان جيرمان المملوك قطرياً عام 2021، بعدما تعرض لطعنة في برشلونة (المثقل بالأزمات المالية والفضائح) الذي لم يعد قادراً على تحمّل كلفة تجديد عقد “البرغوث” إضافة إلى قواعد اللعب المالي النظيف في إسبانيا.
وهكذا، كان ميسي لاعباً في سان جيرمان عندما رفع كأس العالم في الدوحة في ديسمبر/كانون الأول الماضي مرتدياً رداء “البشت” التقليدي.
ولكن ميسي لم يسر على خطى غريمه القديم البرتغالي كريستيانو رونالدو في الانتقال إلى السعودية رغم الإغراءات المادية الضخمة.
ولا تزال البطولات المحليّة الرائدة بأوروبا، ودوري أبطال أوروبا، قمّة منافسات الأندية. وقد قيل إن ميسي يريد البقاء في القارّة على الأقل حتى كوبا أميركا 2026، عندما تدافع الأرجنتين عن لقبها.
وبدلاً من ذلك، ستكون المرحلة التالية من مسيرته، وربما الأخيرة، في البلد الذي يستضيف تلك البطولة، قبل مونديال 2026 المشترك مع كندا والمكسيك.
وقد يكون تكريم دولي كبير آخر هو الشيء الأخير الذي يحفّز اللاعب الذي فاز بكل شيء على مدى عقدين من الزمن، من كأس العالم تحت 20 عاماً عام 2005، إلى المونديال العام الماضي، عندما هزمت الأرجنتين فرنسا بركلات الترجيح في النهائي.
وتساءل ميسي بعد تلك المباراة التي سجّل فيها هدفين قبل أن يهزّ الشباك في ركلات الترجيح “ماذا يمكن أن يكون هناك أكثر بعد هذا؟”.
أفضل لاعب في التاريخ
في تلك اللحظة، حاكى ميسي إنجاز مارادونا عام 1986، لكن أحداً لا يقدر على مطابقة ما فعله ميسي في برشلونة.
وسجّل 672 هدفًا في 778 مباراة مع النادي الكتالوني، وفاز بدوري أبطال أوروبا 4 مرات، والدوري الإسباني في 10 مناسبات.
وأصبح الجناح الشاب المندفع والمعرّض للإصابة قليلاً، والذي احتاج إلى برشلونة لدفع تكاليف علاجه بهرمون النمو عندما كان مراهقاً، مهاجماً وهمياً مدمراً، ولاحقاً صانع الألعاب الأفضل في العالم.
وبات اللاعب القصير القامة متخصّصاً بركلات حرّة قاتلة، حتى أنه أجهد عضلات رقبته ليسجل هدفاً كلاسيكياً برأسه في نهائي دوري أبطال أوروبا 2009 ضد مانشستر يونايتد الإنجليزي.
وبحلول سنواته الأخيرة، أمضى ميسي فترات طويلة من اللعب وهو يتجوّل في أطراف الملعب ماشياً، قبل أن تنبض به الحياة.
وقال عنه مواطنه بيب غوارديولا، مدرب برشلونة السابق ومانشستر سيتي الإنجليزي الحالي، في ديسمبر/كانون الأول الماضي “لقد قلت مرات عدة إنه الأفضل بالنسبة لي. لو لم يفز بكأس العالم، فإن رأيي حيال ما فعله من أجل كرة القدم العالمية لن يتغيّر”.
وإذا ما كان ميسي في ذروته ساحراً، فإن العامين الماضيين على مستوى الأندية كانا محبطين.
فسجّل 32 هدفاً في 75 مباراة مع سان جيرمان، وصنع عدداً لا يحصى من الأهداف لكيليان مبابي، وفاز بلقبين فرنسيين.
ورغم ذلك، لم يتمكن من رفع كأس دوري أبطال أوروبا مع الفريق المتوج بلقب الدوري الفرنسي.
ولقد كان هناك شعور بأن عبقرياً بات في حالة انحدار، وإن كانت ذروته أعلى من أي شخص قبله.
وقال مدرب سان جيرمان السابق كريستوف غالتييه عنه “كان لي شرف تدريب أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم”.
سكاي نيوز
الجزيرة