سياسية

بعد تدمير منشآت حيوية بالخرطوم.. نبوءة قديمة عن النهاية تثير الجدل بالسودان!

استدعى السُّودانيون، مقولة قديمة نُسبت لفقيهٍ وعالمٍ روحاني سُوداني عاش بالبلاد قبل ثلاثة قرون تقريبًا، تنبأ فيها بمشهد نهاية مدينة الخرطوم.
المقولة الشهيرة التي سار بذكرها الركبان عبر القرون، جرت على ألسنة السودانيين بعد اندلاع الحرب، إلا أنّها حضرت بقوة الأيام الماضية بعد المَشَاهِد المُروِّعة لتدمير منشآت حيوية بالعاصمة السودانية، مثل الخراب الذي لحق بكوبري شمبات الرابط بين مدينتي الخرطوم بحري وأم درمان، ومصفاة البترول بالجيلي شمال الخرطوم، وأخيراً تدمير ممر السّيّارات بجسر خزان جبل أولياء، وغيرها من مَشاهِد الدمار والخراب والقتل الحرائق بالخرطوم منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني والدعم السريع منتصف أبريل الماضي.

ماذا قال ود تكتوك؟!
المقولة الصادمة المنسوبة للشيخ فرح ود تكتوك، وهو عالمٌ روحانيٌّ عاش بالسودان قبل ثلاثة قرون تقريبًا، مفادها أنّ نهاية الخرطوم ستكون إما حرقًا أو غرقًا. تلك المقولة الصادمة لم تكن وحدها المنسوبة للشيخ فرح عن مَشَاهد النهاية المأساوية لمدينة الخرطوم. فهناك مقولةٌ أخرى نُسبت إليه بأن “الخرطوم تتعمّر إلى سوبا ثم تفكك طوبة طوبة”. ويقصد الشيخ فرح أنّ الخرطوم تبلغ شأناً عظيمًا بالعمران حتى يبلغ عمرانها سوبا على تخوم ولاية الجزيرة بوسط السودان، ثم تتحطّم كما لم تكن شيئًا. و(سوبا) المذكورة هنا إحدى الضواحي الجنوبية للخرطوم وأُقيمت على تخوم مملكة سوبا الأثرية الشهيرة.

جَـدلٌ ومُفَـارقاتٌ!
وللشيخ فرح ود تكتوك، حصيلةٌ وافرةٌ من المقولات المأثورة المنسوبة إليه، من بينها المقولات المتواترة عن النهاية المأساوية للخرطوم. إلّا أنّ تلك المقولات الشفاهية الشهيرة المنسوبة للشيخ فرح لم تكن محل جدل في السابق.
أمّا اليوم، فهناك ثمة أصوات مضادة لهذه المقولات تُؤكِّد أنّ الغالبية العُظمى من تلك المقولات المتواترة لم تجرِ على لسان الشيخ فرح، إنّما أُلصقت به كما تجري العادة مع أبطال الحكايات الشعبية في كل البلدان التي تُنسب لأبطالها الخوارق من الفعل والقول.

بين التأييد والإنكار
أولئك المنكرون ذهبوا إلى أنّ المُشافهة المُعتمدة كقناة حصرية لرواية القصص والحكايات جيلاً بعد جيلٍ، تسمح بتلك الإضافة التي تخصم من شروط صحة المقولات المأثورة المنسوبة للشيخ فرح، الكثير.
كما أشاروا إلى أنّ الخرطوم لم تكن إحدى المدن الرئيسية أو الشهيرة بالبلاد في فترة مُعاصرة الشيخ فرح.
فقد نشأت وتطوّرت وذاع صيتها، بعدما نقل الأتراك العثمانيون العاصمة من مدينة سنار إلى مدينة ود مدني بوسط السودان، ثُمّ إلى مدينة الخرطوم عام 1825م، أي بعد وفاة الشيخ فرح بعشرات السنين.
ومن المُفارقات العجيبة أنّ الأتراك العثمانيين استخدموا الطوب الأحمر من بقايا خرائب مملكة سوبا الأثريّة، لرفع قواعد مبنى القصر الجمهوري الحالي بالخرطوم، وكان يُسمّى حينذاك “سراي الحكمدارية”.
في المُقابل، يُؤكِّد مؤيدو المقولة أنّ تراث الشيخ فرح ود تكتوك لم يُخضع لتحقيق تاريخي مُستقلٍ عبر مُؤرِّخين أو باحثين مُختصين لتنقيته من الشوائب والإضافات، والتفريق بطريقة علمية بين الأقوال التي جرت على لسانه، والأقوال المنسوبة إليه.
ويُشيرون إلى أنّ مقولات الشيخ فرح عن مدينة الخرطوم ونهايتها المأساوية، لم تكن موضع اهتمام كما يحدث حالياً، فقد ظلت لزمن طويل أحاديث للمُؤانسة والاستشهاد فحسب.
أمّـا اليوم، فقد صارت تمتلك القُـدرة على إثارة الجدل، لأنّها تتعرّض لاختبار حقيقي يُؤكِّد مَدَى صدقيتها بعد أن سلّطت التطوُّرات الأخيرة بالخرطوم، الأضواء عليها بشدة مرةً أخرى.

مَـن هو الشيخ فرح ود تكتوك؟
يُذكر أنّ الشيخ فرح ود تكتوك فقيهٌ وعالمٌ سودانيٌّ، وُلد وعاش في مدينة سنار بالقرن السابع عشر الميلادي، وبالتحديد إبان حكم مملكة سنار الإسلامية.
يُعتبر الشيخ فرح من المُتبحِّرين في علوم الدين، كما اشتهر أيضاً بالصلاح والحكمة، ونُسبت إليه مقولاتٌ شهيرةٌ سرت كالنار في الهشيم وسط السُّودانيين عبر القُرون.

أين تقع سنار؟
تُعتبر سنار من كبريات المدن التاريخية بالسودان، كانت عاصمة للدولة السنارية، التي تُعد أكبر مملكة إسلامية قامت في السودان بعد انهيار دولة الموحدين بالأندلس والمغرب.
ولعبت مملكة سنار (1504 – 1821) دوراً تاريخياً وثقافياً ودينياً مُهمّاً، حتى سُقُوطها على أيدي الأتراك العثمانيين.
وتقع سنار على الضفة الغربية لنهر النيل الأزرق، على بُعد 500 كلم تقريبًا بالاتّجاه الجنوبي الشرقي للخرطوم.

العربية نت