رياضية

“تحد هائل” للسعودية حتى مونديال 2034.. وفارق كبير عن قطر

من عشب هجين مروراً بمقاعد مريحة للمتفرّجين وصولاً إلى تبريد الملاعب وترشيد الطاقة، تواجه السعودية، قبل عقد من استضافتها كأس العالم لكرة القدم، تحدياً هائلاً لبناء ملاعب حديثة، بالإضافة إلى فنادق جديدة ووسائل النقل.

وتُعدّ البنية التحتية مصدر القلق الرئيس للدولة الخليجية الغنية بالنفط، الوحيدة المرشحة لاستضافة مونديال 2034، الطامحة في أن تصبح قوّة رياضية عالمية.

تستضيف المملكة العربية السعودية منذ عام 2020 رالي داكار وجولات من سباقات فورمولا واحد منذ عام 2021، وأطلقت دوري “ليف غولف” واحتضنت نزالات نخبوية في الملاكمة، إلى جانب استقطاب نجوم كرة القدم العالميين مثل البرتغالي كريستيانو رونالدو والبرازيلي نيمار.

ومع ذلك، فإن تنظيم بطولة تضم 48 منتخباً يمثل تحديًا كبيرًا في هذا البلد الواقع في الصحراء.

يتطلب الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وجود 14 ملعبًا بسعة استيعابية تتسع لأربعين ألف متفرج على الأقل، بالإضافة إلى ملاعب أخرى للمراحل الإقصائية تتسع ما بين 60 و80 ألف متفرج، بالإضافة إلى عدد كبير من ملاعب التدريب.

ومع ذلك، يوجد حالياً ملعبان فقط، من بين أكثر من ثلاثين، يتسعان لأكثر من 40 ألف متفرج، وهما “الجوهرة” في جدة (62 ألف متفرج) واستاد الملك فهد في الرياض (80 ألف متفرج)، الذي يخضع حاليًا لعملية تحديث شاملة ستزيد طاقته الاستيعابية لأكثر من 90 ألف متفرج.

وقال مسؤول في الاتحاد السعودي لكرة القدم، وافضل عدم الكشف عن اسمه، “إننا ما زلنا نمتلك عشر سنوات كاملة لتغيير ملامح الملاعب بشكل جذري”.

وأضاف “إنها تحد كبير ولكننا سنتجاوزه”.

وفي سياق متصل، قال سوفوكليس سوفوكليوس، ممثل شركة تشيكية متخصصة في أرضيات الملاعب، “إن المهمة ليست سهلة، ولكن ما يمنح الأمل للسعودية هو الالتزام من قبل القيادة العليا بتحقيق الهدف والقدرة المالية بالطبع”، وذلك قبل أن يقدم عرضًا للعشب الاصطناعي أمام مسؤول في الاتحاد خلال مؤتمر “تصميم وهندسة الملاعب المبتكرة: تشكيل مستقبل الملاعب السعودية” الذي عقد في الرياض نهاية فبراير.

وكثير من الملاعب السعودية قديمة ومحاطة بمضمار للجري ولا تزيد قدرة استيعابها عن 20 ألف متفرج، وهي أبعد ما يكون عن حالة الملاعب المترفة في الجارة قطر التي استضافت أواخر 2022 أوّل مونديال في الشرق الأوسط والعالم العربي.

وبغرض أفضل استضافة لكأس آسيا 2027، شرع أكبر مصدّر للنفط في العالم في بناء 3 ملاعب جديدة، الرياض في شمال شرق العاصمة، القدية على بعد 40 كلم من الرياض والدمام في شرق البلاد، وهي ملاعب يفترض افتتاحها بحلول 2026.

كما تنوي السعودية بناء ملعب في مدينة الدرعية، مهد الدولة السعودية، وحصل تصميمه على موافقة مجلس إدارتها بالفعل، على ما أفاد مسؤول في المدينة فرانس برس.

وتستعد وزارة الرياضة لطرح مناقصات توسعة وبناء ملاعب بقيمة 10.1 مليار ريال (2.69 مليار دولار)، على ما أفادت تقارير صحفية.

وستقدم السعودية رسمياً ملف ترشحها في يوليو 2024، ثم يأتي قرار الجمعية العمومية لفيفا في الربع الأخير من العام الحالي.

وأشارت تقارير صافية محلية إلى أن المملكة تنوي استضافة كأس العالم في الرياض، ومدينة جدة الساحلية على البحر الأحمر الخاضعة لمشروع تطوير عملاق، والدمام في شرق البلاد، وأبها ذات الطقس المعتدل، والقدية، بالإضافة إلى مدينة نيوم المستقبلية (شمال غرب).

لكن بالنسبة للمهندس المعماري المصري حسين مهران، فان مفهوم البنى التحتية لكأس العالم يتجاوز الملاعب “المفهوم الأوسع يشمل وسائل التنقل سواء بين المدن أو داخل كل مدينة والإقامة وتكنولوجيا الاتصالات والساحات العامة وتأشيرات الدخول وليس فقط الملاعب”.
تكييف الملاعب

وكان رئيس الاتحاد السعودي ياسر المسحل أكّد في مقابلة سابقة مع فرانس برس أنّ بلاده “جاهزة” لكل الاحتمالات حيال توقيت الاستضافة، خصوصاً أن مونديال قطر أقيم خلال فصل الخريف، بسبب درجة الحرارة المرتفعة في الخليج صيفاً.

وقال المسحل “اليوم هناك تقنيات كثيرة وجديدة تساعدك في التبريد أو إضافة المكيفات في الملاعب”.

وعلى غرار باقي دول الخليج، تشهد معظم مدن السعودية، ومنها العاصمة الرياض، حراً شديداً في الصيف، إذ تتراوح درجات الحرارة ما بين 40 و50 درجة مئوية، لكن بعض مدن المملكة تتمتع بطقس معتدل صيفاً، مثل أبها والطائف والباحة.

وبدأت السعودية بالفعل في السعي لتبريد بعض ملاعبها القائمة.

وقال رضوان درويش المدير الفني في شركة للتكييف إنّ شركته تقدّمت للحصول على عقود لتبريد 3 ملاعب، هي الشباب في الرياض والاتفاق في الدمام والفتح في الاحساء.

واعتبر أنّ “محاولة نقل النجاح الأوروبي في عالم كرة القدم للمملكة صعب تطبيقه واقعياً من دون تكييف كافة الملاعب”.

وفيما رأى ان “التحدي الأصعب هو تكييف ملاعب قائمة بالفعل”، أشار إلى تحد آخر يكمن في أنّ تكون الملاعب صديقة للبيئة، عبر استخدام أقل للكهرباء.

وأمام المملكة تحد مختلف مرتبط بإعداد كوادر بشرية قادرة على إدارة هذه الملاعب، بحسب لي كولير المدير الفني لمجموعة “اس تي آر أي” للاستشارات التي تعمل مع البلدان المستضيفة لكأس العالم منذ 2010.

وقال “نظرًا لعدد الملاعب الكبير الذي نتحدث عنه، وعدد أماكن التدريب، يمثل هذا تحديًا كبيرًا لتحسين المهارات وتجهيز عدد أكبر من الأشخاص ليكونوا قادرين على إدارة هذه الأماكن”.

ويمكن للسعودية بالطبع الاستعانة بالأجانب لإدارة ملاعبها بشكل كامل.

لكن كولير قال “بالنسبة لي، لدى السعودية مهمة تتمثل في تجهيز أشخاص داخل البلاد يمكنهم تقديم هذا الأمر. هناك إرث حقيقي ذو معنى، بدلاً من كونه مجموعة من الأجانب يأتون ويقومون بالأمر”.

الحرة