الخارجية: دعوة فرنسا لمؤتمر دون التشاور مع الحكومة السودانية استخفافٌ بالغٌ بمبدأ سيادة الدول
انتقدت وزارة الخارجية، دعوة نظيرتها الفرنسية لمؤتمر بعد غد الأحد دون علم الحكومة السودانية أو التشاور، واعتبرته استخفافاً بالغاً بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومبدأ سيادة الدول، أساس النظام الدولي المعاصر.
وذكّـرت الخارجية في بيان اليوم الجمعة، منظمي ذلك الاجتماع، أن نظام الوصاية الدولية قد تمت تصفيته قبل عقود من الزمان، وأنه أصلاً لم يكن ينطبق على الدول الأعضاء بالأمم المتحدة مثل السودان الذي نال عضوية المنظمة الأممية منذ عام ١٩٥٦.
وأشار البيان إلى أنّ الاختباء خلف ذريعة الحياد بين من يسميهما المنظمون “طرفي نزاع” لتبرير تجاهل السودان في تنظيم هذا الاجتماع، حجة لا قيمة لها، وأمرٌ مرفوضٌ، وسابقة خطيرة في العلاقات الدولية. فالمساواة بين الحكومة الشرعية، والجيش الوطني من جهة، ومليشيا إرهابية مُتعدِّدة الجنسيات تستهدف مؤسسة الدولة نفسها وتمارس الإبادة الجماعية وأسوأ انتهاكات حقوق الإنسان، من الجهة الأخرى، من شأنها تقويض أسس الأمن الإقليمي والدولي، لأنّها تُشجِّـع الحركات الإرهابية الشبيهة في أفريقيا والشرق الأوسط على تصعيد أنشطتها الإجرامية، لأنّها ستكون ذريعة لقِـوى غربية لتجاهل سيادة الدول المُتضرِّرة وحكوماتها الشرعية بدعوى الحياد. هذا مع العلم أنّ رعاة المليشيا الإقليميين وجناحها السياسي سيشاركون في الاجتماع.
وتابع البيان: “كانت حكومة السودان، ومن واقع مسؤوليتها عن شعبها، سبّـاقة في السعي لحشد الدعم الدولي اللازم لمواجهة الأزمة الإنسانية التي خلقها عدوان المليشيا ورعاتها الخارجيين على الشعب السوداني. فبمُبادرة من حكومة السودان ومشاركة عددٍ من الدول الشقيقة والصديقة، انعقد المؤتمر الدولي للمساعدات الإنسانية للسودان بجنيف في يونيو ٢٠٢٣، قدّمت خلاله تعهُّـدات كبيرة بالمُسَـاعدات. ومن أجل حَـثّ المجتمع الدولي للوفاء بتلك التعهُّدات، انعقد الاجتماع الدولي رفيع المستوى بنيويورك في أكتوبر ٢٠٢٣ بالتعاون بين حكومة السودان والأمم المتحدة، إلا أن نسبة الوفاء بتلك التعهُّدات حتى الآن لم تتجاوز نسبة ٥٪”.
وطالبت الخارجية للوفاء بالتعهُّدات السابقة بدلاً من تبديد الموارد والجُهُـود في عقد مؤتمرات جديدة لن تعدو أن تكون مجرد مهرجانات سياسية ودعائية، ربما يستغلها رعاة المليشيا لإعادة تسويقها وغسل جرائمها، وتقديم الدعم لها تحت غطاء المساعدات الإنسانية.
وجدّدت التزام الحكومة السودانية بتقديم كل التسهيلات الممكنة لحشد وإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في كل أنحاء البلاد، وأشارت إلى أن أقصر الطرق لإنهاء المعاناة الإنسانية في السودان هو عبر إلزام رعاة المليشيا بالتوقف عن تزويدها بالسلاح والمرتزقة والأموال، لأن ذلك الدعم هو وحده ما يمكنها من مواصلة وتصعيد عدوانها على الشعب السوداني، كما حدث خلال الأيام الماضية، حيث ارتكبت المليشيا مجازر جديدة ضد المدنيين بالقرب من الفاشر وفي جنوب كردفان والجزيرة والنيل الأبيض.
وطالبت الخارجية بموقف حازم من المجتمع الدولي ضد استهداف المليشيا المعلن لقوافل المساعدات الإنسانية عبر المسارات التي تم الاتفاق عليها بين السودان والأمم المتحدة، كاحتجازها لمركبات اليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي التي تحمل أغذية وأدوية الأطفال مخصصة لمعسكرات النازحين في شمال دارفور لاحتواء حالات سوء التغذية وسط الأطفال، واستيلائها على طائرة تتبع لبرنامج الغذاء العالمي، عرضتها هذا الأسبوع باعتبارها غنيمة حرب. وسبق للمليشيا أن نهبت أكبر مخازن برنامج الغذاء العالمي بالجزيرة واستولت على أغذية تكفي لأكثر من مليون ونصف من المحتاجين.
وقال بيانٌ الخارجية: “لا يستغرب أن تتمادى المليشيا في جرائمها المريعة طالما استمر تساهل القوى الغربية حيالها، وصمت هذه القوى على تنصل المليشيا مما وقّـعت عليه في منبر جدة، والذي يمثل الإطار العملي لتوصيل المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين”.
وأكّـد البيان أنّ الشعب السوداني هو وحده صاحب الحق في إدارة شأنه العام، وتفويض مَـن يرى لقيادته نحو تحقيق تطلُّعاته في السلام والديمقراطية والتنمية دون وصاية أو تدخُّل من القوى الخارجية مهما ادّعته من حرص على سلامته ومصالحه، مشيراً إلى أن تلك هي المواقف والمفاهيم التي يتوقع أن يحرص عليها الأشقاء والأصدقاء وكل محبي العدل والسلام ممن سيشاركون في الاجتماع المعني.