تقنية معلومات

إنقسام بين الناشرين الأوروبيّين حول جدوى مكتبة “غوغل” الرقميّة

بعدما انضمّت الشركات العملاقة في مجال الإنترنت “مايكروسوفت” و”ياهو” و”أمازون” إلى التّحالف المعارض للصّيغة الحاليّة لمشروع “غوغل” الطَّموح الذي يهدف إلى تحويل ملايين الكتب إلى محتوى رقمي لمكتبتها الافتراضيّة، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركيّة في تقرير نشرته في عددها الصّادر اليوم الإثنين حول هذا الأمر الذي أخذ على مدار اليومين الماضيين أبعادًا جديدة خارج نطاق الولايات المتّحدة على أنّ التسوية القانونيّة الأميركيّة المقترحة التي تمنح “غوغل” الحقّ في بيع النّسخ الرقميّة لملايين الكتب أدّت إلى حدوث حالة من الانقسام بين النّاشرين والمؤلّفين في أوروبا، الذين يسعون جاهدين إلى تطوير بدائل قابلة للتطبيق لمشروع “غوغل” الطّموح الخاص برقمنة الكتب.

ويريد “التحالف” تقديم طعن قانوني أمام القضاء بتسوية تمّت بالتّراضي بين “غوغل” ومؤلّفين ودور نشر تسمح لعملاقة محرّكات البحث بتحويل ملايين الكتب إلى محتوى رقمي وبيعها. وهذه الاتّفاقية التي لم تُنجز نهائيًّا بعد، تسمح بالبتّ بشكوى جماعيّة مقدّمة عام 2005 ضدّ المكتبة الإلكترونية لأكبر محرّك بحث في العالم. ومن خلال هذه الاتّفاقية التي تدرسها حاليًّا وزارة العدل لمعرفة ما إذا كانت تطرح مشاكل على حريّة المنافسة، وافقت “غوغل” على دفع 125 مليون دولار مقابل إسقاط الملاحقات القضائيّة ونشر نسخ ملايين المؤلّفات على الإنترنت. ووافق محرّك البحث على تقاسم العائدات الإعلانية على أن يتقاضى 37 في المئة منها ويعود 63 في المئة إلى أصحاب حقوق هذه الأعمال.

من جانبها، أشارت الصحيفة إلى أنّ بعضًا من كبار دور النشر الأوروبية مثل مطبعة جامعة “أوكسفورد”، و”برتلسمان” و”هولتزبريتك”، اللذين يمتلكان “راندوم هاوس” و”ماكميلان” على التوالي، يدعمون الاتّفاقية التي ما زالت تنتظر الحصول على الموافقة من جانب أحد القضاة الأميركيين لأنّهم يرَون وفقًا لما ذكرت الصحيفة أنّ تلك الاتّفاقية توسّع بشكل كبير من وضوح سجلاّتهم الأرشيفيّة من أجل عمليّات الشراء التي تتمّ عبر الإنترنت.

أمّا معارضو الصفقة، والذين يرَون أنّها ستسمح للمستهلكين الأميركيين بشراء إمكان الوصول عبر الإنترنت إلى ملايين الكتب الخاصّة بالمؤلفين الأوروبيّين التي خضعت أعمالهم لعمليّات المسح الضوئي في المكتبات الأميركية، فأعدادهم في تزايد مُطّرد. وفي السياق نفسه، توجد معارضة واسعة النطاق في ما بين الناشرين الفرنسيين، في حين تخطّط الحكومة الألمانية، جنبًا إلى جنب مع جمعيّات التحصيل الوطنيّة في ألمانيا والنمسا وسويسرا وإسبانيا، للدّخول في مناقشات جدليّة ضد هذا الأمر وحث المؤلّفين على الانسحاب من الاتّفاقية.

من جانبه، قال أكاش ساكديفا، المحامي المتخصّص بقضايا الملكيّة الفكريّة في شركة “ألين آند أوفيري” القانونيّة في العاصمة البريطانية لندن: “يمكنني أن أتخيّل أنّ المحكمة الأميركية التي ستصدر حكمها في الرابع من سبتمبر/أيلول المقبل ستقول ذلك لأنّ هناك قدرًا كبيرًا من الأطراف الأساسيّة حول العالم ممّن مالوا إلى ذلك، ثم يجدر المضيّ قدمًا”.

أمّا سانتياغو دي لا مورا، رئيس شركات الطباعة ل”غوغل” في لندن، فقال من جانبه: “نحن نعتقد بأنّنا نساعد الصناعة بشكل هائل من خلال خلق وسيلة للمؤلفين والناشرين تتيح لهم التواجد. كما تحظى عملية البحث بأهمية كبرى، وإذا لم تكن متواجدًا، فلا يمكن للبقية أن تسير على النهج نفسه”. كما أشار دي لا مورا إلى أنّ المؤلّفين يمكنهم دائمًا أن يزيلوا أعمالهم من سجلّ المسح الضوئي الأميركي التابع لشركة “غوغل”.

في حين قالت ألين كوك، المديرة التنفيذيّة لشركة “إديتيس”، ثاني أكبر دار نشر للكتب في فرنسا، إنّ الكثير من الناشرين الفرنسيين يعترضون على التسوية الأميركية. هذا وتواجه “غوغل” معركة قضائية أيضًا في فرنسا، حيث تمّت مقاضاتها في عام 2006 من قِبل دار نشر “لا مارتينييه” التي تدّعي بأنّ مشروع مسح الكتب الخاص بها يُشكّل تعدّياًا على حقوق التأليف والنشر. وانضمّت رابطة الناشرين الفرنسيّين إلى تلك القضيّة التي حُدّد لها موعد يوم الرابع والعشرين من شهر سبتمبر/أيلول المقبل. أمّا في بريطانيا، حيث يرتبط الكثير من دور النشر بعلاقات وطيدة بالولايات المتحدة، فيفضّل الناشرون تجنّب الدخول في مواجهة صريحة مع “غوغل”.
المصدر :ايلاف