اقتصاد وأعمال

قرارات وشيكة لتهيئة بيئة الاستثمار في السودان


أكد المجلس الأعلى للاستثمار التابع لرئاسة الجمهورية عن صدور قرارات وشيكة لتهيئة بيئة الاستثمار بالبلاد. وقال السفير أحمد محجوب تاور الأمين العام للمجلس في منبر (سونا) أمس، إن وزارة الداخلية ستقوم في الايام القليلة المقبلة في إطار تبسيط الإجراءات الحكومية بإلغاء تسجيل الأجانب ومنح المستثمر الأجنبي تأشيرة خروج متعددة لمدة عام ومنح تأشيرات دخول متعددة للمستثمرين من الخارج بالتنسيق مع وزارة الاستثمار والسفارات السودانية.
وأشار الى أن هذه الإجراءات تتضمن زيادة مدة الإقامة للمستثمرين الى عامين قابلة للزيادة الى خمس أو عشر سنوات. بجانب تبسيط الإجراءات للمواطن السوداني.
وأبان ان الحكومة تسعى لتبسيط الإجراءات المتعلقة بالصادرات والواردات عبر الموانئ والمعابر البحرية وذلك بتطبيق توصية المجلس المتعلقة بتشكيل مجلس أعلى للموانئ ووضع مؤشرات لأداء الميناء وتشجيع قيام الموانئ الجافة وتجارة الترانسيت واستخدام الماسحات في النظم الجمركية، وأكد اكتمال الإجراءات المتعلقة بإنشاء نافذة موحدة في الموانئ، وأشار إلى قيام فريق عمل بزيارات لعددٍ من الدول للاستفادة من تجاربها في مجال تبسيط الإجراءات وتهيئة بيئة العمل، لافتاً إلى أن المجلس زار عدداً من الولايات وجهات الاختصاص.
وفيما يتعلق بملكية الأرض كشف السفير تاور، أن اللجنة التي كونتها رئاسة الجمهورية لإعادة النظر في حيازة استخدام الأراضي سترفع تقريرها النهائي قريباً مما سيزيل الالتباس في مسألة استخدام الأراضي نهائياً. وكشف عن صدور لائحة قريبا تنظم الاستثمار في مجال البنيات التحتية وذلك بمنح ميزات إضافية للمستثمرين في هذا المجال عن طريق الـ BOT .
وبشأن العمالة الأجنبية أوضح تاور، أن الهجوم عليها في السودان غير مبرر, وقال إن عددها لا يتعدى الـ (2 – 3%) بحسب دراسة أُجريت على (150) مصنعاً، واشار الى أن وجود هذه النسبة ضمن العمالة الوطنية سيعمل على إكسابها المهارة اللازمة. وأشار الى ضرورة المساواة بين حقوق العامل والمخدم في قانون العمل السوداني.

صحيفة الراي العام


تعليق واحد

  1. قطر والسودان: قراءة في أبعاد الاستثمار الأجنبي المباشر (3)
    علي الحمدان
    2010-03-29
    عندما كنت أقرأ عن بعض المكاسب التي حققتها السوق السودانية من وراء جذبها للاستثمار الأجنبي المباشر من قطر وبعض الدول الخليجية، كان يرد إلى ذهني مايكل نايلور، وهو أحد القياديين الكبار في شركة «جنرال موتورز» في وقت مضى، وهو يقول: «إن المنافسة في عالم التجارة اليوم يمكن قياسها بالسباق، ولكنه سباق لا ينتهي أبدا. فكل ما يمنحك إياه المكسب الذي تحققه اليوم، هو أنه يعطيك فرصة للاستمرار في المنافسة في السباق غداً». ولذلك، لا ينبغي أن نفهم أن زيادة مساحة التبادل التجاري بين قطر والسودان في الفترة الماضية دليل على أن المحفزات السودانية ستقود إلى مضاعفتها بالضرورة. فالسودان، بالنسبة للشركات متعددة الجنسية، عبارة عن فرصة واحدة، من ضمن فرص كثيرة منافسة. وقد رأيت في هذا المقال أن أستعرض خيارا استثماريا منافسا للخيار السوداني، وهو الاستثمار في السعودية. وذلك، بما أن بعض الشركات القطرية التي تستثمر في السودان قد قررت أيضا الاستثمار في السعودية. وسأستعرض مسألة واحدة، هي الاستثمار في بناء الوحدات السكنية في السعودية، وهو ما سيفتح للقارئ باب المقارنة بين الفرصتين.
    تعتبر السوق العقارية السعودية من أكبر الأسواق الإقليمية، حيث يبلغ عدد السكان 25 مليون نسمة، بناءً على آخر إحصائية، وبنموّ هو الأعلى في العالم من المتوقع أن يصل بالرقم إلى 30 مليون نسمة في عام 2015. والذي يميز السعودية عن كثير من الدول هو أن p من عدد السكان أعمارهم تحت الثلاثين، ومن الطبيعي أن تكون أغلب هذه الشريحة لم تتزوج أصلا فضلا عن أن تتمكن من تملك مسكنها الخاص بعد. أما بالنسبة للأسر، فإن ما يعرف بـ «استراتيجية الإسكان في المملكة» تستهدف زيادة معدل ملكية الأسر السعودية للمساكن من نحو U في عام 2005، إلى نحو بحلول عام 2020، مما يشكل زيادة ضخمة في الطلب على الوحدات السكنية الجديدة في المستقبل. ولذلك تقول بعض التقديرات إن السعودية تحتاج إلى نحو 4.5 مليون وحدة سكنية خلال العشرين سنة المقبلة، بمعدل متوسط قدره 225 ألف وحدة سكنية في السنة، إلا أن بعض المحللين يرون أن هذا المعدل يزداد كثيرا في السنوات الأولى، لأن حاجة السوق تصل إلى 1.7 مليون وحدة سكنية خلال أقل من ثلاث سنوات فقط من الآن. ورغم هذه الحاجة الماسة، فإن تحقيقها تحيطه مجموعة من العقبات والعراقيل الكثيرة، لعل أبرزها شح نسبي في السيولة الحالية اللازمة لاستيفاء هذه الحاجة الضخمة. وهذا ما يفتح المجال للبحث عن مصادر للاستثمار الأجنبي المباشر والمشاركة مع بعض الشركات الاستثمارية العقارية متعددة الجنسية.
    الخيارات تبدو متعددة، بيد أن خيار الاستفادة من التوجه القطري الكبير للاستثمار العقاري في الخارج لعله يكون من أنسبها للسوق السعودية على الإطلاق. ففي بداية عام 2008، قدرت أوساط عقارية حجم الاستثمارات العقارية القطرية في الخارج بنحو 145 مليار ريال قطري، تنتشر في نحو 40 دولة حول العالم. ومما ينبغي الإشارة إليه أن أغلب هذه الاستثمارات يعود إلى شركة الديار القطرية للاستثمار العقاري، وهي إحدى الأذرع الاستثمارية المملوكة بالكامل للحكومة القطرية من خلال صندوقها السيادي المسمى بـ «جهاز قطر للاستثمار». ومن الشركات المهمة، مجموعة الشركات التابعة لمجموعة «تداول» القابضة، مثل شركة «إزدان» العقارية العريقة، التي يبلغ رأسمالها 26 مليار ريال قطري وقيمتها السوقية تتجاوز اليوم 95.4 مليار ريال قطري. وبعدها تأتي شركة «مكين»، التابعة لنفس المجموعة، وهي رغم أنها حديثة قد أنشئت في الربع الأخير من عام 2007، وهي مرحلة حرجة تزامنت مع ظهور الأزمة المالية العالمية، فإنها حققت نتائج استثمارية متميزة بدءاً بعائد نقدي فاق  في أول ربع، ومن المتوقع أن تشهد نموا في صافي الإيرادات يفوق في هذا العام عن العام الماضي. وهذه عيّنة من مجموعة شركات كثيرة، مثل شركة بروة العقارية وغيرها، تملك التأهيل للاستثمار في السوق السعودية والتفاعل مع بعض احتياجاته، غير أنها تحتاج إلى ضمانات سياسية واقتصادية تزيد من أسهم جاذبية السوق السعودية مقارنة بغيرها من الأسواق.
    قضية تغطية الحاجة في بناء المساكن في السعودية، ليست إلا واحدة من قضايا متعددة تتعلق بالتبادلات التجارية المشتركة بين السعودية وقطر. ورغم أن هذا التبادل التجاري قد ارتفع ارتفاعا كبيرا من 2.018 مليار ريال عام 2003، إلى 6.687 مليار ريال في عام 2008، فإن هذا الرقم ما زال دون المستوى المأمول لحاجة السوقين الملحة من الاستثمار الأجنبي المباشر المتبادل. ولم يكن بالإمكان زيادة هذا الرقم دون الدخول في مباحثات واسعة وشفافة من قبل القيادات السياسية. ولأن الأمر من الأهمية بمكان، جاء القرار الأهم في شهر يوليو من عام 2008، بإنشاء «مجلس التنسيق السعودي القطري المشترك» برئاسة ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وعضوية رفيعة المستوى والتمثيل من الجانبين السعودي والقطري. وقد انبثق عن المجلس تأسيس «الملتقى السعودي القطري للأعمال»، والذي عقد اجتماعه الأخير في شهر فبراير الماضي بمشاركة أكثر من 300 رجل وسيدة أعمال من الطرفين، وتم الإعلان خلاله عن إنشاء 6 لجان قطاعية تخصصية مشتركة وهي: البنوك والتأمين، والعقارات والمقاولات، والنقل والخدمات، والطاقة والصناعة، والتجارة، وسيدات الأعمال. وبحسب البيان الختامي فإن هذه اللجنة تتولى متابعة أعمال المجلس ووضع الآليات المناسبة لإزالة المعوقات التي تعرقل انسياب السلع والبضائع والخدمات بين البلدين.
    وبما أننا نتحدث عن بناء المساكن كمثال، فإنه ينبغي أن نشير إلى وجود اختلافات جوهرية في عرف الشركات متعددة الجنسية بين الاستثمار العقاري، وبين غيره مثل الأبحاث والتقنية التي يمكن نقلها من سوق إلى سوق بسهولة. ولذلك، فإن شركات الاستثمار العقاري مهتمة بالنمو الاقتصادي في البلد المضيف، حتى يكون للمستهلك قوة شرائية كافية، وإلا تكبدت خسائر فادحة. ولذلك، فإن شركات الاستثمار القطرية قد تكون لديها أسئلة حول الحلول المطروحة للتعامل مع صعوبات ومعوقات التمويل التي تواجه المواطن السعودي، كانعدام فرصة الحصول على قرض صندوق التنمية العقاري، وارتفاع أسعار الأراضي، وانخفاض متوسط دخل الفرد وارتفاع نسبة البطالة وتكاليف البناء ونحوها. وهنا تبرز أهمية مجلس التنسيق المشترك وملتقى الأعمال، حيث تتيح الفرصة للتباحث المباشر مع صناع القرار وقادة السياسة والتجارة من أجل الاطلاع على القرارات الاستراتيجية المتعلقة بالأمر. وحينها ستجد أن السعودية متوجهة مثلا لإقرار نظام الرهن العقاري. والرهن العقاري يعرف بأنه حبس عين العقار لدى طرف أو جهة أخرى مقابل قرض أو دين أو خلافه لحين استيفاء الدين ومن ثم فك العين المرهونة. وهذا سيؤدي إلى زيادة نسبة الائتمان الذي تخصصه البنوك التجارية لتمويل القطاع العقاري، فالضمانات التي يوفرها نظام الرهن العقاري ستكون حافزا في تطوير برامج البنوك وابتكار عمليات جديدة للتمويل العقاري. وقد ذكرت دراسة أعدتها الغرفة التجارية مؤخرا، أن نظام الرهن العقاري يشجع على زيادة أعداد شركات التقسيط والتمويل العقاري وتوسيع نشاطاتها حيث يتوقع أن يصل عددها لأكثر من 50 شركة في العام الأول لتنفيذ النظام، مما سينجم عنه اتساع في قاعدة فرص التمويل للمواطنين.
    ويبدو أن البنوك بدأت تنتج مجموعة من برامج التمويل الجذابة والتنافسية من الآن استعداداً لاستقبال بعض المتغيرات الجديدة. فقد كنت أقرأ جريدة «الرياض»، عدد السبت، فوجدت تقريرا مفصلا، عن برنامج «بيتي للتمويل السكني» الذي أطلقه بنك الجزيرة. وهو تمويل يعتمد على صيغة الإجارة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية كما يصفها المسؤول عن المصرف. وهذا البرنامج، تم تصميمه ليشتمل على العديد من المزايا التي تأخذ بعين الاعتبار كافة احتياجات العميل، والتي منها طول فترة السداد التي تصل لمدة 30 سنة وبدفعات ميسرة تتناسب مع دخل الفرد. هذا فضلا عن الحد العالي لقيمة التمويل والذي قد يصل إلى خمسة ملايين ريال، إضافة إلى عدم اشتراط أي كفيل أو تحويل جبري للراتب، مع إمكانية تضامن الزوج والزوجة للحصول على قيمة أعلى لشراء منزل أحلامهم. والبنك يقدم أربعة برامج تمويلية، وجميعها تأتي بعدد من المزايا التنافسية منها تقديم أعلى نسبة تمويل عقاري تصل إلى 0 من قيمة العقار واحتساب قيمة التمويل على أساس كافة مصادر الدخل وليس فقط الراتب مع إمكانية تمويل أصحاب المهن الحرة والتأمين التكافلي المجاني ضدّ مخاطر الوفاة والعجز الكلي فضلاً عن التأمين المجاني على العقار ضدّ كافة المخاطر التي قد تسبب تلفه. وهذا عبارة عن برنامج لبنك واحد، فكيف سيكون الحال بعد إقرار نظام الرهن العقاري ودخول 50 شركة تمويل عقاري إلى السوق السعودية؟
    نحن هنا لم نتكلم إلا عن مسألة واحدة فقط هي بناء الوحدات السكنية، فما بالك بغيرها. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: أين يقع السودان بالنسبة للسعودية في الخريطة التنافسية؟ وهل ينبغي للسودان أن يطور أكثر من الامتيازات الخاصة في الاتفاقيات الثنائية حتى تكون بيئته منافسة فعلا ويستمر في السباق غداً؟

    alhamdan.2010@yahoo.com
    ——————————————————————————
    نقلت لكم هذا من جريدة الوطن القطرية مع ايميل الصحفي