تقنية معلومات

“تدوينات”.. موقع إلكتروني يحولك من متلقٍ إلى “مواطن صحفي”

في ظل الثورة التكنولوجية التي تشهدها وسائل الإعلام والاتصالات، لم يعد المواطن في أي بلد مقيداً بدور المتلقي للأنباء، بل بات بمقدوره أن يكون أحد صانعيها أو محلليها.

هذا ما استندت إليه فكرة موقع “تدوينات”، الذي أطلقته مجموعة من الشبان في مصر أخيراً بهدف تحويل رجل الشارع العادي إلى “مواطن صحفي”.

و”تدوينات” ليس أول موقع عربي يقدم خدمة المدونات المجانية لمستخدميه، لكنه الأول المتخصص فقط في عالم التدوين، إذ تقدم المواقع العربية الأخرى مثل “جيران” و”مكتوب” خدمات أخرى عدة إلى جانب التدوين.

ويتميز “تدوينات” الذي يعمل بنطاقي “دوت كوم” و”دوت نت” بتوفير خدمة التدوين الصوتي والمرئي للتسهيل على من لا يمتلكون المقدرة على صياغة ما يدور في أذهانهم بالكلمات المكتوبة، ويتم التدوين بهذه الطريقة من خلال برنامج يتم تحميله من على الموقع مجاناً.

وقال محمود قابل، المتحدث باسم الموقع وأحد مؤسسيه، إن “تدوينات” يمثل تأصيلاً عملياً لفكرة المواطن الصحفي.

وأضاف: “كل مواطن أصبح قادراً على أن يوثق ما حوله ويسبق حتى وسائل الإعلام التقليدية بلقطات صورها بالهاتف المحمول أو بكاميرا فيديو أو فوتوغرافية لتكون محتوى إعلامياً ينشر في مدونته على الموقع”.

وقال قابل إن “تدوينات” الذي يرفع شعار “فضفضة بلا حدود إبداع بلا قيود” أقيم “بتمويل ذاتي من مؤسسيه ولا يهدف إلى الربح”.

وبلغ عدد المدونات على الموقع حتى الآن 1800 مدونة تقريباً، ويضم نحو 1500 عضو ويجوز للأعضاء إنشاء أكثر من مدونة.

وقالت الصحفية المصرية إيمان عبدالمنعم وهي صاحبة مدونة على الإنترنت: “أرى أن هذا الموقع سيكون إضافة لدعم حالة الحراك السياسي الذي تشهده البلاد (مصر) حالياً والتي تتفاعل معها المدونات بشكل كبير. وأتوقع أن يتزايد نشاط المدونات خلال الانتخابات البرلمانية القادمة والانتخابات الرئاسية التي ستعقبها”.

ضغوط على الإعلام التقليدي

وقال ياسر عبدالعزيز الخبير الإعلامي المصري “شهدت الساحة المصرية والعربية عموماً إقبالاً كبيراً ومتسارعاً على أنشطة التدوين وتطوير فكرة المواطن الصحفي”.

وأضاف أن “بعض المساهمات التي وردت عبر الإنترنت من خلال المدونات كانت مادة خام لقصص وأخبار ظهرت لاحقاً في ما يسمى الإعلام التقليدي”.

وتابع: “أفضل ما فعله التطور الكبير في ما يسمى الإعلام الجديد وعلى رأسه التدوين أنه ضغط على الإعلام التقليدي وأجبره على توسيع هوامشه”.

وقال الصحفي السوداني بابكر عيسى مدير تحرير صحيفة “الراية القطرية” إن المدونات “تشكل مساحة إضافية للناس الذين يحتاجون لمثل هذه المساحة وتمثل عيناً للمجتمع المدني في مواجهة ممارسات السلطات الخارجة عن القانون”.

واتفق عبد العزيز وعيسى على أنه سيكون للمدونات دور فعال ومؤثر في تغطية بعض الأحداث الساخنة التي تشهدها المنطقة العربية حالياً، مثل استفتاء انفصال جنوب السودان، والجمود السياسي في العراق بشأن تشكيل حكومة جديدة، والانتخابات في البحرين والتوتر الشيعي في بعض دول الخليج، والانتخابات البرلمانية والرئاسية في مصر، والجدل بشأن المفاوضات المباشرة في فلسطين وغيرها من الأحداث.

تأجيج الفتن

لكن ياسر عبدالعزيز قال إن هناك اشكالاً كبيراً يتعلق بالتدوين وهو أنه “لا يخضع لأي نوع من التنظيم”. وأضاف أن “المدونات كما هي مصدر مهم للخبر قد تتحول إلى وسيلة لتأجيج الفتن”، مستشهداً بما حدث في قضية رجل الدين الشيعي الكويتي ياسر الحبيب وقضايا المسلمين والأقباط في مصر وأحداث مباراة مصر والجزائر الكروية.

وسحبت الكويت الجنسية من ياسر الحبيب في سبتمبر (أيلول) الماضي بعدما اتهم بإهانة شخصيات إسلامية يجلها السنة.

وقال بابكر عيسى “مشكلتها (المدونات) أن بعضها يفتقد للمصداقية وهذه مسألة مهمة جداً، وأؤكد على ضرورة توفر المصداقية فهذا هو الرهان الحقيقي لبقاء وانتشار هذه المدونات في المستقبل”.

وأضاف أن المدونين “مطالبون بأن ينأوا بأنفسهم عن الأخبار التي لا أساس لها وألا ينحازوا سياسياً لمصلحة جهة من الجهات”.

الصحف مهددة

ويرى البعض أن المدونات قد تقضي يوماً ما على الصحف والمواقع التقليدية، لكن الصحفي المصري بسيوني الوكيل قال إن “من الصعب أن تقضي المدونات على الصحف ووسائل الإعلام الأخرى، إذ يصعب على القارئ مطالعة آلاف المدونات يومياً لمعرفة جميع الأخبار”.

وأشار الوكيل كذلك إلى أن المدونات “ربما تكون منبعاً لاكتشاف المواهب الصحفية بين المواطنين العاديين”.

وقدر تقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري عام 2008 تحت عنوان “المدونات المصرية.. فضاء اجتماعى جديد” عدد المدونات العربية آنذاك بنحو 490 ألف مدونة بينها نحو 160 ألف مدونة مصرية.

ويعاني المدونون النشطاء في مصر وأغلب الدول العربية من المضايقات والملاحقات الأمنية، واعتقل بعضهم وحوكموا وصدرت ضدهم أحكام بالحبس.

وقال عيسى بابكر إن المدونين يواجهون إلى جانب تحدي المصداقية “قهر السلطات لهم ومحاولتها ملاحقتهم”. وأضاف “سيكون هناك مستقبل لهذه المدونات إلا إذا لم تنفتح السلطات نحو الفضاء الإعلامي الأوسع وتقبل به”.

وذكر التقرير السنوي لمنظمة “صحفيون بلا حدود” ومقرها العاصمة الفرنسية باريس أن مصر احتلت المرتبة 143 من بين 175 من حيث حرية الصحافة في عام 2009 الماضي.

وعادة ما ترفض الدول العربية والدول النامية الانتقادات الموجهة لها من المنظمات الدولية بشأن حقوق الإنسان وحرية الصحافة، وتصفها بأنها محاولات من الغرب للتدخل في شؤونها الداخلية وتقويض استقرارها.

العربية نت