جدل بالسعودية بشأن “فروسية النساء”
مع بداية السنة الميلادية الجديدة دخل ملف “الرياضة النسائية في السعودية” منطقة جديدة من الجدل، وذلك من بوابة رياضة الفروسية بعد حضور طالبات بمدارس الرياض سباق الفروسية على كأس وزارة التربية والتعليم بتوجيه من الوزارة ذاتها.
وقد جوبه الحدث “بحملة إلكترونية” خاصة من المحافظين الإسلاميين حملت تنديدا واستنكارا، وطالبوا “القيادة السياسية ممثلة بالملك عبد الله بن عبد العزيز بالتدخل لمنع مثل تلك الأنشطة التي يحدث فيها الاختلاط الممنوع شرعا”.
واستندت تلك “الحملة الإلكترونية” على فتوى للداعية الإسلامي عميد كلية الشريعة السابق بجامعة الإمام محمد الدكتور سعود بن عبد الله الفنيسان التي حرمت ممارسة رياضة الفروسية للفتاة بسبب الاختلاط وظهور عورتها أمام الرجال.
وكانت الفتوى قد صدرت عقب مشاركة الفارسة السعودية دلما حسين ملحس في الألعاب الأولمبية الصيفية الأولى للشباب بسنغافورة في أغسطس/آب الماضي، وحازت فيها الميدالية البرونزية فئة الفردي في قفز الحواجز ضمن منافسات الفروسية.
الفنيسان طالب الملك السعودي بالتدخل لمنع أنشطة الاختلاط (الجزيرة نت)
تنشيط دعاة التغريب
وفي حديث للجزيرة نت قال الدكتور الفنيسان “إن دعاة التغريب الذين ينشطون ساعة بعد أخرى في ملفات عديدة خاصة ملف رياضة النساء بشكل عام، إنما يريدون إخراج المرأة من عفتها”.
واعتبر الفنيسان أن الحدث الأخير المتعلق بدعوة وزارة التربية والتعليم لحضور الطالبات “مخالف للأنظمة والقوانين التي يُعمل بها في المملكة العربية السعودية القائمة على الأصول الشرعية”.
وطالب “أولياء أمور الطالبات بمنع بناتهم من حضور تلك الاحتفالات إذا ما تأكد لهم وجود الاختلاط” واصفا المنع بأنه “شرعي”.
وأوضح الفنيسان طبيعة فتواه السابقة قائلا “في فتواي السابقة لم أحرم رياضة الفروسية للمرأة لذاتها، وإنما حرمتها إذا صاحبها الاختلاط بالرجال، أو صاحبها نقل مباشر عبر الفضائيات، أو نشر الصور عبر الصحف ووسائل الإعلام الأخرى”.
ووجه نداء إلى الملك عبد الله بالتدخل لمنع إقامة تلك الاحتفالات من قبل وزارة التربية والتعليم أو غيرها من الجهات الرسمية والأهلية.
لا تراجع
لكن الناشطة الليبرالية والأكاديمية الدكتورة أميرة كشغري رأت في خطوة وزارة التربية والتعليم بإحضار الطالبات لمسابقة الفروسية “تحولا تاريخيا كبيرا في المشهد السعودي الرسمي”.
وأضافت في حديثها للجزيرة نت أن “هذه الخطوة حاسمة ولا يجب التراجع عنها تحت ضغط الإرهاب الفكري من قبل المحافظين المتشددين”.
وأشارت إلى وجود أمرين يهددان معاقل المتشددين الإسلاميين في السعودية حسب وصفها- وهما “خروج المرأة للنشاط العام، وممارسة السعوديات للرياضة”، لكنها أكدت على ضرورة التدرج في هذه الخطوات وعدم حرق المراحل.
كما طالبت الدكتورة كشغري القيادة السياسية السعودية “بسن قوانين لحماية وتعزيز جميع أشكال الرياضة النسائية بما يعد انقلابا على منهج الوصاية بالنسبة للمحافظين الرافضين للتطور الطبيعي”.
توجه نحو الفروسية
وبحسب رئيس قسم الرياضة في إحدى الصحف السعودية فضل عدم ذكر اسمه- فإن هناك إقبالا “متطورا” من قبل السعوديات على ممارسة “رياضة الفروسية” بهدف المشاركة في مسابقات الفروسية (القفز على الحواجز وسباقات التحمل المعروفة بسباقات القدرة).
وأضاف أن أكبر الداعمين لرياضة الفروسية للنساء هو الأمير الوليد بن طلال من خلال الإسطبلات المجهزة باسم “المملكة” التي شاركت فارساته في مسابقات عدة.
واستطرد بأن المؤشر الثاني لإقبال السعوديات هو زيادة عدد المدارس التي تفتح حصصا تدريبية خاصة بالنساء لتعلم ركوب الخيل والفروسية.
ووفقا لصاحب إسطبل يبعد عن جدة 30 كلم- يدعى أبو محمد فإن الاتحاد العام للفروسية يتحمل السبب في عدم تقنين فروسية الفتيات حتى الآن، مؤكدا أن الحصة التدريبية الواحدة تكلف ما بين 15 و25 دولارا أميركيا.
وقد شاهدت الجزيرة نت مدربات فرنسيات متخصصات يدربن فتيات تتراوح أعمارهن بين 15 و18 عاما على القفز على الحواجز في الأسطبل المذكور، وفضل القائمون على الأسطبل عدم التصوير.
الجزيرة نت