سياسية

خبراء : الخرطوم ستكون آمنة واحتمالات للعنف في جوبا

قبل ساعات من الإعلان الرسمي لانفصال جنوب السودان عن شماله تعيش العاصمة الخرطوم هدوءها المعتاد وهي تترقب بحذر احتفال الجنوبيين بالاستقلال، وربما عضد من هذا الهدوء أن اليوم الذي سيسبق الانفصال صادف الجمعة العطلة الرسمية في البلاد، بينما تباينت آراء المواطنين بشمال السودان حول توقعاتهم بما يمكن أن يؤول له الوضع إبان هذه الاحتفالات.

وفيما أكد خبراء أمنيون أن حدوث أعمال عنف في شمال السودان يعد احتمالاً ضعيفاً إلا أنهم توقعوا أن تقوم بعض الجماعات الجنوبية بأعمال شغب وعنف يؤدي الى ترويع الوضع الأمني الى حد ما.

وكانت السلطات الأمنية في السودان رفعت من درجة تأهبها تحسباً لأي توترات أمنية فيما استبعدت حدوث أعمال عنف على غرار أحداث الاثنين الأسود الدموية صبيحة وفاة زعيم الحركة الشعبية جون قرنق.

وأوضح الخبير العسكرى والأمني اللواء محمد العباس في حديثه لـ”العربية.نت” أن هذه التحوطات الأمنية في الجنوب والشمال أمر طبيعي وضروري، حتى لا يتفاجأ الناس بعمل عدائي ينسف كل المجهودات التي تمت خلال الخمس سنوات الماضية، وأشار العباس الى أن احتمال ضعيف أن تحدث أعمال عنف في شمال السودان، باعتباره الخاسر الأكبر ولأن هناك اقتناعاً تاماً لدى المواطنين بأن ما تم قد تم على أسس سليمة وديمقراطية وقانونية وبناءً على اتفاقية سمحت بانفصال الجنوب، لكن الخبير الامني أشار الى توقعات بأن تقوم بعض الجماعات الجنوبية في الشمال بأعمال شغب وعنف يؤدي الى ترويع الوضع الامني الى حد ما.

أما بالنسبة للجنوب فقد قال العباس إن الاحتمالات اكبر بأن تحدث فيه أعمال عنف نسبة للاختلافات والصراعات القبلية والمشكلات الاقتصادية، وقضية استيعاب العائدين من الشمال، إضافة الى أن النزاع حول أماكن الثروة، مضيفاً الى ذلك مشكلة الميليشيات الشعبية المنتشرة في الجنوب والتي قال إن أغلبها يتمثل في قبيلتي النوير والدينكا ما يجعل احتمال الاصطدام بينهما وارد.
قلق وخوف ما بعد الانفصال

وقال صاحب أحد المطاعم بالعاصمة الخرطوم وهو مواطن شمالي، إن هذا اليوم بالنسبة له طبيعي وإنه لا يشعره بفرق من الناحية الأمنية عن الأيام السابقة، وحول انفصال الجنوب قال إنه اصبح امراً واقعاً لكنه قال إن المهم ان يعود خيراً وسلاماً على الشمال والجنوب على حد سواء.

بينما قال أحد أبناء الجنوب – رفض الافصاح عن اسمه – وكان يبدو عليه الوجوم، إنه يعيش في شمال السودان منذ ما يقارب 20 عاماً ويعمل حالياً في مهنة بيع رصيد الاتصالات، وذكر أنه لم يتمكن من الذهاب للجنوب لظروف العمل، وأنه خلال الخمسة أيام الماضية ظل يتردد على وكالات السفر ليجد تذكرة طيران الى الجنوب ولكنه فشل، بل وجد أن أسعارها قد تضاعفت لتصل الى ما يقارب 150 دولاراً، وهو في حيرة من امره لأنه لا يمتلك ذلك المبلغ، ولم يخف قلقه عن مصيره بالجنوب وقال “بعض الجنوبيين ولدوا بالشمال منذ عشرات السنين ولا يعلمون لهم وجهة في الجنوب.. وتساءل ماذا يفعل هؤلاء؟”، وحول توقعاته بما يمكن ان يحدث خلال الاحتفالات بالدولة الجديدة قال مستهجناً: “لن يحدث شيء”.

وتحسّر محمد عثمان من الشمال لفقده أصدقاء وزملاء من أبناء الجنوب وصفهم بالأوفياء والصادقين والأمينين، مع تحفظه على البعض الآخر، وفيما يخص الوضع الأمني قال: “كل شيء وارد”.
احتفالات الوداع
ويتزامن ذلك مع احتفالات ينظمها عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية في شمال السودان وذلك بمناسبة وداع العاملين من أبناء الجنوب في تلك المؤسسات،وامتلأت صحف الخرطوم التي صدرت اليوم بصور وأخبار هذه الاحتفالات، حيث قام الجيش السودان امس الخميس بالاحتفال بتسريح ما بين 1617 ألفاً من المنسوبين اليه من ضباط وضباط الصف المنتمين الى جنوب السودان، بحضور وزير الدفاع السوداني، وقال اللواء فالكوان قور متحدثاً باسم المسرّحين، إنهم يدفعون الآن فاتورة باهظة الثمن بأفعال السياسة، مشيراً الى أنهم أصبحوا عرضة لعدم الاستقرار ما يجلهم في حاجة الى ترتيبات دقيقة تمكنهم من توفيق أوضاعهم، مضيفاً “أن أشد ما يؤلمنا ان نجد أنفسنا مودعين لزملاء وإخوان والحسرة والحزن تملأ قلوبنا ونحن نودع بعضنا بفعل السياسة”.

وكان وزير الداخلية السوداني المهندس إبراهيم محمود حامد قد استبعد حدوث أي مشكلات أمنية في شمالي السودان بحلول يوم التاسع من يوليو موعد الانفصال الفعلي بين الشمال والجنوب، على غرار ما حدث عشية وفاة الدكتور جون جارانج، مؤسس الحركة الشعبية، وقال الوزير في تصريحات صحافية: إنه ليست هناك معلومات تفيد احتمال وقوع مشكلات أمنية في ذلك اليوم، ولكن الشرطة في المركز والولايات اتخذت احتياطات تأمينية لأي طارئ، وكشف عن لجنة أمنية مشتركة تتابع مسألة الترتيبات الأمنية بين الشمال والجنوب.
العربية نت