كيف نغني للوطن وشبابنا يفضل الغرق على الحياة فيه؟
بعد توقيع معاهدات السلام مع إسرائيل .. لم يعد هناك حاجة أو معنى لأغنيات من نوعية ” خلى السلاح صاحي ” أو ” الله أكبر فوق كيد المعتدى ” أو ” راجعين في أيدنا سلاح ” .
فلسنا في عصر الأغنيات الحماسية أو الأغنيات التي تدعو إلى الحرب وتذكرنا بالمجد وتحفزنا ضد الأعداء
حاجتنا بعد السلام إلى أغنيات تزيد الانتماء والإحساس بالوطن في سنوات زاد فيها اليأس والإحباط ، وكثر الحديث عن موت الشباب غرقاً في طريقة للهجرة غير الشرعية ، وعن أزمات الغذاء والبطالة واستشراء الفساد ، وعودة أجواء الهزيمة النفسية رغم مرور 35 سنة على تحقيق النصر .
لذلك كانت أغنية ” ماشربتش من نيلها ” للمطربة شيرين عبد الوهاب والملحن عمرو مصطفى هي الأجمل والأصدق والأبقى خلال السنوات العشر الماضية لأن كلماتها كانت عفوية وتلقائية وغير مباشرة وبسيطة جداً بساطة الفتاة الجميلة ” نور عبد الله ” التي كتبت هذه الكلمات المعجونة في حب الوطن وعمرها لم يزد عن 18 سنة فقط .. خرجت الكلمات من قلبها مباشرة فوصلت إلى قلوبنا ، وساعدها ” التيمة ” اللحنية العبقرية في ” جربت تغنى لها .. ماشربتش من نيلها ” .. والصوت المصري الأصدق والأجمل الآن .. شيرين .
وقبلها بعام واحد غنت ” بسكوتة ” الغناء العربي نانسى عجرم ” أنا مصري وأبويا مصري ” ، فكانت أكثر من رائعة ، وخرجت بالأغنية الوطنية أيضاً من عباءة الكلمات المكررة المباشرة والمعاني المحفوظة عن عظمة الأهرامات وخلود النيل وكفاح العامل والفلاح إلى كلمات أبسط وأرق .
صحيح أننا لا يجب أن ننسى أبداً نجما الأغنية الوطنية والسياسية البديلة الشاعر الراحل عبد الرحيم منصور ، والمطرب الأسمر المثقف محمد منير ، أو ننسى أغنيات عبقرية مثل ” الليلة يا سمرة ” و ” شجر الليمون ” و ” مسكينة حبيبتي السمرة ” و ” أتكلمي ” و ” في كل حي ولد عترة ” و ” حدوتة مصرية ” وعشرات الأغنيات الجميلة لهذا الثنائي مع الراحل الموهوب أحمد منيب .
لكن منير توقف منذ عشر سنوات على الأقل عن تقديم أعمال بهذه الروعة ، وفقد كثيراً برحيل منصور ومنيب ، وتحول مع كوثر مصطفى إلى الاتجاه الديني ، وكتابة السيناريوهات ..
أما على الحجار وأغنياته المميزة في هذا المجال سواء من كلمات المخضرم سيد حجاب أو المتميز جمال نجيب فلم يكتب لها الانتشار لأنها لم تصور بطريقة الفيديو كليب ، ولا تذاع إلا نادراً ، كما أن معانيها مغرقة في السياسي وبعيدة قليلا عن الوطني ، ربها رموز تحتاج إلى تفكير وتعمق حتى تستجيب لفهم المتلقي العادي .. وهو ما لم تقع فيه الموهوبة الصغيرة ” نور ” في ” ماشربتش من نيلها ” .
وأغنيات قليلة أخرى ابتعدت عن الشكل الملحمي والتحريضي فى أوبريتات ” الحلم العربي ” و ” القدس هترجع لنا ” و ” التضامن العربي ” و كلها أعمال جديرة بتحية أصحابها وتوجيه الشكر لهم على حسهم الوطني ووعيهم القومي ، إلا أنها ستظل مرتبطة بالحالة الشعورية والنفسية التي ارتبطت بها ، ولن تدخل الأذن والقلب وتظل تترد على الألسنة بنفس السهولة التي تتسرب بها أغنيتي شيرين ونانسي عجرم
مصراوي