سياسية

جوبا الخرطوم ما بين الدفع نقداً والشيكات السياسية الآجلة


[JUSTIFY]ليس هنالك من دليل قوى على أن جوبا شديدة التأثر بقرار وقف ضخ النفط من مسارعتها -رغم القضايا العالقة- لسداد رسوم عبور النفط نقداً الى البنك المركزي السوداني فى الخرطوم مطلع الأسبوع الفائت.
ففي حين كانت فى السابق قبل الخلاف تتباطأ وتجادل فى سعر وتعرفة المرور، فإنها الآن في خضم الأزمة بادرت بالسداد نقداً دون محاججة، وهو ما يُفهم منه أن جوبا قد تعلمت الدرس ووعته تماماً، وهذا بدوره يفضي بنا الى عدة مؤشرات جميعها هامة.
أولها أنّ جوبا ليست لديها إستراتيجية على الأقل على المديَين القريب والمتوسط لمعالجة قضية تصدير نفطها، فقد انقضت حتى الآن أشهراً تقارب العامين منذ أول قرار لها بوقف ضخ النفط فى فبراير 2012م.
لو كانت لديها إستراتيجية لتغيير مجرى النفط لكانت الآن قطعت شوطاً بعيداً فى إنشاء الخط الناقل الجديد ولقلنا إنها تعمل على نزع سلاح النفط من يد الخرطوم.
النقطة الثانية وهي وثيقة الارتباط بالأولى، وهى أنّ جوبا -من الأساس- لا نية لها لتصدير نفطها عبر منفذ آخر غير السودان وذلك لسببين: الأول أنها أذا قررت ذلك بالفعل وعقدت اتفاقاً حقيقياً فإن هذا يجعلها فى حاجة الى قروض وموارد لتنفيذ الخط الجديد ولن يتأتّى لها ذلك في الوقت الذى فيه تملك خطاً جاهزاً.
بمعنى أن الكلفة الاقتصادية ستكون مزدوجة، فهي تدفع أموال طائلة فقط لأغراض سياسية الأمر الذى يجعلها -وهي في طور النمو- دولة مثقلة بالديون. السبب الثاني أن جوبا لا تضمن أنه وإلى حين الانتهاء من إنشاء الخط الجديد سوف ينساب نفطها عبر الأراضي السودانية على الأقل بذات السعر الحالي وبدون ان يستخدم السودان ذات النفط لانتزاع حقوقه الأخرى لديها، إذ ليست هنالك دولة تفرط فى سلاحها بيدها بحثاً عن سلاح آخر.
وهكذا فإن جوبا تورطت فى قضية النفط ورطة كاملة ولم يعد أمامها سوى تسوية كافة قضاياها العالقة مع السودان لضمان مرور آمن ومستدام لنفطها.
النقطة الثالثة أن جوبا لا تريد ان يتعرقل بأي حال من الأحوال انسياب النفط على الأقل فى هذا المناخ السياسي الصعب الذى تعيشه جراء الصراع السياسي الدائر يبن قيادات الحركة الشعبية والتوقعات المرتقبة إذ ان النفط أصبح الآن واحداً من عناصر المعركة، فلو فرطت فيه لوقعت الحكومة الجنوبية الحالية فى أزمة اقتصادية ستزيد من طين الخلاف الدائر بلاًّ وسيكسب مناوئو الرئيس كير وسيخسر هو.
النقطة الرابعة أن جوبا لم تعد تشكك -كما كانت تفعل فى السابق- في كمية النفط أو تتهم الخرطوم بسرقته. فهي موقنة ان الكميات صحيحة والسعر صحيح ولهذا ومنعاً لأي خلافات تسارع بسداد القيمة كاملة.
وهكذا فإن وقف ضخ النفط فى المرة الأولى بواسطة جوبا جعلها تدفع ثمناً غالياً فى المرة الثانية حين اتخذ القرار السوداني وهو ثمن دفعته جوبا نقداً من جيبها السياسي باضطرارها للرضوخ للسودان والاتفاقيات الموقعة معه والتخلص من بعض القادة في جوبا، وإظهارها بمظهر الضعيف الشديد الحاجة الى النفط وعائداته، وهذا مرده الى عدم دراستها لجدوى القرار الأول واندفاعها فيه.
ولكن سيظل الثمن الحقيقي الذي يتعين على جوبا دفعه كفوائد سياسية على سعر مرور النفط تنفيذ الاتفاقية الثنائية الشاملة بينها وبين الخرطوم والمتمثلة فى اتفاقية التعاون المشترك الموقعة فى سبتمبر 2012 والتي يمر عليها الآن عاماً كاملاً دون أن تجد طريقها الى التنفيذ.
من المستحسن أن تدفع جوبا هذه الفوائد السياسية كاملة ونقداً هي الأخرى، فالخرطوم ما عادت تقبل بالشيكات السياسية الآجلة.

سودان سفاري[/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. ده التقارير الصحفيه المحترمه القويه
    من غير لف و لا دوران و كلام خارم بارم
    فتح الله عليك
    واراحنا الله من اموم الشؤم و اولاد نيفاشا

  2. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ،،، وبعد
    إلى القيادة الرشيدة بالسودان
    ***عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان ) رواه البخاري ومسلم