ثقافة وفنون

الفنان زيدان إبراهيم في آخر حوار له


[JUSTIFY]في إطار الذكرى السنوية الثانية لرحيل الفنان زيدان إبراهيم تعيد «الصحافة» نشر آخر مقابلة أجرتها مع الفقيد حول جوانب مختلفة من شخصيته ورؤيته للكثير من القضايا الفنية، وذلك في مقام العرفان والاحتفاء بتجربته الغنائية ودوره في الارتقاء بالأغنية السودانية عبر مشوار حافل بالعطاء المتميز.
٭ إضاءة في السيرة الذاتية؟
ــ اسمي الحقيقي محمد إبراهيم زيدان.. مكان الميلاد أم درمان الموردة 1934م، درست بمدرسة كادوقلي الشرقية الأولية، وانتقلت منها إلى مدرسة بيت الأمانة ثم حي العرب الوسطى، وكانت المرحلة الثانوية بمدرسة أم درمان الأهلية، وأمضيت عاماً دراسياً بمعهد الموسيقى والمسرح، وتتلمذت على يد الراحل إسماعيل عبد المعين لمدة ثلاث سنوات.
٭ الفن بين الدراسة والموهبة؟
ــ الفن أولاً موهبة ونعمة من الله يخص بها البعض منا، وهي تحتاج للدراسة الأكاديمية من أجل أن تصقل.. ومعهد الموسيقى والمسرح في زماننا كان يقوم باحتضان المواهب ورعايتها وصقلها ثم يخرجها للمجتمع والساحة الفنية، وأنت لا تستطيع دون موهبة حقيقية أن تصنع فناناً محبوباً ومقبولاً من الجمهور مهما بذلت من جهد في تأهيله أكاديمياً، ولست أدري إن كان معهد الموسيقى الذي تحول إلى كلية الموسيقى والدراما مازال يقوم بذلك الدور في صقل المواهب أم لا.
٭ تجربة «أسير حسنك» والفيديو كليب؟
ــ تعاملي مع الأغنية المصورة أو ما يعرف بالفيديو كليب عبر أغنية «أسير حسنك» يمثل تجربة انطباعية افتقدت للنص المدروس، وقد توقفت بعدها لعدة أسباب، أهمها عدم وجود كاتب سيناريو متخصص يجيد تفعيل وتجسيد النص الذي أتغنى به عبر الفيديو كليب.
٭ المنتديات ظاهرة صحية؟
ــ أعتقد أن المنتديات الأدبية والثقافية التي انتشرت في العديد من الأماكن ظاهرة صحية تسهم في تجميل الحياة السودانية وتساعد في ازدهار المجتمع فنياً وثقافياً، وأتمنى أن تستمر هذه الظاهرة الإيجابية وتمتد جغرافياً بذات القوة والحماس الذي انطلقت به.
٭ قانون المصنفات والحقوق المجاورة هل يحتاج إلى تعديل؟
ــ أعتقد أن السبب الرئيس في اندلاع المشكلات والخلافات بين الفنانين وشركات الإنتاج الفني من حين لآخر يعود إلى قانون الحقوق المجاورة، وأنا شخصياً تعرضت لمعاملة قاسية من قبل إحدى شركات الإنتاج الفني التي لم تستأذنني قبل تسجيل إحدى أغنياتي «كنوز محبة» بصوت شاب يدعى مصطفى حمزة، وهو الآخر لم يستأذنني في أداء الأغنية، وقد وجدت عتاباً من كثيرين لأنه لم يقدمها بصورة جميلة للناس، لذلك أرجو من المصنفات تعديل القوانين المجحفة للحق المجاور بالنسبة للمطرب، وهو المالك الحقيقي الذي يستطيع أن ينفذ بالأغنية لوجدان الناس.
٭ هل هناك عمل غنائي تسعى لتقديمه؟
ــ في خاطري يرف بريق أمنيات عديدة، وأحلم بعمل يخلدني إلى أمد بعيد في ذاكرة الشعب السوداني، وكل ما قدمته من أعمال لا يرقى لمستوى طموحي.
٭ كيف تقيم تجربة مصطفى سيد أحمد؟
ــ الحديث عن مصطفى سيد أحمد حديث ذو شجون، ورغم رحيله مازال صوته حاضراً، ومصطفى حالة فنية استثنائية، ولا أعتقد أن حياته الفنية قابلة للتكرار بأي حال من الأحوال، فقد استطاع خلال مشواره الفني القصير أن يؤسس مدرسة لحنية وشعرية متفردة ذات ملامح خاصة، وساعده على ذلك تفرد صوته واختياره الدقيق لقصائد وأشعار وألحان نابعة من صميم هذا الشعب الأسمر الكادح ومرتبطة به ارتباطاً كلياً، لذلك اعتقد أن الزمن ربما لا يأتي بفنان مثله أبداً لأنه باختصار حالة فنية خاصة.
٭ النقد الفني يعاني من الانطباعية؟
ــ بأمانة وصدق يمكنني أن أقول إن النقد الفني الذي أطالعه من خلال الصحف يميل إلى الانطباعية، وأتمنى أن يسعى الصحافي الفني إلى تثقيف نفسه موسيقياً وبدرجة عالية حتى يكون نقده على الورق عن دراية وعلم، وليس مجرد انطباع ضار أكثر من أنه صالح ومفيد ويصب في صالح ترقية كل الفنون بوعي وإدراك.
٭ علاقتك بالرياضة؟
ــ علاقتي بكرة القدم مبكرة وتعود إلى مراحل الصبا وبواكير الشباب، وقد كنت أحد مؤسسي رابطة العباسية، ومارست لعبة كرة القدم في تيم «مجاهد» الذي كان يضم في بدايته لاعبين أفذاذاً اذكر منهم جكسا وأولاد العاتي، ولا أذيع سراً إذا قلت إنني كنت وراء صفقات انتقال العديد من النجوم للأندية الكبيرة، ويشهد على ذلك أخونا «السمحوني».
٭ هل تعاني الساحة الفنية انفلاتاً؟
ــ الساحة الفنية في حاجة ماسة إلى الانضباط ومراجعة كل الأعمال المطروحة حتى نستطيع أن نتفادى الانزلاق نحو الهوة التي يقودنا إليها بعضهم.
٭ ما هي نصيحتك للجيل الجديد؟
ــ رسالتي ونصيحتي للفنانين الشباب العمل على انتقاء الشعر الجيد وتجويد الأداء وتقديم الأعمال الفنية بعمق يجعل المتلقي يحسها بصورة جميلة وعميقة.
٭ تجربة عقد الجلاد والفرق الجماعية؟
ــ تجربة عقد الجلاد الغنائية جميلة لكنها لم تستمر.. وتضارب المصالح كان وبالاً على الفرق الجماعية التي لم تستمر ولن تستمر، وما اجتمعوا إلا وتفرقوا بسبب النواحي المالية، وإن كان ذلك لا ينفي أن أصل الغناء جماعي.
٭ ماذا عن الأصوات النسائية؟
ــ مع احترامي الشديد لا أرى في الساحة الغنائية النسائية تجارب وأصواتاً جادة غير سمية حسن وحنان النيل وسميرة دنيا التي ينتظر منها الكثير، وعليها أن تتوخى الاختيار السليم وتقديم أعمال أجود مما قدمت وهي خامة طيبة.. أما الأخريات من المطربات فأعتقد أنهن غير جادات في تقديم فنهن للحكم لهن أو عليهن.
٭ هل التقييم المادي سبب احتجاب الفنانين عن التلفزيون؟
ــ الفضائية السودانية تعيقها الجوانب المادية، وهذا سر إحجام الفنانين عن تقديم أغنياتهم عبر شاشاتها البلورية.
٭ ماذا عن العلاقة بين الشاعر والملحن والفنان؟
ــ هذا الثلاثي هو المسؤول عن ميلاد الأغنية، وكلما كانت العلاقة حميمة ومتجانسة ومتكاملة كان الناتج عملاً راقياً ورائعاً.
٭ ملحن وشاعر لهما بصمة واضحة في مشوار زيدان؟
ــ الشاعر عوض أحمد خليفة، وهو أول من اكتشفني فنياً وجعلني أشعر بكل كلمة كتبها في أشعاره وكأنها تعبر عن حالتي العاطفية، وهو بالتأكيد ترك بصمة واضحة في كل ما قدمت من أعمال، أما الملحن فهو عمر الشاعر وعلاقتي به سمن على عسل.
٭ لحظة ندم فنية تلازمك؟
ــ خلال مسيرتي الفنية لم أندم يوماً على عمل قدمته لجمهوري، وهذا توفيق من عند الله.
٭ أسباب تراجعك عن اعتزال الغناء في المناسبات؟
ــ نعم كنت قد ذكرت ذلك وصممت عليه «عدم الغناء في بيوت الأعراس في الخرطوم» وذلك بسبب المضايقات التي تعرضت لها من قبل بعض الجمهور، فليس من العدل أن استمع إلى نعت قبيح من هؤلاء لا يليق بقامة شخص رائد مثلي، ولكن تراجعت عن ذلك القرار استجابة لرجاءات الناس الذين يحبونني ويحترمون شخصي وفني، ويحرصون على وجود زيدان في الساحة.
٭ كيف تحافظ على صوتك؟
ــ ليست هناك وصفة سحرية للمحافظة على الصوت يمكنني أن أصفها لإخواني الفنانين غير الالتزام بالعمل الفني واختيار سلالم موسيقية مريحة عند الأداء تتوافق مع طبقات الصوت. وباختصار أن يؤدي الفنان أغنياته بارتياح، وأداء التمارين الصوتية دون التقيد بعامل الزمن، فكلما دربت صوتك تعودت حبالك الصوتية على القوة وعدم الارتخاء عند الغناء.
٭ ما هو تقييمك الخاص لاتحاد الفنانين؟
ــ اتحاد الفنانين يقوم بدوره وأكثر مما يجب أن يقوم به في ظل غياب دعم الدولة للفنانين، و «اليد الواحدة ما بتصفق»، وقد شاهدنا العديد من الاتحادات في الدول العربية ورأينا كيف توفر للفنان ما يعينه على تقديم ما هو جميل. ونحن هنا نرى الأهوال ولا نتكلم بطبيعة أهل البلد، وليس لنا من نشكو له أو من يقدم لنا ما يجعلنا نرتقي بفن هذا الوطن.
٭ حالة العزوبية التي تعيشها ظرف طارئ أم فلسفة؟
ــ «يبتسم وهو يقول»: ربما أن الفنان يعشق الحرية، وسوف أظل في حالة عزوبية إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، ولا يلدغ مؤمن من جحر مرتين.

حوار: وليد كمال : صحيفة الصحافة [/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. الله يرحمك ويتولاك برحمته
    صدقته ,,,الإعلام مبني علي الإنطباعيه
    والشلليات والمجاملات التي كانت السبب الرئيسي
    في تردئ الذوق الغنائي والموسيقي في السودان.