حوارات ولقاءات

البروفيسور حسن مكي في حوار تداعيات حرب الجنوب والوضع السياسي الراهن

[JUSTIFY]قال البروفيسور حسن مكي إن التعديلات الوزارية الأخيرة ستؤدي إلى تغيير في حركة الحكومة وإن المغادرين لمناصبهم أصحاب خبرة كبيرة من خلال العمل المتواصل منذ مجيء الإنقاذ في يونيو 1989.

وأشار إلى أن التغيير الوزاري الأخير تضمن أكبر ثلاث شخصيات مدنية وذلك يعني أن الحبل المدني انقطع عن السلطة.

وقال هنالك فراغ سياسي والحركة الإسلامية تحتاج إلى قيادة جديدة بعد مغادرة الدكتور الترابي وتلاميذه للمسرح السياسي.

وحذر من أن جنوب السودان دخل مرحلة اللاعودة مشيرًا إلى أن السلاح ينتشر في الجنوب وهنالك نصف مليون نازح والمجاعة تطل برأسها فإلى تفاصيل الجزء الأول من الحوار:

ما هو تقييمك للتعديلات الوزارية التي حدثت مؤخرًا؟

كانت بالنسبة لأهل الباطن متوقعة ولأهل الظاهر كانت بعيدة؛ لأن أهل الباطن ينظرون منذ أن تمت الإطاحة بالترابي فلم يعد هنالك كبير في منظومة الحكومة وما عاد هنالك كبير على الرئيس البشير.

واستطرد محدثي قائلًا: لذلك بعد الإطاحة بالترابي أصبح في مقدور الرئيس البشير أن يتعامل مع الآخرين كموظفين، وجاء هذا الواقع في إطار أن المؤتمر الوطني ضعيف جدًا وليس له إلا أن يمرر القرارات لذلك الأمر بالنسبة للذين ينظرون بعناية طبيعي؛ ولكنه مع ذلك سيؤدي إلى تغيير في حركة الحكومة باعتبار أن الموظفين الذين تم إعفاؤهم موظفون كبار وأصحاب خبرة وتجارب وشركاء، وأهمية هذا التغيير أنه تضمن أكبر ثلاث شخصيات كان لها دور في الانقلاب من الناحية المدنية في تقديري في 30 يونيو 1989 وهؤلاء الثلاثة هم الذين قادوا الحركة المدنية وهم من كانوا يمثلون الترابي والحركة الإسلامية داخل سلطة الثورة وهم الذين اتخذوا القرارات الكبيرة إلى أن تعلم البشير واستغنى عنهم وكما يقول ابن خلدون (من طبيعة الملك التفرد بالمجد).
هنالك حديث بأن قيادات تاريخية بالحركة الإسلامية كانت ترفض مغادرة علي عثمان لمنصب النائب الأول باعتباره كان نائبًا للأمين العام في الجبهة الإسلامية؟

لا أدري، ربما يكون قد حدث ذلك ليس لدي معلومة حول ذلك الاتصال؛ لكن من هم كبار قادة الحركة الإسلامية هؤلاء؟ وحول هذه النقطة قال البرفيسور حسن مكي: (كبير الحركة الإسلامية الدكتور الترابي نفسه طرد بعد المفاصلة ومن أبعد الدكتور الترابي استغنى عن خدمات علي عثمان ونافع وعوض الجاز، وأعتقد أن الأستاذ الزبير أحمد الحسن وهو الآن كبير القادة الموجودين من ناحية المشروعية غير مشغول بهذه القضية وواضح أنه مشغول بالعمل الثقافي والفكري والاجتماعي للحركة الإسلامية، وأعتقد أنه ملم بكل ما تم وراضٍ عنه.

مغادرة هؤلاء القادة الكبار للجهاز التنفيذي هل تعني مفاصلة نهائية بين القصر والإسلاميين؟

لا أحسب أنها تعني مفاصلة لأنها إذا كانت هنالك مفاصلة كان من الممكن أن تتم مع الدكتور الترابي إذا كان شيخ الحركة الإسلامية تم الاستغناء عنه وسجنه وطرده بطريقة فيها بعض الخشونة، فمن باب أولى أن تلاميذه الآن ذهبوا باحترام وأشاد بهم الرئيس البشير وقال لهم (كتر خيركم) والأيام القادمة ستكشف ما إذا كان للصراع بقية أم انتهى هذا فصل وقلبت الصفحة.

وماذا عن الخلافات التي برزت في الاجتماع الأخير للمكتب القيادي قبل إعلان الحكومة الجديدة؟

ليس هنالك خلافات في المؤتمر الوطني، إذا كنت تعتقد أن المؤتمر الوطني به مراكز قوى هذا وهم كبير فليس في المؤتمر الوطني مراكز قوى. وبلهجة ساخرة واصل حديثه قائلًا: هي كلها لتقر عيون الرئيس البشير. ولو أن الرئيس البشير لم يرجع إليهم إطلاقًا وأجاز هذه التعديلات لمرت، وحتى في المجلس الوطني لم يتم الرجوع إلى كتلة نواب المؤتمر الوطني واكتفوا بالمكتب القيادي في اختيار رئيس البرلمان إذن ليست هنالك أي مشكلة داخل المؤتمر الوطني، خاصة أن المجموعة الوحيدة التي كانت لها القدرة على المقاومة غادرت وهي مجموعة غازي.

والبقية تدين بالعرفان والشكر للرئيس لأنه على الأقل رفعها مكانًا عليًا ولواله لما كانت في الصدارة.

ماذا تعني مغادرة رئيس البرلمان وتعيين د. الفاتح عزالدين في موقعه؟

أصلًا رئيس البرلمان قدم استقالته قبل سنة وهو الوحيد الذي ذهب طوعًا، والبرلمان أصلًا مهمش وسيظل مهمشًا.
ابتعاد علي عثمان ونافع والآخرين هل يفتح الباب للتقارب بين البشير والترابي؟

لا أدري.. التقارب من النواحي النفسية والذهنية لا أدري، ولكن التواصل سيظل موجودًا وأعتقد أن هنالك نوعًا من التواصل في اللقاءات.
التعديلات الوزارية قطعت الطريق أمام الإصلاحيين بقيادة غازي صلاح الدين وأعضاء حزبه؟
أما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض إذا كان د. غازي ومجموعته ما ينفع الناس فسيمكث في الأرض وإذا كان مجرد صيحة في وادٍ فسيذهب؛ ولكن أعتقد أن هنالك فراغًا سياسيًا وأن الإسلاميين يحتاجون إلى قيادة جديدة وهذه القيادة الجديدة ستأتي ما بين فرث ودم.

وستأتي بعد معاناة ومجاهدات؛ لأن الترابي الآن يغادر المسرح والمجموعة التي أبعدها الرئيس البشير ستغادر المسرح.

ولا يوجد مفكرون سياسيون ولا مفكرون اقتصاديون داخل المؤتمر وليس هنالك مفكرون اجتماعيون وهنالك أزمة اقتصادية وأزمة سياسية كما أن هنالك أزمة رؤية؛ لذلك المسرح جاهز لبروز قيادة؛ ولكني لا أستطيع أن اسميها أو أحددها أو أقوم بتشخيصها.
ما هو تقييمك لما حدث في جنوب السودان؟

أي حكم يقوم على الرؤية الأمنية والرؤية العسكرية معرض إلى صراع البنادق، وهذا ما حدث في جنوب السودان لم يكن هنالك حزب سياسي الحزب السياسي غائب تمامًا، وهنالك سياسيون متمرسون على العمل السياسي لكن تم الاستغناء عنهم مثل رياك مشار الذي يعتمد على القبيلة ودائمًا النخب عندما تعجزها السياسة وتفتقر للسياسة ترجع إلى القبيلة، وهذا ما حدث في السودان رجعت نخب دارفور إلى قبائلها ونخب الشرق رجعت إلى قبائلها وهكذا، وهو درس لنا يجب أن نبحث عن الحلول السياسية لا الحلول العسكرية، والآن أرى في الصورة السودانية أن الحبل المدني انقطع عن السلطة وأصبح التسلسل عسكريًا والعسكر طبعًا في النهاية يعرفون الأمر والفناء في الرتبة العليا سواء أكانت الرتبة العليا مصيبة أم مخطئة شريرة أم خيرة.

المهم هو إطاعة الأوامر وهذا الأمر في السياسة لا ينفع وخصوصًا بعد ثورة المعلومات والتواصل وقدرة الناس على مناقشة الأمور. والنظريات القديمة القائمة على الميكافيلية (ميكافلي كان يقول إن السياسة ليس فيها أخلاق وأن الغاية تبرر الوسيلة وأنه لا شيء ينجح كالنجاح وأن النجاح هو الأخلاق حتى لو جاء بالغدر والخيانة والدسائس. وحينما أرادوا أن يترجموا كتاب ميكافيلي (الأمير) إلى اللغة العربية جاءوا إلى محمد علي باشا وقالوا له هذا كتاب ميكافيلي قال: (أنا أعرف أفضل من هذا وذلك يعني أن الميكافيلية في العالم العربي والإسلامي أفضل من هذا)

تطورات الأوضاع في جنوب السودان ما هي السيناريوهات المتوقعة؟

جنوب السودان دخل مرحلة اللاعودة للأسف الشديد، والكلام الذي يقوله «الخواجات» مجرد أماني لأنهم يريدون إنقاذ جنوب السودان لأنهم أجرموا في حق جنوب السودان وأعطوا الأولوية في جنوب السودان للسلاح وليس للتنمية فأصبح الجنوبيون يمتلكون سلاحًا إما يستخدمونه ضد الشمال أو ضد أنفسهم.

الشمال ذهب وكان بعيدًا عن الساحة لذلك هم الآن يستخدمون السلاح ضد أنفسهم، والوضع معقد جدًا لأن تكوين الوفدين يحمل تناقضات كلها تحالفات مرحلية.

في وفد حكومة سلفاكير يوجد لاماكول على الرغم من أن الدكتور لام أكول قبل بضعة أشهر كان على عداء مع سلفاكير ورياك مشار وكان غير مصرح له حتى بالوجود الفيزيائي في جنوب السودان.

ورياك مشار اختار في البداية ربيكا زوجة وجون قرنق على الرغم من أنه خرج على قرنق عام 1995 وحاربه وأضعفه وقتله سياسيًا قبل أن تتم تصفيته من قبل اليوغنديين. والآن رئيس وفد مفاوضاته تعبان دينق وزوجته كانت هي المنافس لتعبان دينق في انتخابات الولاية واتهموا تعبان دينق بتزوير الانتخابات إذن كل هذه تحالفات مرحلية وليست تحالفات إستراتيجية، والآن الحرب وصلت إلى الجذور إلى القرية إلى العشيرة إلى القبيلة بالتصفيات بين القادة، والآن لم يبقَ إلا أن تدخل الاستوائية الحرب وهي تنتظر الحرب لأنها ترى أن القضية ليست فقط الحرب بين الدينكا والنوير لأن الوفدين اللذين يجلسان للتفاوض هما من الدينكا والنوير، والاستوائيون يتساءلون (أين نحن) وكذلك هنالك 56 قبيلة أخرى تريد أن تجد لها مكانًَا تحت الشمس من قبائل الجنوب والسلاح ينتشر والمجاعة ستنتشر «الخواجات» الآن يتكلمون عن 200 ألف نازح لكن الإحصائيات تقول إن النازحين وصلوا إلى نصف مليون أي 5% من سكان الجنوب.

صحيفة أخبار اليوم
عبدالرازق الحارث إبراهيم
ت.إ[/JUSTIFY]

‫4 تعليقات

  1. يا سلاااااااااااااام ..
    حقيقة حوار قيم يستفيد منه القارئ ..
    تحية للبروف حسن مكي .. ولصحيفة أخبار اليوم ولموقع النيلين الذي اتمنى منه التركيز على نقل أشياء مفيدة تساهم في تثقيف الشارع بدلا من نقل أسخف عمودين صحفيين في الصحف اليومية .. إسحق فضل الله وكذبه وتأليفه .. والهندي عز الدين وسطحيته وبذاءاته ..

  2. سبحان الله ,الراجل ده قبيح شدييييييييد ولو لقى الواحد فجأة في زقاق مضلم ممكن الواحد يغمر خلعة ساكت

  3. لا اعتقد كما ذكرت انت ان الموضوع موظفين يا بروف مكي. حسب رؤتي وتحليلي انه الجماعة ديل دايرين ينسحبوا من الواجهة ويتم تبديلهم بالصف الثاني من الحزب لاسباب عديدة منها التقدم في العمر وفشل مشاريعهم التي تبنوها لذا ارادوا ان يأتوا بواجهة جديدة حتى يقنعوا الشعب. الطريقة كالاتي: يريد الحزب الحاكم ان يضمن ان السلطة في يده حتى يأمن شر محاكمات الجرائيم الدولية. هم لا يثفون في اي احد لذا لا بد ان تكون السلطة في ايديهم. لذا تعمدوا إلى تقديم بكري حسن صالح نائب للرئيس (وهو من الجيش) على ان يتم تسويقه للمرحلة القادمة كرئيس مرشح للانتخابات القادمة. هنا عدة فوائد:
    الفائدة الأولى: ضمان مؤسسة الجيش في يد الحزب لاجل ضمان الاسمترار والحماية.
    الفائدة الثانية: وهي وإن كانت غامضة نوعا ما لكنني اعتبرها صلب الموضوع وهو ان الرئيس يريد ان يختزل جميع امكانيات الجيش في يده حتى لو كان بكري حسن صالح الرئيس القادم. كيف؟؟ هنا السؤال كتغير في قانون الدفاع بحيث يصبح هو او من ينوب عنه (مثل عبدالرحيم) يملك صلاحيات الجيش والدفاع لا يملكها حتى الرئيس كما يحدث في مصر على سبيل المثال حيث نجد وزير الدفاع اقوى من رئيس السلطة.

    الموضوع ببساطة سوف يكون مثل حالة روسيا ذهب بوتين وجاء ميدفيدف، وذهب ميدفيدف وجاء بوتين. الأمر اشبه بمهارة ون – تو في كرة القدم (اممر ليك الكرة وتردها لي).