هويدا حمزة : غرور الوطني وكبرياء المعارضة
بالنسبة للأحزاب ليس غريباً عليها قبول دعوة الوطني للحوار كما ليس غريباً عليها رفضها أو إمساك العصا «من النص» فهي تجرفها تيارات المصالح وقد روى أن بعضهم سأل الترابي أحد زعماء الأحزاب ما له قد قلب ظهر المجن للمؤتمر الوطني بعد فترة من الوئام، فضحك ضحكته المعهودة وحرك يديه بطريقته المألوفة، وقال: « ههههة بكون الشيك اتأخر»!
«المفاجأة » الحقيقية هي مشاركة الترابي في الحوار بعد حضوره خطاب الرئيس بعد عمر من الجفاء والقطيعة ويبدو أن «اللحمة رفت» وكما يقول المثل المصري «الدم عمرو ما يبأ مية». الأحزاب أبدت جديتها للحوار بعدم الالتفات لـ«ديوك العدة» بداخلها الذين لم ترتح ضمائرهم لهذا الانفتاح بل اتخذ حزب الأمة خطوة أكثر جدية بإلغاء مجلس التنسيق القديم الرافض للحوار وشكل مجلس تنسيق جديد برئاسته والنواب ورئيس المكتب السياسي ورئيس الهيئة المركزية وإبعاد كل من الأمين العام للحزب إبراهيم الأمين ونائب رئيس المكتب السياسي محمد المهدي ومساعد الرئيس عادل المفتي رغم التشاؤم الذي أبداه أمين العلاقات الخارجية السفير نجيب الخير عبد الوهاب حين قال إن الحوار المفضي إلى التحول الديموقراطي ما زال مجرد خواطر. أما كمال عمر رغم أنه أبدى رغبة في دراسة خطاب الرئيس من قبل الشعب إلا أن الوساوس عاودته فعاد وشكك في أن خطاب الرئيس تم استبداله لأنه لم يحمل جديداً رغم أن محمد الأمين خليفة وصف الخطاب بالإيجابي ولا شك أن خليفة أكثر حنكة وخبرة من كمال عمر وصفاًَ. أما الشيوعي فقد وصف تصريحات أبو عيسى الرافضة للحوار بأنها تعبر عن نفسه بمعنى أن الحزب بريء منها.
أياً كانت المبررات لكل حزب لقبول دعوة الوطني للحوار فإن الخطوة تستحق صفقة كبيرة لأنها بدأت من الطريق الصحيح ونرجو ألا تنحرف عن هذا المسار فوضع السودان مأزوم ويحتاج لأيدٍ تربت على جسده المنهك بدلاً عن تمزيق أوصاله عبر المطارات الأجنبية ونضال الأسافير.
برافو المراجع العام
وصفقة أخرى كبيرة نرسلها للمراجع العام وهو يفرض سلطاته ليقتحم كنانة التي ما فتئت تستعصي على المراجعة ولا أحد يجرؤ على محاسبتها كأنها «بت المصارين البيض» وكنا قد دعونا المراجع العام من قبل لأن «يبل تقريرو ويشرب مويتو» أو «يشتغل صحفي» لا يملك غير نشر الغسيل القذر لأنه ليس هناك من يحاسب أو يعاقب، بعد «35» سنة مبروك المراجع العام.
صحيفة الإنتباهة
هويدا حمزة
ع.ش
مخطئ من ظن ان المؤتمر الوطني حزب كبير
قد فعل المؤتمر الوطني ما فعل بالحزبين الكبيرين الامة والاتحادي حيث قسمهم الى احزاب صغيرة هي في حقيقتها مؤتمر وطني ولكن بلافتات تحمل اسماء الامة والاتحادي فقط مع اضافة كلمة اصلاح وتجديد وحديث ومستقبل .. ومن ثم استمرأ المؤتمر الوطني بعد ان جعل هذين الحزبين في حيرة من امرهما فاشركهما في الحكم بتعيين نجل الامام الصادق الامير عبدالرحمن ونجل مولانا السيد الميرغنى السيد جعفر الصادق في وظيفتي مساعد لرئيس الجمهورية بالقصر الجمهوري .. وبذات النهج ظل يمارس المؤتمر الوطني لعبته التي يجيدها مع المتمردين فاما ان يفاوضوا ويستسلموا فينالوا وظائف دستورية وتنفتح لهم خزائن الارض او يتعنتوا فيقاتلهم قتالا لا هوادة فيه ولا رحمة ..
ولكن لم يضع المؤتمر الوطني الشعب السوداني ضمن اجندته ابدا ولا يأبه به وبمجرد اضاعته لجنوب السودان والثروة البترولية نتيجة اتباعه سياسة الوحدة الجاذبة الفاشلة وبعد اضاعته لايرادات البترول اتجه الى اقتلاع لقمة العيش وجرعة الدواء من فم الشعب ولكن مازال الانهيار الاقتصادي يتفاقم يوم بعد يوم وما يزال الفساد ينمو رغما عن انف منظمة الشفافية العالمية وتقاريرها المتواية ما يزيد على عقد من الزمان ..
بالتالي فان طرفي المعركة قد انحصر ما بين الشعب السوداني والمؤتمر الوطني وما يجر من احزاب من خلفه كما سبق الاشارة الى ذلك هنا .
لذلك فان المؤتمر الوطني ليس حزب كبير كما يتوهم الكثيرين ويهابون انه حزب اصغر كثيرا من ارادة الشعب السوداني التي قد تنفجر بين لحظة واخرى لتستكمل ثورة سبتمبر/ اكتوبر والتحقيق في مقتل شهدائها وليس ذلك ببعيد ابدا فقد تشكلت وتبلورت ارادة الشعب تماما
لا يستقيم لأي منصف أن يساوي بين دور المعارضة والحكومة في تدمير البلد على نحو ما هو واقع اليوم. فمن باب التلبيس والتغبيش يعمد بعض كتاب الانقاذ الى تبييض جرائم الانقاذ بدمجها ومساواتها بأفعال المعارضة. فتخريب التعليم واستشراء الفساد والتستر عليه وافساد الخدمة العامة والنظامية وافساد الذمم والاخلاق بشراء الولاءات السياسية وتعظيم القبلية والجهوية والعنصرية، هي أدواء لم يعرفها السودان على نحو ما عرفه في عهد الانقاذ. وكمثال بسيط اعلن البشير في فبراير 2012 وديسمبر 2013 بانه عازم على اجتثاث التمكين والذي هو أس البلاء فيما حاق بالبلد من تخريب واضعاف. والسؤال هو لماذا التمكين أصلا؟ ولماذا لا تقام ورش العمل والسمنارات والمحاضرات لتقييم الضرر البالغ الذي سببه التمكين مما ادي الى اهدار قيمة المواطنة والهوية التي يبحث عنها الرئيس بعد ربع قرن من فجور التمكين؟ أما قفل باب الحريات وقنوات التعبير السلمية فقد ادى الى التمرد والتفلت واحتراق البلاد من اطرافها، ولا تحدثني عن الاستهداف والحصار الخارجي. فتلك هي عداوات مستجلبة ببؤس سياسات الحركة الاسلامية وحكومتها وحزبها. وكمثال على ذلك فا اسرائيل لم تضرب السودان ومصنع اليرموك من قراغ، وانما بسبب سياسات رعناء انتهجتها الانقاذ بتوصيل السلاح الايراني لحماس وهي مهمة أولى بها من هم اكثر قربا لحماس. لا نقول ذلك من باب المكايدة وانما لتوصيف الداء وتشخيصه قبل الدواء. فاليوم قبل الغد الدولة مطالبة بترسيم الحدود بين الحركة الاسلامية والحكومة والحزب، ليحاسب كل بجرمه. ومن ثم بسط الحريات ليعمل الجميع حكومة ومعارضة بحرية لا يحدها الا القضاء وفرصا متكافئة عادلة. أما التمسك بسياسة القمع وتكميم الافواه كحارس لمكتسبات الحركة الاسلامية من مناصب استوطنها منسوبيها وثروات امتلكوها من مال السحت كاموال الاقطان وغيرها من المكتسبات الحزبية الضيقة، فلن تكون الا وبالا على ما تبقى من سودان. لماذا تخاف الانقاذ من اتاحة الحريات بعد ربع قرن من القمع والشمولية وتسييس كل الدولة لصالح الحزب والحركة؟ لماذا؟