ساندرا طه

محبوبتنا بنستلطفا .. وكل الناس بتعرفا


محبوبتنا بنستلطفا .. وكل الناس بتعرفا
نضطجع فنتمطى، وحين ننام.. ننام مليء الجفون عن شواردها، نتمشى كما الوجى الوحل، وحيثما نحلّ ونرتحل نبحث متكأ وعن وقت مستقطع للأرتياح، الغني بالنسبة لنا هو المرتاح، نحسده لأنه لا يرفع القدم إلا ليضعها في مقصورة باردة، أما العامل المكّد منّا فهو مصدر لتعاطفنا واشفاقنا وان كان قوياً سويّاً، في صالون بيتنا تتعدد الأسرّة والوسائد ونكرم ضيفنا بأكواب العصير والشاي ومعهما دعوة للنوم والاضطجاع اللذيذ المذاق، فكم يا ربي نقدس أسرّتنا ونهوى الإرتياح!.

اتهمونا بأننا أكثر خلق الله كسلاً فقلنا الويل لهم والثبور، ورغم ان ذلك الشعب الخليجي الذي يحلو له التندر بقلة همتنا وحبنا للنوم يالانصاف القدر قد تم تصنيفه عالمياً في المركز الثالث على قائمة الشعوب الأكثر كسلاً بعد مالطا وسوازيلاند، ومع هذا فالمقارنة بين الدول العشرين التي وردت في تلك الدراسة البريطانية هي مقارنة لاموضوعية، فإنه شتان ما بين الفيل والنملة!، فمتوسط دخل الفرد في السودان لايمكن مقارنته بنظيره في الكويت مثلاً، وفي حين تربعت السعودية والكويت على عرش الدول النفطية المترفة التي يسكن أفقر مواطنيها في بيوت فسيحة تضاهي مايقطنه أثرياؤنا من (فلل)، تربعنا على عرش الدول الأكثر تخلفاً مع الصومال واليمن وفقاً لتقارير اليونسكو.

ومع اعتزازنا الشديد بانتمائنا إلى هذا (السودان)، ورغم أننا لن نسمح لأحد أن يصمنا بوصمة كتلك، خاصة من يستجلبون الأيادي الآسيوية لتكنس لهم سجادهم الفارسي وتناولهم الماء في السرير! ولكن بما أننا الآن وحدنا و(البيت بيتنا) يمكننا نشر غسيلنا والأقرار بأن لهم بعض الحق وربما الحق كله!، ليس لأننا نقسم على ضيفنا و(نخصمه) بالنبي (ص) أن (ينبطح)، ولكن لأن أسلوب حياتنا هو مظاهر متباينة للخمول والاستكانة والكسل.

فسيرنا في الطريق (تمشية) على كورنيش!، ولو أنك هرولت مستعجلاً لوجدت ألف من يصيح بك (ملحوقة!) و(لاحق شنو؟) وكأنه متأكد بأن ابنك ليس في المستشفى وأنك لست (ممتحن)!، الوضع الطبيعي بالنسبة لنا هو الاستلقاء على (القفا), فتجد أن كل من تواجدوا في المنزل منبطحون على أسرتهم ولو لم يكن بهم نوم!، أما الحركة والنشاط مشقة وتعب و(شقاوة حال)، وهي حالة اضطرارية لمن لا يجد من ينوب عنه في قضاء حوائجه سواء في البيت او خارجه، لذا ما إن يتقدم المرء قليلاً في السن سيجدنا وجلين مشفقين عليه من وعثاء السفر الى آخر شارعهم! وهكذا سنتبرع لكل امرأة فوق الخمسين او رجل فوق الستين بمقترحاتنا لهم بالإرتياح والتقاعد وتحريضنا لهم بالإتكالية على من يصغرهم سناً حتى في شراء البقالة!، بينما يعيش من هم في عمرهم في دول أخرى ربيع حياتهم الثاني، يتخذون قرارات مصيرية لتغيير حياتهم، يتزوجون.. يبدأون بالمشاريع والهوايات وبتحقيق أحلامهم المؤجلة، أو حتى بالرياضة وترك التدخين، بينما نثبط نحن أمثالهم بعبارات هدّامة على شاكلة (بعدما شاب ودوه الكتّاب) أو(كراعك والقبر) و(تأخذ زمنك وزمن غيرك؟).

أما كموظفون فنحن لن نتوانى عن (الزوغان) بحجة أو بأخرى لو سمح لنا تسيب مرؤسينا، فاستراحة الفطور في اغلب المصالح أطول من (الفسحة)، ومدرائها دائماً هم بالإنابة وربما (غياب)، أما الرياضة في قاموسنا هي للعيبة الكرة وبكل انواعها لاتناسب الإناث ..عجبي!، فلو تمشت البنت يومياً حتى (تخس) سنعتبرها (حوامة) ومشبوهة، أما الرجل الخمسيني المرتدي للترين سوت عليه أن يتبخر ويعلق حجاب (من العين)، صدقوني (الكرش) ليس دليل عز وأكل وز، ولا حتى (معافرة) السيدة عند طلوعها الحافلة لضخامة حجمها دليل جمال، أعزائي.. توقفوا عن أرهاق (الشفع) بالمراسيل فالحركة بركة، وصدقوني ما أطال النوم عمراً وعلى عكس ما نظن كلما حركنا هذه (الجتة) كلما صحّت وصارت أقوى لعمر أطول، دعونا نتخلى قليلاً عن حبنا الأصيل (للمخدة) علنا ننعم بصحة افضل ونلحق بغيرنا من الدول المتقدمة لا النائمة!. ساندرا طه – صحيفة حكايات