سياسية

ليس مهما أن يصدق أبو عيسى أو طه.. المهم حدوث اختراق حقيقي

[JUSTIFY]خطأ. سيجد الرجل صعوبة في ترجمة الكاريزما الخاصة به لصالح اختراق في العملية السياسية المتعثرة، ولا يملك حوافز أصيلة ومعتمدة، كما كان، لاستعادة نفسه وتصحيح مسار حزب المؤتمر الوطني، إذ تطبّع علي عثمان لمدة طويلة على كونه رجلا ثانيا في حزب إداري محلي يقود دولة، ويتحرك الآن تحركات شخصية يجتهد في إلباسها لباسا قوميا، برأي المحلل السياسي الدكتور صلاح الدومة.

حتى الآن، انتهى الأسبوع قبل الأخير من شهر مارس دون أن يحدث التقارب المطلوب لإنقاذ الحوار السياسي المتعثر، ويترافق هذا التعثر مع سأم متزايد وضجر من تجدد الصراع في دارفور، وعودة أحداثها إلى سطح عناوين الأخبار مرة أخرى، إلى جانب ضائقة اقتصادية حرجة. وإذا كان المحللون السياسيون صادقين، فسيقولون إن المستقبل في السودان غير واعد، رغم تدخل عراب اتفاقية سلام نيفاشا، ولو عن طريق الزيارات الاجتماعية لرموز المعارضة.

صحيح، أن الرئيس البشير سيترأس لجنة حزبية عليا لمتابعة الحوار السياسي، تشمل في عضويتها، علي عثمان محمد طه نفسه، إلى جانب نافع علي نافع، وقيادات من الحرس القديم، وهي لجنة جديدة تمخضت عن اجتماع المكتب القيادى للمؤتمر الوطني الذي انتهى في الساعات الأولى صباح أمس (الجمعة)، وستكون للجنة أمنيات وشعارات “يستحيل أن تجد من يعترض عليها” كما يقول رئيس حزب الاصلاح الآن، غازي صلاح الدين. لكن نجاح هذه اللجنة مرهون بموافقتها على قبول شروط المعارضة التي رددها أبو عيسى كثيرا، أو الاتفاق على تسوية بشأنها. ولا يراهن المحلل السياسي الدكتور صلاح الدومة على حدوث ذلك، وقال لـ(اليوم التالي) أمس (الجمعة) إن المؤتمر الوطني يجتهد في المحافظة على دولته العميقة، ولن يقبل بالمقترح الذي تطرحه المعارضة.

وربما يحتاج أمر الحوار السياسي إلى أسابيع مترادفة، كي تسمي أيا من المعارضة والحكومة الأشياء بأسمائها، ناهيك عن إيجاد حلول ناجعة. إذ باتت الشقة بين المعارضة والحكومة واسعة للغاية، ويمكن الحصول على الدليل لذلك من سجال التصريحات والنفي المغلظ الذي بدأ بين رئيس تحالف قوى الاجماع الوطني، فاروق أبوعيسى، والنائب الأول السابق لرئيس الجمهورية، علي عثمان محمد طه. فقد عاد طه إلى الواجهة، في ثالث ظهور له منذ إعفائه، كي ينفي حتى المدة الزمنية الخاصة باجتماعه إلى أبو عيسى يوم الجمعة قبل الأخيرة، في ثنايا زيارة اجتماعية لمريض. وقال إن حواره مع أبو عيسى استمر (35) دقيقة فقط، بعكس رواية الأخير الذي أشار إلى أنه استمر لأكثر من (90) دقيقة.

ابتداء، كان لافتا للمراقبين قيام طه نفسه بزيارات اجتماعية لرموز المعارضة، أمثال أبو عيسى، إذ لم يكن معروفا عن طه، الذي أعفي من منصبه كنائب أول للرئيس في ديسمبر الماضي، أي تواصل من هذا القبيل. وكذلك، كان لافتا تسارع طه إلى نفي بعض ما قاله أبوعيسى عن اللقاء. لكن، ما الذي يريد أن ينفيه طه بالضبط؟ الواقع، لا شيء يستحق النفي مما ورد في تصريح أبو عيسى.

وكان أبو عيسى قد نقل للرأي العام قول علي عثمان بأن الحرس القديم في المؤتمر الوطني لا يزالون قادة حقيقيين وفاعلين فيه، مؤكدا تفريغه من قبل رئاسة الجمهورية لإدارة الملف بتكوين لجنة برئاسة رئيس الجمهورية ومساعدين يمثلهما غندور وطه، ونائب الرئيس، حسبو محمد عبد الرحمن، مقررا. وهذا ما أكده البروفيسور إبراهيم غندور، مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون الحزبية غبّ انتهاء اجتماع المكتب القيادي صباح أمس الجمعة.

وذكر أبوعيسى أنه أبلغ طه رغبة المعارضة في إجراء حوار شفاف ومفتوح يفضى لتصفية النظام الحالي، ويقود إلى تكوين حكومة قومية انتقالية لا يستثنى منها أحد، بما في ذلك الحزب الحاكم، مشيراً إلى أن طه اعتبر شروط المعارضة إلغاء لحزب المؤتمر لوطني، وعلق قائلاً: “علي عثمان قال لي: انتو دايرين تلغونا بشروطكم دي”؟ لكن طه نفى نفيا قاطعا أن يكون اللقاء قد تطرق إلى ذلك. وقال علي عثمان محمد طه، وهو الآن الرئيس المناوب للجنة العليا للحوار الوطني، إنه لم يناقش شروطا لتفكيك النظام، أو تشكيل حكومة انتقالية مع رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني، فاروق أبو عيسى في لقائهما المشترك الجمعة قبل الأخيرة. وأكد رفض (الحكومة) لفكرة الشروط المسبقة التي تقترحها المعارضة، وتؤكد مجددا عزمها والتزامها التام بالقيام بالإجراءات لتهيئة المناخ لضمان نجاح الحوار.

إلى هنا، لا يرى أي من المراقبين ما يستدعي النفي، إذ أن قانون الحوار السياسي غير المكتوب يتيح لـ(أبو عيسى) أن يطرح وجهة نظر تحالف المعارضة، ويتيح كذلك للحكومة رفض ما تراه خصما عليها. مجددا ما الذي يريد أن ينفيه طه؟

ليس مهما أن يصدق أي من أبو عيسى أو طه في تصريحاته، بقدر أهمية حدوث الاختراق الحقيقي. فإذا لم يضع السياسيون حدا لهذا التعثر، فالأرجح أن يتكفل الآخرون بذلك. ألم يقل غازي صلاح الدين إنه يشعر بـ(صنّة) لا يدري عاقبتها؟

صحيفة اليوم التالي[/JUSTIFY]