الاتحاد الأوربي وملاحقة دبلوماسية ظالمة للسودان !
الاتحاد الاوربي شأنه شأن بقية الدول الغربية يعتقد اعتقاداً جازماً ان الدول الافريقية هي الاقل تحضراً والأكثر ضعفاً ولهذا تضافرت جهوده لانشاء محكمة جنايات جرى اطلاق صفة دولية عليها، ومع أن الإسم الواقعي والحقيقي لهذه المحكمة هو أنها محكمة جنايات إفريقية. وليس سراً فى هذا الصدد أن محكمة الجنايات الدولية ومنذ انشائها وحتى الآن، أي ما يجاوز العشرة أعوام لم يوجّه فيها اتهاماً رسمياً لأي شخص أو يلاحق فيها أي شخص من أوربا أو الولايات المتحدة أو آسيا.
كل المتهمين الملاحقين من قبل المحكمة هم أفارقة، ليس ذلك فحسب ولكن غالب هؤلاء الملاحقين هم قادة ورؤساء ومسئولين كبار، والأكثر مدعاة للحيرة أن غالب هؤلاء المسئولين الملاحقين هم مسئولين ما يزالون فى السلطة! وربما لن نجد حاجة للتأكيد على ذلك أكثر من الادلة القاطعة التالية:
أولاً، من بين كل قارات الدنيا والمنازعات والحروب التى تطحن أرجاء واسعة من العالم منذ سنوات طويلة فإن المستهدفين حالياً فى محكمة الجنايات الدولية 8 مسئولين أفارقة. بوسع كل من له اهتمام بالشأن القضائي الدولي أن يتمعن فى هذه الحقيقة الغريبة. محكمة عمرها أكثر من 10 أعوام وغالب متهميها حتى الآن 9 من المسئولين الأفارقة، هل من دليل أكثر من هذا على أنها محكمة افريقية بامتياز؟
ثانياً، الدول الاوربية وبمهارة تُحسد عليها وظناً منها أن ذلك ربما ينطلي على الأفارقة عملت على التلاعب بميثاق تأسيس المحكمة بحيث نجحت فى إبعاد نفسها من ولايتها عبر إقرار ما يعرف بمبدأ (التكاملية)! وهو مبدأ فضفاض لا يُعرف له من معيار، فحواه أن تنهض هذه الدول بمهمة محاكمة ومقاضاة منسوبيها حتى تقطع الطريق على ولاية المحكمة.
أوربا بهذا المسلك استغلت بخبث ماكر الفرق الشاسع فى الاستقرار والبنى التحتية للدول الاوربية مقابل الاوضاع المعروفة لدول وشعوب القارة، حيث أضفت على اجهزتها ومؤسساتها الوطنية مزيّة معادل لمحكمة الجنايات الدولية على أمل أن يتسبب ضعف دول القارة فى اخضاعها لسلطان هذه المحكمة.
ثالثاً، حرصت الدول الغربية أيضاً على تضمين نص صريح فى ميثاق المحكمة يخول لمجلس الأمن -والكل يعرف مغزى نص كهذا- لإحالة أيّ حالة الى المحكمة، وبالطبع فإن أسهل وأهون سبيل الى ذلك هو إحالة نزاعات القارة الافريقية باعتبار ان الدول الافريقية لا تملك تمثيلاً في مجلس الامن الدولي ولا تملك الاحتجاج بمبدأ التكاملية المشار إليه، ومن ثم فهي واقعة لا محالة فى ظل المحكمة.
وعلى ذلك فإن من الطبيعي اذن -طالما كانت هذه هي نظرة الاتحاد الاوربي لدول القارة الافريقية- أن يمارس الاتحاد الاوربي هذه التفرقة العنصرية وهذه المغالات حتى فى توجيه الدعوة لحضور قمة أوربية افريقية تعود بالنفع على الطرفين.
المؤسف فى الأمر ليس إيمان الاتحاد الأوربي بالمحكمة الدولية ولا في تقديره لطبيعة التهم الموجهة لكبار المسئولين السودانيين ولكن المؤسف حقيقة أنه وحتى على فرض وضع الملاحقة القضائية للرئيس البشير فى الاعتبار فى مثل هذا المحفل الدولي؛ فإن المبدأ القضائي المعروف دولياً يقول إن المتهم برئ حتى تثبت إدانته. لكن الاتحاد الاوربي -رغم كل التحضر ومبدأ سيادة القانون -يعتبر كل من وُجهت له تهمة مبدئية مداناً؛ ولهذا يحكم عليه بهذا التمييز العنصري الأخرق!
سودان سفاري
ع.ش