هيثم صديق

لعنة صديق عبد الرحيم

[JUSTIFY]
لعنة صديق عبد الرحيم

يوم إعلان مصرع جون قرنق لما ساد الهرج والمرج، وقدم الجنوبيون بعض المشاهد التي يقدمونها الآن في بلادهم المستقلة كان سائق تاكسي اسمه صديق عبد الرحيم يقف في ناصية شارع ويقرأ في جريدته منتظرا رزقه.. كان بسيطا ومسالما وفي حاله لم يفكر مجرد تفكير أن سوءً سيلم به وأنه سيضرب (في صمة خشمه) لكن كل ما لم يتوقعه وقع
جاء مهتاج يحمل سيخة ورأى في عربة التاكسي شمالي غافل فأرسل سيخته إلى راس ضحيته.. ارتطمت السيخة بجسم العربة ونزل بعضها على رأس صديق عبد الرحيم
منذ ذلك اليوم لا يعرف صديق عبد الرحيم شيئا وهو يرقد في فراشه في منطقة الدخينات يحمله الأبناء ويقومون على رعايته كما رباهم صغار.. من كان في المدارس تخرج ومن تخرج وجد عملا ومن وجد عملا نجح فيه فليس لصديق ابن فاشل ولا بنت
أمس الأول كنا في زواج ابنه لم يعرفنا صديق عبد الرحيم، فقد كان في فراش ما غادره لثماني سنوات، لكنه كان الأكثر حضورا في يوم العرس ذاك.
غادر بيته يوم الحادث والبيت بسيط ويظله اليوم بيت شاسع وواسع وجميل بناه الأبناء وشيدوه وتبدلت الكورلا التاكسي بفارهات، وذلك الفضل من الله.
لم يعرف أحد من ضربه ولكن يعرف كل من عرف صديق عبد الرحيم أن حقه لن يضيع وأن ضاربه سيُضرب.
لعل الذي يجري في الجنوب الآن بعض حق الرجل، ولعله إن وعي سيعفو فصديق عبد الرحيم لا يعرف الحقد.
ما نريد قوله إن الذين يخربون بلدانهم بأيديهم هم الذين ينفعلون في اللحظة ويحطمون زجاجا كان يصد عنهم الهواء والحر والمخاطر.
ومثل صديق عبد الرحيم كان السودان كله لما رضي بأن يفارقه الجنوبيون بلا للوحدة صادمة كنعم للدستور التي خرج بها المصريون أول أمس مما حدا بأحد الساخرين أن يكتب على لسان مبارك (ما كنت باخدها وانتوا في بيوتكم ولا فيكم قتيل ولا جريح).
السودان فتح أبوابه للجنوبيين من جديد، وفي معبر العودة لوطنهم استقبلوهم في الارتداد للوطن القديم لعل جموعا لم تحمل معها كل متاعها فعادت إليه.
صديق عبد الرحيم حكاية منسية من ذاكرة الذين ضربوه لعلهم اليوم يتوجسون من الدرب والكمين والمستنقع.
شفى الله عمنا صديق عبد الرحيم وشفى الله دولة الجنوب.

[/JUSTIFY]

هتش – صحيفة اليوم التالي