عالمية

الاتجار بالبشر في السعودية.. حالات فردية ومختصون يتخوفون من تحولها لظاهرة

تعتبر جرائم “الاتجار بالبشر” من القضايا التي بات العالم يلتفت لها لأضرارها الاقتصادية، والاجتماعية، والإنسانية؛ كاستغلال الفقراء في الدعارة، والتسول، وتقييد حريتهم، وعدم دفع الأجور، وتجنيدهم في النزاعات المسلحة سواء باستعمال السلطة أو استغلال حالة ضعف إنساني ما. وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة إلى أن هناك ملايين الأشخاص في الدول الفقيرة يتعرضون للاتجار بالبشر والعبودية كل عام، وينتج عنها أرباح طائلة تقدّر بنحو 7 مليارات دولار تستفيد منها عصابات متخصصة.

وفي السعودية أكد مختصون لـ”سبق” ضرورة قيام الجهات المعنية في السعودية بالتصدي لجرائم “الاتجار بالبشر” فيها؛ حتى لا تتحول الحالات الفردية التي تحصل حالياً إلى ظاهرة بعد أن سجلت المحاكم السعودية -حسب تقرير الإحصاءات العامة للعام الماضي وأكدته الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان- أكثر من 182 حالة تم إنصاف 50 حالة منها.

ويشير عدد من التقارير الإعلامية الدولية إلى أن السعودية تعد واحدة من الدول المستهدفة من قبل عصابات إجرامية متخصصة في الاتجار بالبشر تستغل تدني المستوى الاقتصادي والفقر لتهريب أشخاص من دول مجاورة بما فيهم أطفال، ونساء، وكبار في السن، وهذا ما تؤكده الإحصائيات الرسمية السعودية الصادرة عن الجهات المختصة، حيث يتم سنوياً إحباط تهريب الآلاف من البشر من مختلف الجنسيات ممن يحاولون التسلل عبور الحدود الجنوبية للسعودية.

ومن صور “الاتجار بالبشر”، وأشكاله في السعودية -كما توضح الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان- استغلال الأطفال والنساء، وكبار السن -غير السعوديين- في أعمال غير مشروعة تحت الإكراه؛ بهدف الكسب كالتسول، وتهريب المخدرات، وممارسة الجنس، وتندرج تحته أيضاً قضايا أخرى كالعضل واضطهاد العمالة، وبيع وشراء التأشيرات. وغيرها.

عن ذلك يقول الأمين العام لجمعية حقوق الإنسان خالد الفاخري لـ”سبق” إن السعودية تحرص دائماً على سن الأنظمة التي تحمي حقوق الإنسان، ومن ضمن ذلك إصدار نظام الاتجار بالبشر، والذي تضمن تحديد الأفعال والسلوكيات التي تدخل من ضمن هذا النوع من المخالفات. بالإضافة إلى تحديد عقوبات تطبق بحق من يقوم بهذه السلوكيات، موضحاً أن هذا يدل على اهتمام المملكة بمتابعة أي أمر قد يتعلق بحياة الإنسان.

ومن جانبه قال المحامي والمستشار القانوني عاصم بن حمزة الملا لـ”سبق” إن قانون جرائم الاتجار بالبشر الذي ينص على السجن لمدة 15 سنة وغرامة مالية قدرها 10 ملايين ريال يطبق فقط بحق من شكلوا عصابة وخططوا سابقاً لاستغلال الآخرين من الفقراء والمعوزين في أعمال غير مشروعة؛ بهدف جمع الأموال، موضحاً أن للمحكمة الأحقية في الحكم بالحد الأدنى للعقوبة وهي سنتان. وأشار في حالة العضل وزواج صغيرات السن، والاستغلال من قبل الأب أو العم أو أي شخص آخر قريب للفتاة، ولا يكون اتفاقاً بين مجموعة أشخاص لا تطبق عليه أحكام عقوبات الاتجار بالبشر حتى ولو صنف من ضمنها.

وقالت الناشطة الحقوقية عضو حقوق الإنسان في السعودية الدكتورة سهيلة العابدين لـ”سبق” إن حالات جرائم الاتجار بالبشر التي تسجل في المحاكم والجهات المختصة في السعودية تعتبر حالات فردية ضئيلة جداً. وترى أنه يجب على الجهات المختصة محاربتها حتى لا تتحول إلى ظاهرة في المجتمع.

ومن جهته ذكر الأمين العام للجنة الدائمة لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص في هيئة حقوق الإنسان بالمملكة بدر سالم باجابر، عن وجود قاعدة بيانات وطنية شاملة في المملكة لمكافحة الاتجار بالأشخاص بالتنسيق مع مراكز الشرطة والمحاكم. نافياً في الوقت نفسه أن يكون هناك تفشٍّ لظاهرة الاتجار بالبشر في السعودية تحت تصنيف المعايير الدولية.

وكان وزير العمل المهندس عادل فقيه قد كشف عن توجه وزارته لاعتبار رجال الأعمال، والتجار الذين يستقدمون العمال ويتركونهم دون عمل حقيقي، متاجرين بالبشر، مبيناً أن وزارته تنسق مع وزارة الداخلية لمعاقبتهم بالسجن وليس بالغرامات المالية. ومن جانبها طالبت هيئة حقوق الإنسان الجهات المعنية بوقف إعلانات التنازل عن العمالة المنزلية في الصحف بمقابل مادي، لافتة إلى أن نشر إعلانات التنازل عن العاملات المنزليات، والسائقين يعد اتجاراً بالبشر يجب منعه.

ومن الحالات المكتشفة للاتجار بالبشر في السعودية التي نشرت في وسائل الإعلام المحلية؛ إصدار المحكمة العامة في عرعر حكماً على مواطن بالسجن سنتين وجلده 600 جلدة وتغريمه 100 ألف ريال مع المنع من السفر مدة عامين بعد إدانته بتهمة الاتجار بالبشر من خلال توريطه وافداً على كفالته في نقل شحنة مخدرات إلى طرف آخر.

كما حكمت المحكمة الجزئية بمحافظة القطيف بالسجن لمدة عام مع الغرامة بمبلغ 100 ألف ريال على مواطن بعد إدانته بتهمة المتاجرة بالبشر في حق 6 عاملات إثيوبيات، وقيامه بتأجيرهن للمواطنين يومياً أو شهرياً بطريقة غير شرعية. كما نجحت هيئة حقوق الإنسان في حل مشكلة 1200 عامل يتبعون لإحدى الشركات الوطنية الكبرى بالرياض اتهمت بالاتجار بهم، في أكبر قضية اتجار بالبشر تسجل، حيث تم تسوية الخلاف بين العاملين في الشركة وملاكها، بعد أن تعرضوا لسوء معاملة مع إجبارهم على العمل دون تأدية حقوقهم لخمسة أشهر متواصلة، وهو ما يندرج ضمن قضايا الاتجار بالبشر.

وكان تقرير الخارجية الأمريكية السنوي المتعلق بالاتجار بالبشر في العالم خلص العام الماضي إلى أن نصف الدول العربية الواقعة من المغرب حتى العراق، تصنّف أسوأ الأماكن التي تشهد ممارسات تتعلق بالاستعباد في العمل والدعارة. وأن منطقة الشرق الأوسط، وفقاً للتقرير تعد أسوأ منطقة جغرافية تشهد هذه الظاهرة. وقال التقرير “إنّ دولاً تطبق معايير قانونية صارمة في مكافحة الدعارة، ومن ضمنها المملكة العربية السعودية، بدأت تشهد بدورها الظاهرة”. كما أشار التقرير إلى أن بعض السعوديين مازالوا يتحايلون على “عقود الزواج المؤقت” في دول من ضمنها مصر واليمن مما يدخل في نطاق المتاجرة بالبشر.

وكشف “التقرير العالمي عن الاتجار بالأشخاص” الذي أعده مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات، أن ملياري شخص حول العالم مورست عليهم جريمة الاتجار بالبشر دون أن يتعرض الجناة للعقاب، وأشار إلى أن 70% من الضحايا نساء وفتيات، و30% منهم رجال وصبية. وقال التقرير إن بعض النساء أصبحن يتاجرن بالبشر بنسبة تصل إلى 30%، في حين يمثل الجناة الذكور نسبة 70% و78% من المتاجرين المدانين يوجدون في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتضمنت أشكال استغلال الضحايا التي عرضها التقرير الاستغلال الجنسي للنساء بنسبة 79% و14% للعمل القسري وسرقة الأعضاء، في حين يتعرض 83% من الضحايا الرجال للعمل القسري ممثلاً في التنظيف والبناء والخدمات الغذائية والمطاعم والعمل المنزلي وإنتاج النسيج، و8% للاستغلال الجنسي و1% لسرقة الأعضاء.

سبق

تعليق واحد

  1. وقوع الجريمة أطلق الهاشتاج بإسم ” ChapelHillShooting ” على موقع تويتر وسرعان ما أصبح أعلى قائمة الأكثر تغريداً