ويكي ليكس
لجابرييل جارسيا ماركيز المدهش رواية تتحدث عن منشورات توضع على الأبواب بالليل ليقرأها الناس نهارا تحوي فضائح لربات بيوت وأرباب عمل وفتيات وشبان.. تلك الرسائل التي حكى عنها الراوي الكبير في مذكراته قال إنها كانت حقيقية ولقد عايشها زمانا في بلدته لما أصبح كل من لا يجد منشورا يتنفس الصعداء ومن وجده انتهت حياته للأبد إما بعار يلتصق به أو بارتكابه لجريمة شرف إذا ما أشارت الرسائل لإحدى نساء بيته.
وقريبا من ذلك كانت هناك أوراق تنشر في قريتنا أذكر ذلك تماما عندما كنت صغيرا وإن لا أذكر محتواها ولكن كاتبها الذي لا يزال مجهولا كان يوقع عليها باسم (الطاؤوس) وإن تعلقت التهمة برجل لا يزال يحمل عند خاصته لقب (الطاؤوس).
موقع ويكيليكس هو كذلك وإن بدل البلدات الصغيرة بالعالم وبدل الأشخاص بالحكومات.. فأصبح العالم يترقب وثائقه على وجل وظنون وأصبحت الحكومات تجهز نفيها لما ينشر من قبل أن ينشر لأن (العيار اللي ما يصبش يدوش) فإن تجنح دول للتكذيب وتجتهد السفارات للتفنيد فذلك يعني أن هناك تأثيرا لما نشر حقيقيا كان أم (مفبركا).
إن صورة قديمة جمعت النميري بشارون وبينهما عدنان خاشقجي تاجر السلاح الشهير فسرت في ما بعد كل قضية (ترحيل الفلاشا) يوم كانت إسرائيل تحتاج إلى أفراد من العالم الثالث يدينون باليهودية ويزيدون أفراد الجيش.
وثائق ويكيليكس التي أقامت العالم ولم تقعده لربما وجدتها بعض الأجهزة الاستخبارية فرصة للنيل من دول بتركيعها أو ترهيبها فالبعض ينسب أشعارا لشعراء لم ينظموا تلك القصائد المنظومة لهم لأجل أن تلقى صدى وانتشارا أو لجس النبض لمعرفة مدى شاعريتهم ولقد التصقت غير قصيدة بالشاعر هاشم صديق أو الراحل محجوب شريف في ذم الحكومة لكنهما نفياها وكل متابع حصيف سيجد أن هناك خللا ما في تلك القصائد مقارنة بقصائد أصحابها الحقيقية.
على أن رمضان في السودان هو شهر (الويكة لست) وهذه (كسرة) للخروج من العمود فلقد قال لي صديقي إن العالم مشغول بوثائق ويكيليكس وزوجته مشغولة بإعداد الويكة لست للإفطار (تقلية.. أم رقيقة.. أم شعيفة.. أم تكشو.. روب) وصديقي اللطيف يقهقه ضاحاكا لما يجد أن زوجته قد أعدت ملاح (سلج) فيقول لي الواحد بعد ده يبقى كسار(سلج) محترف.