هيثم صديق

كلما

*كلما صرح مسؤول بأن الدولار سينخفض كان ذلك يعني أنه سيرتفع، فالمسئول يتحدث من فوق السحاب والمواطن على أرض الواقع والجنيه اليوم يحشد عشرة منه ليساوي دولارا واحدا، ومع ذلك يغني
“أنا في الثرى
وهو في الإكليل
زاد وجدي”
*قال بنك السودان سابقا إن الجنيه الورقي مبرئ للذمة… ولكنه اختفى من الأسواق لما ذاب في الجيوب ساعة الغسيل.. النقود الورقية عندنا أخت حلاوة قطن إما ذابت في الجيوب أو في طرف لسان السوق.
*كلما قرأت تصريحا يطمئن فيه نافذ بأن الأمور تمام عرفت أن الذي في الطريق هو الملام.. الكتب متوفرة والإجلاس.. معنى ذلك أن النقص (عييك) اكتمال التجهيزات لاستقبال فصل الخريف.. يعني العكس..
ولذلك أصبح الناس لا يلومون منشدين مع عبد الوهاب هلاوي ومصطفي سيد أحمد
“عدم الملام
هو كمان ملام
يا سلام عليك يا سلام”
*على ذكر مصطفى سيد أحمد، فلقد فعل في 15 سنة هي كل عمره الفني ما لم يفعله (تيم) مطربين ومغنواتية في كل أعمارهم من السابقين واللاحقين.. كان مصطفى يستلم الأغنية غبشاء ولا يؤبه لها فإذا به يخرجها كطفلة روضة بهية ووديعة ممشطة الشعر مرتبة الهندام أو يدخلها (كوافير) حنجرته عادية، فإذا بها عروس تسلب الألباب، وتجعل أولاد حلتها يعضون أصابع الندم، إذ كيف لم تلقط أجهزتهم الكاشفة (طنا) من الذهب الخالص، وقد دلاهم على (جرام) جمال بشوائبه.
*وعلى ذكر الذهب، فإن الموعود به يجعل كل أصبع يتوقع خاتما وكل ساعد يتوقع غوائش، وكل رجل خلخال وكل أنف زمام، وكل أذن حلق، وكل صدر كردان كما في (شيلة) الشايلين شيلة أو (شلية) من دار أبونا الوطن الخربانة.
*على ذكر خراب الأوطان فإن ما يفعله الجنوبيون بأنفسهم ووطنهم جعل أفضل قرار اتخذته الإنقاذ هو فصل الجنوب.. إن محاكم السلاطين التي كانت تقام والرباطية في تجمعاتهم كانت تنذر بحرب قادمة لا محالة لما يقعقع السلاح كل يوم بين مجموعتين ولا ينبئك مثل من جاور الكلاكلات مثلي عن هذا.
*رحم الله صديقنا – ومن الذي يعرف داؤود مصطفى ولم يصادقه- فداؤود كان نسمة وبسمة رحل فجأة لكأنه خشى أن يتعب أحبابه بزيارته في المشافي.. وداعا أيها الرجل الكبير.. ديفيد كان يتمر حروفه قبل أن يدفعها للمطبعة كما الكبابي قبل أن تحوي الشاي للضيوف… ترى ماذا نقول غير أن نسترجع (إنا لله وإنا إليه راجعون)..