هيثم صديق

حلّاق أباطات


كان لفخري إحساس أنه سيطبق قول المعري:
وإني وإن كنت الأخير زمانه
لآت بما لم تستطعه الأوائل
فطفق يبحث عن فكرة جديدة أو مهنة مستحدثة حتى فكر في ميعة الصبا باختراع لغة جديدة مع بعض الأصدقاء بحروف مختلفة فرمز للألف بالشجرة وللباء بالطائر وهكذا حتى جعل لكل حرف من اللغة العربية مثله من وحي خياله.
كان يقول بملء صوته إن عنترة بن شداد كان زول (ساي) بدليل أنه قد قال (هل غادر الشعراء من متردم) وردم عنترة ردما شديدا (بلغة الواتساب).
حينما ذهب أقران فخري يبحثون عن الذهب في القفار والصي والجبال كان هو قد تعلم الغطس ليكتشف – بحسبه- سفينة غارقة في المقرن لأحد الملوك الفراعنة ممن –لابد- قد جاءوا إلى هذا الموقع في رحلة ترفيهية.
ولما فكر أصحابه في الهجرة إلى أوروبا كان قد توجه إلى ليبريا بحكم أنها موطن الأفارقة الذين جاءوا من أمريكا محررين وقال لابد أن يسأل أحفادهم عن أحقادهم.. فوجدهم كما قال بعد عودته يلعنون أجدادهم أن غادروا أمريكا.
قتل فخري أكثر من ثلاثمائة ديك قبل أن يسلم بفشله في إثبات نظرية أنه ما دام الديك يبيض مرة فسيبيض أخرى وأخرى.
وحاول ألف مرة أن يحتال على إخراج وصلة الراديو بخفة من (البلك) فيجدها قد حملت معها تيارا ممنيا النفس أن ينهي موضوع الكهرباء نهائيا بسحب وصلة الثلاجة وووو ولكن الخدعة لم تنجح.
ولا يزال يقسم أنه لا يحاكي المسؤولين في تجربة المستحيل والمجرب فيحصد مثلهم الفشل.
علق فخري لافتة على محل استأجره مكتوب عليها (تفصيل بلوزات وإسكيرتات رجالية)… وقدم الحجج لكل من استفهمه أن هذه الأزياء كانت للرجال سابقا بينما كانت (الجلاليب) للنساء وأرجعهم إلى كل المسلسلات التاريخية أن كيف كان يلبس المحاربون….
علق بعد مدة لافتة (لبن طير) ورسم صورا للخفافيش….
تأكد الناس أن كل ما يقوم به فخري إن لم يكن هبلا فتزجية وقت وتضييعه.
علق لافتة لاستشارات زوجية وكتب أنه خبير في طي كل خلاف زوجي في يوم واحد.
آخر لافتة يذكرها الناس هي ما عنونّا به قصتنا هذه فبعدها قد تم منعه تماما من تعليق أي لافتة أو العمل في أي مجال تجاري.
مما يحفظ لفخري أنه كان على الأقل يحاول بصدق.