ترجمان الأشواك
وصديقي المبدع الخجول لم أجد إلا أن أنسخ خلسة بعض ما كتب في كراسة خاصة أدركتها ساعة غفلة منه فاستدعت نفسي قصيدة جميلة نسيت اسم صاحبها وإن كان في اسمه (إسماعيل) نشرها في مجلة الملتقى يوم كنت أشتريها وأنا ذاهب إلى المدرسة الثانوية وها هو ولدي على ساحل الثانوي ولا يجد مجلة مثلها..
(وهبت نسمة عبرت معربدة على عجل
فقبلت الخدود بنا
فلاح حياء من أهوى فلذت بغير ما تدري
هفت خصلاتها للريح وانفلتت
تخفت كالقطا الكدري
هفت والريح جاذبها
داعب حسنها مال وماد كالأفرع
أحنت ساعدا للساق ثرثر فوق محياها
أردت كفها بالصدر أرضت بعضه بالثغر
صارت كلها أذرع
كسوت حبيبتي بصري)
وأكتب من الذاكرة تلك المرهقة والمضغوطة فلعل أبياتا تلاشت أو كلمات توارت وإن بقي الأريج..
كراسة صديقي وجدت مكتوبا عليها (ترجمان الأشواك) فعرفت أنه يتلمس خطى ابن عربي في ترجمان الأشواق.. ولابن عربي قصة معي فلا زلت أوثره على ابن العربي وفي كل عام أقول إن القاضي سينتصر على المتصوف الموصوم بالزندقة فلا أجد حتى (درون).
كتب صديقي ما يأتي وقد لاحت لي مثل أخبار البلاد سياسيا واجتماعيا ورياضيا في صحفها السيارة وراديو السيارة وونسة السيارة من الناس:
* لن ينقذك يا قلب من الشنق أنك تعاني اللوز
* ما اروع (زرزوري) صوته كان جميلا لما غنى لي ولحمه كان (طاعما) لما أكلته
*(ما عندك أخوات في البيت) نهرتني بها المتبرجة وهي تضخ عطرها على الأنوف وتعرض لحمها على الألوف.. صرجت أسناني واستلذت بالحلم سمار ركبتها..
* سب كل منهما أم الآخر ودارت معركة انتصر فيها اليتيم على من تبيع أمه الزلابية صباحا لجيرانها والفطور لتلاميذ المدرسة والشاي للسابلة.. كان اليتيم يحس بمعنى الأم وكان الصائع لا يساعد أمه ولو بنظرة امتنان..
* عيوشة عيوشة
الليل هديماتها
شمس الله برطوشا
تشرب من الشارع
تاكل من الكوشة
مسكينة أمة لم تجعل محمد الحسن سالم حميد وزيرا للرعاية فيها..
* جاء من الحج إلى أهل بيته (الملحدين) فوجد.. حجا مبرورا وسعيا مشكورا مكتوبة على الباب (زي أيام زمان) فبكى وبكوا وصلوا الحاضرة.. جاء آخر من الحرب فوجد أهل بيته يتحدثون عن مدينة استشهد على أبوابها رفقته بازدراء.. لم يشرب معهم جرعة ماء.. رأى الدم في (الكبابي)..
* عطس.. هي غطس.. فنقطة ممكن أن تصنع الموت.. يعيش أبو الأسود الدؤلي.. ومطار الخرطوم الدولي!