هيثم صديق

تعويضات

أصبح الشعب السوداني خفيف الظل سريع البديهة محبا للنكتة مؤخرا وقد كان من قبل ذلك ينعت بالبرود ربما لأنه لم يكن يضرب الضحك بالهم.
أمس جاءت نكتة عن تعويضات الحجاج الذين وقعت عليهم الرافعة فتم تعويض أسر الشهداء والجرحى تعويضا مجزيا بلغ أن هاتفت زوجة زوجها (إن شاء الله وقع حجر على راسك الماكن ده). النكتة الأساسية كانت تقول إن الرجل قال لزميله: السعودية عوضت من سقطت عليهم الرافعة بعد أن انتهت التحقيقات، تصدق أنا قبل سنتين وقعت علي لافتة في إستاد الخرطوم للآن ما عارف نتيجة التحقيقات ولا نتيجة المباراة!!!
كل هذه الرمية ربما لنسأل عن تعويضات متضرري السيول والفيضانات (عامن أول) التي صرح رئيس لجانها أنها قد فقدت مبلغ 13 مليون دولار من جملة المبلغ الذي تبرعت به منظمات خارجية ودول للمتضررين.
مائة وثلاثون مليار جنيه سوداني (اتماصت) كبيوت الجالوص المتداعية وضاعت في ظروف غامضة كحلكة ليل أليل أرعدت سماؤه ثم دلقت الماء فلاحت المأساة حتى تداعى لها المجتمع الدولي كله فأرسل إغاثة عاجلة لم تصل حتى الآن.
لعل القصة تفرض نفسها هنا كما يفرض البعض أنفسهم على الخزائن وجباية المدائن.
أعطى الأمير لوزيره ألف دينار ليوصلها إلى فقير في الأطراف أسدى إليه معروفا.
الوزير أعطى مستشاره خمسمائة دينار ليوصلها إلى فقير أسدى معروفا للأمير.
المستشار أعطى رئيس العسس مائتين وخمسين دينارا لكي يسلمها باليد لفقير في الخلاء تنفيذا لأمر الأمير.
رئيس العسس أعطى نائبه مائة دينار…
من وصل إلى الفقير طالبه بدفع عشرة دراهم كضريبة للأمير.
إن مبلغ 13 مليون دولار يبقى مبلغا كبيرا جدا وينبغي أن يعرف الناس (راح وين) هل أكله التمساح أم الدودو؟
من المؤسف أن يصبح (التعويض) (تعويم) ولعل البعض قد حجّ به يبتغي الغفران ويريد أن يعود كيوم ولدته أمه وقد أخذ مال من أجهضته أمه لأنها لم تستطع أن تجري عملية أو أنهكها (الخوض) في الماء حتى منزلها أو حتى الشارع لما بلغ السيل الزبى.
منشدين مع الكبير حميد:
يا متلبك في الأدران.. الحجر الأسود ما هو البروة
وما ها الكعبة مكاوي تجيها.. حين ينكرفس توب التقوى