“حارسة الإيدز” لـ”سبق”: 80 سعودية أُصِبن بالإيدز.. وأطالب “كبار العلماء” بمراجعة فتوى “الزواج”
– 90% من حالات العدوى بالسعودية تتم عن طريق “الجنس”.. وجدة أكثر مدينة مصابة تليها الرياض.
– المواطنون السعوديون يمثلون أكثر من “ربع” الحالات المسجلة والبقية من الوافدين.
– العلاقات “المثلية” المحرمة خطورتها عالية لانتقال المرض وانتشاره بين الرجال.
– القوانين المحلية تعطي المصابين الحق في الدراسة والعمل وأداء مناسك الحج أو العمرة.
– نحافظ على سرّية معلومات النساء المصابات بالإيدز وخصوصيتهن بعيداً عن حساسية المجتمع.
– يمكن للزوجيْن المصابيْن بالفيروس أن يعيشا بشكل متكامل ويُنجبا أطفالاً سليمين.
– الوافدون المصابون بالإيدز يحظوْن بجميع أنواع الرعاية الصحية اللازمة حتى يتم ترحيلهم لبلدانهم.
: تقول “حارسة الإيدز في السعودية”، كما تفضل الأوساط الطبية السعودية تسميتها، الدكتورة “سناء فلمبان”، مديرة برنامج الإيدز في وزارة الصحة والمشرفة على قسم المناعة ورئيسة مجلس إدارة الجمعية الخيرية لمرضى الإيدز في السعودية: إن من الطبيعي جداً وجود بعض القضايا التشريعية والفتاوى المرتبطة بالأمراض المزمنة كالإيدز التي قد تتطلب المراجعة، والتحديث وفقاً للمستجدات العلمية.. وأكدت -في حوارها مع “سبق”- أنه يوجد عدد من الأسر التي تحصل فيها إصابة لأحد الزوجين بالفيروس دون الآخر أو كليهما، ويتمكنون من العيش بشكل متكامل، وإنجاب الأطفال السليمين في ظل العلاجات الحديثة؛ كاشفة النقاب عن إصابة 80 سيدة سعودية بالإيدز في العام الماضي 2014م أغلبهن تمت إصابتهن من أزواجهن، وموضحة أهمية المحافظة على سرية معلوماتهن وخصوصيتهن، بعيداً عن حساسية المجتمع؛ مبينة أن القوانين المحلية لا تمنع المصاب بالإيدز من الدراسة أو العمل أو زيارة الأماكن المقدسة وأداء مناسك الحج أو العمرة، والتحرك بشكل طبيعي؛ محذرة من أن فرشاة الأسنان، وأمواس الحلاقة والأمشاط المستعملة والملوثة تمثّل نسبة أعلى الإصابات بالفيروس.
وتناول الحوار مناقشة عدد من القضايا المتعلقة بمرض الإيدز وتداعياته المختلفة؛ فإلى تفاصيل الحوار:
** لماذا لا يزال حديث الناس في المجتمع السعودي خافتاً عن مرض “الإيدز”، وينظر إليه على أنه “تابو” ممنوع؟
طبيعة عدوى الإيدز ترتبط عالمياً بوصمة وحساسية كبيرة نتيجة اقترانها بأمور مرفوضة اجتماعياً، بشكل عام في جميع الدول وليس السعودية فقط، وتتفاوت درجة الوصم من مجتمع لآخر؛ إلا أنه أصبح هنالك حديثاً اختراق مشهود ومتقدم في التعامل مع المرض في السعودية؛ سواء في القطاع الصحي أو القطاعات غير الصحية، ومؤسسات المجتمع المدني، ومشاركة في الاستجابة الوطنية للحد من انتشار المرض، وتخفيف وطأة الحساسية من خلال مؤشرات واضحة، والتي منها ظهور المتعايشين الذين بدأوا يشاركون في الأنشطة الوطنية المختلفة.
ويمكن تصحيح المفاهيم الخاطئة عن المرض، وتوعية المصابين عن طريق تكثيف وسائل التوعية، وتوضيح المعلومات الصحيحة، واستخدام وسائل الإعلام بشكل مكثف، ومساهمة مكونات المجتمع للتنوير بالقضايا المرتبطة بالإيدز، ودور كل من المصاب وأفراد المجتمع في تعديل السلوكيات الخاطئة، ورفع المعرفة لدى عامة المجتمع، وتوضيح دور المتعايشين مع فيروس الإيدز تجاه أسرته ومجتمعه.
** أصدرت هيئة كبار العلماء في السعودية قبل سنوات فتوى تمنع زواج المصاب بالإيدز من شخص سليم، وفي هذه الأيام يطالب بعض الأطباء والمختصين بإعادة النظر في هذه الفتوى.. ما تعليقك؟
من الطبيعي جداً أن بعض القضايا التشريعية، والفتاوى المرتبطة بالأمراض قد تتطلب المراجعة، والتحديث وفقاً للمستجدات العلمية، كما أنه يوجد عدد من الأسر التي تحصل فيها إصابة لأحد الزوجين دون الآخر، ويتمكنون من العيش بشكل متكامل، وإنجاب الأطفال السليمين في ظل العلاجات الحديثة، وهنا تلعب المستجدات العلمية الحديثة دوراً هاماً في حماية الشريك والأسرة.
** ما صحة التقارير الطبية الأخيرة التي أشارت إلى إصابة حوالى 80 سيدة سعودية في العام الماضي 2014م فقط؟ ولماذا تقومون بالتعامل معهن عن طريق الأرقام، وليس بأسمائهن الصريحة؟
نعم.. عدد إصابات النساء السعوديات بلغ 80 حالة للعام 2014م، وهو عدد قليل مقارنة بالعدد الكلي للإصابات 444؛ حيث تمثل النساء 20%؛ بينما في الدول الأخرى تصل نسبة النساء لأكثر من 50% من العدد الكلي للإصابات. وأغلب حالات النساء تمت إصابتهن من أزواجهن. ومن حق أي مريض -سواء رجلاً أو امرأة- أن تكون هنالك محافظة على سرية معلوماته وخصوصيته؛ خصوصاً المصابين بعدوى الإيدز؛ كونها ترتبط بالوصم والحساسية في المجتمع.
** ما هو مصدر العدوى الرئيس للإصابة بالإيدز في السعودية؟ هل هي المخدرات أم نقل الدم أم العلاقات الجنسية؟
تمثل العلاقات الجنسية غير المحمية، أكثر من 93% من حالات العدوى بالسعودية، تليها تعاطي المخدرات بالحقن ثم انتقال العدوى من الأم للجنين. وتعد مدينة جدة الأكثر إصابة بالمرض في السعودية؛ لكثافة وحجم السكان من المواطنين وغير المواطنين، والتداخلات الثقافية المختلفة؛ فإنها تمثل أكثر من 30% من الحالات المكتشفة بعدوى الإيدز بالسعودية. وتمثل العلاقات المثلية خطورة عالية لانتقال المرض، والدول التي تنتشر فيها هذه العلاقات يمثل الرجال أغلب حالات الإصابة بالمرض.
** هل القوانين المحلية تمنع المصاب بالإيدز من الدراسة أو العمل أو زيارة الأماكن المقدسة، وأداء مناسك الحج أو العمرة؟
توفر النظم والقوانين السعودية الحق الكامل للمتعايشين مع الفيروس في التعليم، والعمل، والتحرك بشكل طبيعي. وفي هذا الشأن تسعى الأمم المتحدة إلى القضاء على إصابة الأطفال بالإيدز تماماً؛ من خلال تطبيق برنامج خاص بمنع العدوى بين الناس، وتنظيم الحمل للنساء المصابات، وتوفير العلاج الوقائي للنساء الحوامل المصابات أثناء الحمل، والولادة، ورعاية المواليد.. وقد تم إعلان بعض الدول خالية من إصابة الأطفال بالإيدز؛ نتيجة لاتباع هذه السياسات التي تعتمد بشكل أكبر على فحص الحوامل للإيدز، وإخضاع المصابات منهن لبرامج رعاية خاصة تشمل العلاج الوقائي لحماية الأطفال، ويمكن باتباع هذا النظام التخلص من مرض الإيدز بين الأطفال تماماً.
** إلى أي مدى يُعَدّ فيروس نقص المناعة “الإيدز” منتشراً في المدن السعودية؟ وهل تمثل العمالة الوافدة النسبة الأكبر من المصابين به؟
تمثل نسبة السعوديين حوالى 28% من إجمالي الحالات المسجلة بالسعودية، وغير السعوديين 72%، وتمثل محافظة جدة حوالى 30- 35% من السعوديين، وأكثر من 40% لغير السعوديين من العدد الإجمالي من الحالات المسجلة منذ العام 1984م، تليها الرياض، والشرقية، ومكة، وجازان، وعسير. وهناك استقرار نسبي في أرقام الأعداد المكتشفة بالسعودية، ويقدّر معدل الإصابة بـ2 لكل عشرة آلاف شخص من كل فئات المجتمع، ويمثل الشباب أغلب المصابين؛ حيث إن 80% من الحالات في الفئة العمرية 15- 49 سنة. ويستفيد المصابون بالإيدز من الوافدين القادمين للعمل بجميع أنواع الرعاية الصحية اللازمة، حتى ترحيلهم لبلدانهم، أو حصولهم على استثناء من الترحيل.
** هل لاستعمال أدوات مريض الإيدز كفرشاة الأسنان وموس الحلاقة ومشط الشعر والأجهزة الطبية في العيادات الطبية، دور في الإصابة بالفيروس؟
فيروس الإيدز هو فيروس ضعيف لا يعيش خارج خلايا الجسم طويلاً، ولا يتحمل درجات الحرارة العالية، وحتى يتم انتقال العدوى لا بد من توفر اشتراطات عديدة؛ مثل وجود سائل ملوث بنسبة عالية من الفيروس الحي، وانتقال هذا السائل الملوث بالفيروسات مباشرة من الشخص المصاب إلى داخل جسم الشخص المعرض من خلال جرح غائر أو الأغشية الحساسة؛ لذا فإن فرشاة الأسنان وأمواس الحلاقة الجديدة والأمشاط، لا تمثل مشكلة صحية كبيرة؛ بينما المشاركة في الأدوات الحادة الملوثة تمثل احتمالية أعلى للإصابة.
** هل وجدت علاجات مثبطة للفيروس تساعد على عيش المصاب لمدة أطول وتوفر لجسمه الحماية اللازمة من حالات العدوى؟
توجد علاجات حديثة فعالة؛ بحيث تحول الفيروس لمرحلة الكمون، وتمكن المريض من الاستمتاع بحياة طبيعية خالية من العدوى المصاحبة للمرض لفترة طويلة تعمل على تقليل العدوى المصاحبة للمرض ونسبة الوفيات بسببه، وتتوفر هذه الأدوية الحديثة بالمملكة.
وهنالك العديد من البرامج المعروفة عالمياً لخدمات الرعاية النفسية والاجتماعية للمتعايشين تبدأ من احتواء المريض عند العلم بإصابته، إلى إدراجه ضمن فئات المجتمع.
أجرى الحوار/ شقران الرشيدي- سبق- الرياض
حمانا الله و اياكم.