ما بين الباز والجاز
لكأن الدوحة قد أعلنت أنها لا تطيق أن تستقبل كبيرين معا كما أعلنت الخرطوم من قبل فأبعدت الجاز وأبقت الباز، فلما لاح اجتماعهما غيب الموت الدكتور الجاز للأبد.
وما بين كتابة محمد محمد خير في أخيرة السوداني يوم الجمعة وكتابة المزمل في أخيرة اليوم التالي أمس عن الباز، كنت أظن أني اكتفيت سلوى لكن بقيت بعض حروف لم تقل وبعض حروق لم تطفأ وطفا الحزن كفلينة في بحر القلب الفائض بالأحزان.
وإني لتلميذ للجاز وللباز، بيد أن الأخير درسني مراسلة عبر كتاباته وصحفه ولقد أضاف لي الكثير وهو يراهن على الآداب والثقافة وأنا رهين لهما.
كانت صحيفة سنابل محطة مهمة في حياتي كقارئ وطالب ولا أزال أحتفظ بجل أعدادها قبل أن توأد في بلاد يقتلون فيها الخيول.
لكن الخرطوم في كبرياء جريح لعلها تقف على بلكونة أطلال وتنادي سحبها الرواحل أن أمطري حيث شئت فريعك سيأتيني ولها في ذلك بعض صدق فهذا جمال علي حسن يرسل من هناك يفتح أبواب جنته هذه المدهشة كإرم ذات العماد بيد أن شداد بن عاد هذا من المؤمنين.
إن هجرة العقول عن أي وطن تبقى مقلقة جدا ولكنها تبقى كذلك قدرا تاريخيا متناسلا، فمن تتبع سير المفكرين وأصحاب الإسهامات الأدبية وجدهم قد أدمنوا الأسفار والمنافي والمجافي وصادقوا الطيور كما غنى راحل آخر من ذات الدوحة..
والله نحن مع الطيور الما بتعرف ليها خرطة
ولا في إيدا جواز سفر
ولنا رجاء للدوحة أن تترك لنا طنوبا واحدا ولا (تمصر) كل الأثداء خادعة لها لكي تدر (ببو) من ريالات والأم تنفخ شطرها في ظن أن الراضع وليدها.
ليت الباز يعود قريبا محملا ببعض مال يقامر به مرة أخرى في صحيفة أخرى من صنعه فهو (قمرتي جرائد) لا نرى له توبة.
وفجيعتنا في سفر نعومة الصحافة السودانية تلك التي سبب سفرها الحمى مثل فجيعته هو في لص الذهب ولقد صادفت خيبة أمله خيبة أمل صديق لي أحبطه إعلان الشرطة القبض على المتهم وقال لو تحفظوا عليه وأعطونا بعض فرصة للافتراضات ونسج الإشاعات قليلا.
لن نقول للدوحة كما قال مشوكش دخل على الحفل ومحبوبته في ثوب الزفاف وصمت الجميع وهم يعرفون العلاقة السابقة لكنهم سمعوه يقول للزوج الخطاف (إن شاء الله ما تنفعك).
نتمنى أن تنتفع بهم الدوحة جميعهم مع ردهم لنا فالنور عثمان أبكر وهاشم ميرغني وهاشم الجاز أبت أن تردهم لنا والقائمة تطول.
أيها الرجل القلم اكتب رواية أيام عادل في الدوحة لنضعها مع أيام كارلوس في السودان.. فقصصك مشوقة ونحسب أن زاويتك هذه سنطالعها يوميا هنا.