الخدمة الوطنية بين يدي مؤتمرها الثالث
ينعقد اليوم المؤتمر الثالث للخدمة الوطنية، وهي مناسبة أن نضع بعض تصورنا لأهلها بين يدي مؤتمرهم هذا في بلاد للأسف لا يزال نشأها يظن بهذه الخدمة ظن السوء، ويدعم له هذا الظن بعض من ولي أمرها في زمان مضى.
ونكتة الرجل الذي ظن أنه حبة قمح فخاف من الديك خوفا مرضيا ظنا منه أنه سياكله تحكي حال البعض مع الخدمة الوطنية لم يصدق بعد أن زمان الدفارات قد ولى أو أن هناك أماكن لأدائها في غير ميدان القتال.
إن أمريكا بجلالة قدرها قد دفعت بجيشها الاحتياطي، وهو من الذين عسكرتهم في الخدمة الإلزامية الجبرية إلى الحروب، ولقد خاض محمد علي كلاي حربا ضروسا لما تهرب من الخدمة في الجيش، فدفع ثمن ذلك حرمانه من الملاكمة لزمن طويل.
والخدمة الإلزامية تبقى إلزاما وجبرا، فلا أحد يحب التدريب العسكري الشاق إلا لمن طلبه طواعية، ولا أحد يحب التقييد إلا مضطرا وهذه الخدمة اضطرارية.
إن عدم ربطها باستخراج الشهادة الجامعية كما رشح يبقى خطأً كبيراً، فلابد لكل خريج أن يؤديها، ولابد أن تربط بكل معاينة، على أن يوظف منسوبيها في أماكنهم الحقيقية، فلو دفع بكل خريج زراعة إلى المزارع والحقول وكل طبيب إلى المستشفيات والمراكز الصحية وكل مهندس إلى ترميم كيلو من شارع وطابق من بناية، والدفع بالتربويين إلى المدارس فإن خيرا كثيرا سيقع.
على أني بمعايشة لشريحة كبيرة سأوصف لكم سبب يؤدي إلى نفور الشباب عنها، فمعظمهم يظن أن هناك فئة معينة تنجو من الجبر الوطني هذا بصلات وامتيازات، فليت المؤتمر اليوم يزيح هذا الإحساس بتوكيد أن الخدمة الوطنية هذه يخضع لها الجميع بذات الشروط المكانية والزمانية والنقدية.
ولا يظن ظان أني أتحدث لأني بمنجاة منها بالعمر والأداء، فإن أبنائي يسير بهم الزمان إليها راجيا أن تكون لهم استزادة في حب الوطن والشعور بغلاوته، فإن غلاة الضجرين يسبونه بما تندي له المثل في عقوق لا يفسر لما يربطونه بأفراد.. هذا وطن أدنى مكارمه أنا فيه نكتمل…
أيها المؤتمرون اليوم ليتكم كلكم تكونون كزميل لكم اسمه حسن أحمد محمد علي من فتيح العقليين مضى إلى الله قبل ثلاث سنوات شهيدا في حادث مروري، كان وجوده في الخدمة الوطنية يعطي لكل من عرفه أنها مؤسسة لا فيها شق لا طق، فالمثال يتحقق بالقادة والأفعال أكثر من الأقوال..
وفقكم الله وسدد خطاكم