هيثم صديق

حكمة والله وحكاية

1
في سوق جبل أولياء ذات مرة كنا في رحلة لصيد السمك لما غشيت بائع لالوب لأشتري منه، واللالوب هذا يغفل عنه الناس ففوائده الطبية لا تحصى أدناها أنه يقلل نسبة السكر في الدم وذاك بحسب دراسة قرأتها في مجلة (طبيبك الخاص) قبل سنوات بعيدة وكان اللالوب فاكهتنا الجميلة مع النبق وتلك عادة غذائية لسكان شاطئ تجمع مياه المطر..
البائع في سوق جبل أولياء كيّل لي بالثقيل وأنا قد مددت له قروشا معدودة فلما استفهمته عن سر هذا الإغداق ربما ظنا مني أنه سينزل مرشحا وهذا الكرم لا صوت له كما يفعل المرشحون في الدوائر.. البائع قال لي: “يا ولدي البيع (المتهاود) قالوا صدقة الخفاء”.. يا الله لقد أعطاني درسا بعيد الغور ووهبني حكمة لم أجدها في كتاب.. بمعنى أنك إذا أعطيت متعففا بقرش ما قيمته جنيه تصدقت عليه بدون أن تجرحه.. وذاك ما يحب أن يفعله الاشتراكيون ولكنهم تباطأوا لعشرات السنوات حتى يحكموا ويطبقوا.. وذاك ما نادى به الإسلاميون وعملوا به حتى تركوه بطول العهد أو نقضه أيهما أقرب..
البيع المتهاود هو صدقة الخفاء يا من يطففون الميزان ويغوون النسوان.. من الذي سيغوي الأرامل سوى الذي سيؤول إليه خراج المدينة؟
2
وخالنا قسم الله أعطاني الحكمة الثانية.. كانت هناك مشكلة عائلية وأراد البعض الاستعانة بالشرطة فصاح هو: (البتحل باليد ما بحلوه بالسنون) أي لا تمد الأسنان إلا للمعقد جدا. وانتهت المشكلة بالحل اليدوي.. لكن الحل بالأسنان لجأ إليه من ترك الحل الساهل وطفق يسوّف ويتلكأ.. وقيسوا.
3
والحكومة كانت قد أتت ببيت خبرة سويدي لحل مشكلة سيول البطانة المندفعة للقاء النيل فتهد وتهدم وتشرد.. السويديون ذهبوا إلى كبار السن.. اكتشفنا أن كبار السن يتحدثون لغة استوكهولم لا لغو الخرطوم.. رغم المثل الما عندو كبير يشتري لبه كبير.
4
رحم الله عمر وبن عمر.. لما رأى الخليفة العادل إبلا مكتنزة وعرف أنها لابنه أمر ببيعها.. تركها الناس تأكل لأنها إبل ابن الأمير. هذه هدية لمأمون حميدة.. لا نطالبه ببيع الزيتونة ولكن فليشترِ مستشفى الخرطوم.