مواطن حاوٍ وسياسي هاوٍ
وهذه هي ثنائية الحال في بلاد يعاني الأمرين إنسانها.. لقد أصبح الوضع الاقتصادي لا يطاق وانهارت مقاومة الكثيرين بعد زمان من التعفف وربط البطون و(تندنقر) العيون.
كسدت الأسواق وبهتت الأشواق وأصبح تمني الحد الأدنى من المعيشة هو حلم الغالبية من أبناء الشعب السوداني مع دعاء أثير ملح (اللهم داري الفقر بالعافية).
أصبحت الماهية تذوب في اليدين ساعة استلامها لتقف ثلاثين يوما تنتظر الناس، وهي (غازة) يدها في وسطها متحدية.
وأدناه رسالة من أحد المواطنين مدها لي وانصرف بدون أن ينتظرني لكي أقرأها ربما مخافة أن أمد يدي وأعطيه شيئا كما يظن أني سأظن أنه يطلب معونة.. ولم يطلب مني نشرها، وأن أظن أنه أتى بها لذلك لعدم سابق معرفتي به.
(السلام عليكم)
أنا أعمل في حفظ النظام في أحد المستشفيات براتب لا يتجاوز الستمائة جنيه مع العلم بأني متزوج ولي ثلاثة أطفال يدرس منهم اثنان في المدرسة ويحملان خمسة جنيهات في اليوم.. و..)
باقي الرسالة يشترك فيه الملايين لما أصبحت العملة الحديدية هي ما تبقي لهم ليأكلوها..
لقد ارتفعت الأسعار ارتفاعا جنونيا وأصبحت المعيشة قطعة من النار لا يمسك بها إلا باك ومضطر..
فما الحل في رأي ساستنا الذين لم يستطيعوا إلجام الدولار ولا أيدي البعض من أموال الناس.
ترى ماذا يظن مسكين تمنع عنه المعونة بفتات لكي يستطيع علاج فتاة وبعض الدوائر المتغطية بغطاء ديني تدور حولها شبهات الثراء الحرام.
قديما كنا نرى الفول والبلح أمام المسؤولين في ادعاء الزهد حتى أصبح عليهم وعلينا زمان تبدلت العجوة والنجوى.
يريد الناس سياسيين محترفين ومحترمين عوضا عن الهواة الذي زادوا الهوة ما بين الشعب والسترة.
لا حديث يعلو على حديث الوضع الاقتصادي المأزوم الذي تعيشه البلاد الآن مع هلع بائن من قادم ربما كان أسوأ وشح المطر يهدد بفقدان الثروة الحيوانية.. ويبلع الناس الحناظل وهم يسمعون عن انضمام فصيل وانسلاخ فصيل وتناسل الحركات والأحزاب، هو سبب عقم هذه البلاد من إنجاب حل حقيقي يملأ البطون ويعطي عشما لشباب أن سيجد وظيفة عوضا عن التفكير في كسب غير مشروع أو وجود مشروع مدعوم بتمويل أصغر لا يطالبك من يريد منحه لك بأكثر من مطلب الآباء الرافضين لتزويج بناتهم لمن لا يريدون.
* من أرشيف الكاتب