هيثم صديق

مسابقة رمضان


لو تناول المرء ـ مثلا ـ ظاهرة واحدة مثل ظاهرة الإنفاق المبدد لوجد هذا الإنفاق تمارسه وتمكن له الطبقات والقيادات نفسها التي تتحدث عن التنمية والعدالة الاجتماعية والتحول الاشتراكي. ولن يحتاج المرء إلى أكثر من النظر إلى إحصائيات التجارة الخارجية التي تصدرها وزارة التجارة السودانية. لن يحتاج المرء لأكثر من النظر إلى هذه الإحصائيات ليدرك صدق ما أقول. ولتنظر معي إلى هذه الأرقام التي تنقل صورة منتقاة من إحصائيات التجارة الخارجية في الأشهر الخمسة الأولى من عام 1965 في خلال هذه الفترة بلغت قيمة ما يستورده السودان من التبغ والمشروبات 391-315 جنيها يقابلها 673-690 جنيها لاستيراد الأدوية والمنتجات الصيدلية وبلغت قيمة ما يستورده السودان من سيارات النقل المشترك 170-568 جنيها يقابلها 344-064 للسيارات الخاصة وبلغ قيمة ما يستورده السودان من الآلات الزراعية (وهذا يشمل آلات تحضير التربة والحصاد والجرارات وصناعة الألبان) 267-584 جنيها يقابلها 555-337 لاستيراد الفواكه من أمريكا والملايو والمربى من إيطاليا وبلجيكا والدنمارك وبولندا والبطاطس من هولندا وألمانيا وقبرص وإيطاليا وهذا عدا 11.609 جنيها لاستيراد البسكويت. نعم البسكويت! تالله لقد ظلم مدرسو التاريخ في مدارس السودان ماري أنطوانيت ظلما فادحا وفي ديارهم ماريات كثر.. وينتقل المرء إلى الأشهر الخمسة الأولى في عام 1966 ليجد أن قيمة ما يستورد من التبغ والمشروبات خلال هذه الفترة 230-813 جنيها وانخفضت قيمة ما استورد من الأدوية والمنتجات الطبية إلى 572-307 جنيها وبلغت قيمة ما استورد من العطور ومستحضرات التجميل 140-814 جنيها.
وما استورد من الخضروات والفواكه 335-336 جنيها بجانبها 280 -672 لمنتجات الألبان وما استورد من السيارات الخاصة بلغت قيمته 433-669 جنيها مقابل 56-497 جنيها لوسائل النقل المشترك
أما البسكويت وحرصا علي جلب السعادة لشعب ماري انطوانيت هذا فقد ذهبنا لاستيراده من هولندا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا والدنمارك وهنغاريا واستراليا والـ.. صين.
…….
اعلاه من مقالات للدكتور منصور خالد جمعها في كتابه حوار مع الصفوة الذي حوى متناقضات مابين الحقب في السودان وما بين مواقفه هو شخشيا ولكن. ما يتضح من المنشور أعلاه أننا أمة مستهلكة إن رضي عنا الغرب أو زعل.. الفرق مابين 1965 و2016. في قيمة الجنيه فقط وفي تصدر الصين لمستورداتنا.. وفي غياب المشروبات الروحية.. لأكثر من خمسين عاما لم ننفك من عقدة الكماليات والهتش.. لذلك نجوع ونشعر بالعطش.