عالمية

انتهى عصر الانقلابات.. مظاهرة مليونية في إسطنبول تجمع أردوغان وأحزاب المعارضة على منصة واحدة لأول مرة

احتشد أكثر من مليون تركي في مدينة اسطنبول الأحد 7 أغسطس/ آب 2016 استجابة لدعوة أطلقها الرئيس رجب طيب أردوغان للتنديد بمحاولة الانقلاب الفاشلة.

ويتوج “تجمع الديمقراطية والشهداء” في منطقة يني قابي على الطرف الجنوبي من المنطقة التاريخية في اسطنبول ثلاثة أسابيع من المظاهرات الليلية التي نظمها أتراك في ميادين بأنحاء مختلفة من البلاد.

وصعد كل من أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم، ورئيس البرلمان إسماعيل قهرمان، وزعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال قليجدار أوغلو، وزعيم حزب الحركة القومية المعارض دولت باهجة لي، إضافة إلى رئيس وزراء جمهورية شمال قبرص التركية حسين أوزغور غون، إلى منصة التجمع، وحيّيوا الجماهير المحتشدة بالميدان التي ردت عليهم بالمثل، وسط ترديد هتافات وطنية.

وتعد هذه المرة الأولى التي يلتقي فيها الرئيس أردوغان مع رؤساء أحزاب المعارضة في منصة واحدة والتوجه للجماهير.

وتعكس هذه المظاهرة مؤشرات على انتهاء الخطر الذي حدق بالبلاد خلال وعقب محاولة الانقلاب، ورسالة من الحكومة للشعب التركي في أن خطر الانقلابيين قد زال، لا سيما وأن رئيس الجمهورية وكبار المسؤولين في البلاد تجمعوا في مكان واحد.

الانقلابات انتهت

الكاتب والمحلل السياسي محمد زاهد غل قال في تصريحات لـ”هافينغتون بوست عربي” إن “هذه المظاهرة الكبيرة التي تجمع أطياف الشعب التركي تؤكد أن حقبة الانقلابات في تركيا انتهت، وأن الشعب يقف مع الديمقراطية”.

وأضاف غل أن المظاهرة تحمل أيضاً رسالة قوية للخارج قبل الداخل، مشيراً إلى الموقف الضعيف الذي اتخذته الدول الغربية حيال محاولة الانقلاب ضد الحكومة.

واعتبر الكاتب التركي الأتراك على اختلاف توجهاتهم في مظاهرة “يني قابي” تعكس رضا في الشارع التركي عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.

تنديد بجماعة غولن

وشن رئيس حزب “الحركة القومية” دولت بهتشلي هجوماً لاذعاً على تنظيم فتح الله غولن (الكيان الموازي) الذي تقول الحكومة إنه يقف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة.

وقال بهتشلي إن “تنظيم غولن الخائن استهدف وحدتنا وديمقراطيتنا لكن جميع أطياف الشعب قالوا لا لهذه المحاولة الفاشلة”. مضيفاً: “زعيم هذا التنظيم الخائن أعطى الأوامر لبدء هذا الانقلاب من بنسلفانيا”.

واعتبر بهتشلي أن غولن أراد استهداف الشعب التركي لأن وحدته كانت تزعجه، واتهم التنظيم بـ”استغلال الدين الإسلامي والتحالف مع الإرهاب لحياكة المؤامرات”.

وأضاف: “لا توجد وسيلة للتخلص من عناصر منظمة الكيان الموازي وأسيادهم الذين استشروا كالسرطان في الدولة سوى تطهيرها منهم”.

وانتقد رئيس الحزب المعارض اختلاق الولايات المتحدة الأعذار لعدم تسليم غولن للسلطات التركية.

وفي إشارته إلى العناصر الذي نفذوا محاولة الانقلاب، وصفهم بهتشلي بـ الظالمين، وقال إنهم “لبسوا لباس القوات المسلحة التركية واستخدموا أموال الشعب لقصفنا وتوجيه الرصاص لشعبنا”.

الانقلاب الأسوأ

ومن جانبه، هاجم رئيس حزب “الشعب الجمهوري” كليجدار أوغلو تنظيم غولن، وقال في إشارة إلى زعيمه: “يجب أن لا يحصل القضاة على الأوامر من شخص موجود في بنسلفانيا، يجب أن يكون السلك القضائي حرا نزيها”.

وقال أوغلو إن المحاولة الانقلابية التي شهدتها البلاد هي أسوأ محاولة انقلابية تعرضت لها تركيا، معتبراً أن ما جرى فتح “باباً جيداً لحلول الوسط السياسية”.

ودعا أوغلو إلى المحافظة على النظام البرلماني التركي الموجود منذ 150 عاماً، وأضاف: “شرذمة من القوات العسكرية استهدفوا تركيا بأجمعها وقصفوا البرلمان وأحيي رئيس البرلمان وزملاؤه الذين صمدوا في البرلمان رغم القصف”.

وشدد رئيس أكبر الأحزاب المعارضة في تركيا على ضرورة الحفاظ على علمانية الدولة، وقال: “في 15 تموز استغلوا ديننا لتنفيذ مؤامرتهم، ورداً على ذلك ندعو إلى العلمانية التي تحترم كل الأديان”.

محاسبة غولن

وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمام إن غولن المقيم في الولايات المتحدة ستتم إعادته إلى تركيا ليدفع ثمن المحاولة الانقلابية التي تتهمه الحكومة بتدبيرها.

وقال يلدريم “ولتعلموا جميعا أن زعيم الجماعة الإرهابية سيعود إلى تركيا ويدفع ثمن ما اقترفه.”

لكنه أضاف أن السلطات لن تتحرك بدافع الانتقام بل ستتخذ إجراءات في إطار القانون كما فعلت لدى تعقب المسؤولين عن تنفيذ المحاولة الانقلابية في منتصف يوليو تموز.

مشاركة ضخمة

وأظهرت صور التقطت من منطقة “يني كابي” في إسطنبول حشوداً هائلة للمواطنين الأتراك الذين رفع بعضهم لافتات مؤيدة للرئيس التركي، ومن بينها “أنت نعمة من الله يا أردوغان” و”مرنا أن نموت وسنفعل”.

وقال حاجي محمد خليل أوغلو (46 عاما) وهو موظف حكومي سافر من بلدة أوردو على البحر الأسود للمشاركة في الحشد “نحن هنا لنظهر أن هذه الأعلام لن تنكس وأذان الصلاة لن يتوقف وبلدنا لن يقسم.”

وأضاف: “هذا أمر تجاوز السياسة بمراحل. هذا إما الحرية أو الموت.”

وأفادت وسائل الإعلام التركية أنه تم توزيع نحو مليونين ونصف مليون علم إضافة إلى ثلاثة ملايين زجاجة ماء، لمساعدة المشاركين في تحمل الحرارة المرتفعة.\

كما أن كل وسائل النقل كانت مجانية الأحد لنقل الراغبين بالمشاركة في التجمع.

وكان أردوغان قد دعا زعماء المعارضة العلمانية والقومية الذين دعموا الحكومة ونددوا بالانقلاب إلى إلقاء كلمة أمام الحشود في مشهد يأمل أن يصور أمة موحدة تتحدى الانتقادات الغربية.

هافغنتون بوست