وللقطط قرية..!
منذ القدم كان للحيوانات مكانة خاصة في حياة البشر، وجميع الأديان والشرائع السماوية والحضارات الإنسانية على مر التاريخ حثت على الرفق بالحيوانات ومعاملتها بحب ورحمة.
وعلى مر التاريخ انتشرت قصص التفاعل والتقارب بين الإنسان والحيوان، في الكتب المقدسة وكتب التاريخ، فضلا عن التقارير الإعلامية والأفلام السينمائية.
لكنَ مدينة أنطاليا جنوبي الأناضول، شهدت حادثة هي الأولى من نوعها في عموم تركيا، حيث قطن فيها الزوجان محمد و موجغان أورهان، بعد أن وجدا فيها بيئة مناسبة لتحقيق حلمهما الوليد.
تبدأ قصة حب محمد وزوجته موجغان للحيوانات منذ طفولتيهما، وحتى بعد زواجهما راحت الأفكار تراودهما في مدينة إسطنبول، من أجل انجاز عمل يخدم البيئة ويوفر وسط آمن لقطط الشوراع.
عاش الزوجان في إسطنبول، منتظرين اليوم الذي سينفذان فيه حلمهما، إلى أن شاهدا الفيلم التركي “فيلسوف المزرعة”، الذي شكَل نقطة فارقة في حياتيهما.
الفيلم الذي يسرد قصة شخص سئم حياة المدينة والأماكن المزدحمة، فيترك وراءه كل شيء ويتجه إلى الطبيعة، دفع الزوجين إلى بيع سيارتهما، والسفر إلى الجنوب وتحديدا إلى بلدة “قونية ألتي” في ولاية أنطاليا، حيث استأجرا قطعة أرض على مساحة دونمين كاملين.
راح محمد و موجغان يجمعان قطط الشوارع التي ضلت طريقها، والتي تبحث عن الدفأ والطعام والشراب، وبدءا في شراء بعض الأخشاب والمستلزمات لنصب بيوت أطلقوا عليها اسم “فيلات” و أحواض مياه، فضلا عن مرافق وألعاب أخرى.
وفي لقاء مع “الأناضول”، سرد أورهان الخطوات التي نفذها من أجل تحقيق حلم بناء ما أسماه بـ”قرية القطط”.
يقول أورهان: “بدأنا على مدار عامين كاملين بعد انتقالي من إسطنبول، في توزيع الأطعمة والمياه في صناديق صغيرة كل يوم على جانبي الطرق وفي أماكن تجمع القطط”.
وتابع: “شعرنا في المرحلة التالية إلى حاجتنا إلى بناء يجمع داخله كافة محبي الحيوانات الأليفة، وينظم أعمالهم، ما سيعود بالنفع على الحيوانات بشكل مباشر”.
وأضاف، “أسسنا بالتعاون مع عدد كبير من محبي الحيوانات، جمعية حماية ورعاية حيوانات الشوارع في أنطاليا، وبدأنا تحت سقف الجمعية تطبيق حلمنا في انشاء أول تجمع خاص لرعاية القطط في البلاد”.
وعن الأيام الأولى للمشروع، أوضح أورهان أنه فكرته جذبت عشرات من المتطوعين، عقب ترويجه لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تلت ذلك مرحلة تجهيز أرضية الموقع وإزالة الأحجار والعوائق الطبيعية منه، فضلا عن تشييد عدة بيوت صغيرة للقطط.
وأضاف قائلا: “بعد انهاء استعدادتنا وتجهيزالموقع بوسائل تدفئة، بدأنا في جلب القطط إلى قريتنا واحدة تلو الأخرى، إلى أن تجاوزت أعدادها حاليا 100 قطة”.
وعن نظرة المجتمع لمشروعه، أكد أورهان أن قرية القطط لقيت اهتماما وتعاطفا كبيرين من قبل الأهالي، لدرجة أن كثيرين راحوا يرسلون مبالغ مالية كبيرة، دعما للمشروع.
ولفت أورهان أنه لم يقبل أي دعم مالي مباشر، وأنه طالب الداعمين بزيارة المشروع وتنفيذ دعمهم بأيديهم على الأرض.
وأضاف قائلا: “عندما نحتاج إلى أطلية أو أطعمة أو أي مستلزمات أخرى، أنشر الطلبات على حساباتنا في مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الفور يأتينا كثير من المتطوعين من ولايات مختلفة، وننفذ بأيدنا كل ما نريد”.
وعن أنواع القطط التي تقنط في مكان مشروعه، أوضح أن غالبية قطط القرية جُمعت من الشوارع، إلى جانب أنواع أخرى مثل قطط “النرويج” و”وان” و”أنقرة”.
من جانبه، قالت فردا غولر أحد المتطوعات التي قدمت لزيارة القرية مع زوجها، “أتينا لطلاء بعض البيوت والمساعدة في قضاء بعض احتياجات القرية”.
وأضافت، “ننظم فعاليات في القرية باستمرار ونشوي اللحم، وأطعمة أخرى لنا وللقطط.
الأناضول